بعد سلسلة من الجرائم الصادمة.. خبراء: المواطن يحتاج إلى ما يثلج صدره

كتب: إبراهيم حسن

بعد سلسلة من الجرائم الصادمة.. خبراء: المواطن يحتاج إلى ما يثلج صدره

بعد سلسلة من الجرائم الصادمة.. خبراء: المواطن يحتاج إلى ما يثلج صدره

موجة من جرائم العنف الصادمة، هزت أصداءها أركان المجتمع، خلال الأيام الماضية، وخلفّت حالة من الرعب والخوف والاندهاش، من هول طبيعتها القاسية والمخالفة ليس فقط لقيم المجتمع المصري الأصيلة، وإنما لنواميس البشرية كلها.

كان آخر هذه الجرائم عندما عُثر، أول أمس، على خمس جثث متحللة لأب وأبناءه الأربعة، مقتولين داخل عقار بقرية الرملة التابعة لمدينة بنها بالقليوبية، حيث تناثرت أقاويل عن ضلوع الأم في الجريمة، ما يذكّر بجريمة "قاتل طفليه" الشهيرة، والتي دارت أحداثها في قرية ميت سلسيل بالدقهلية، قبل أيام.

وبالتوازي مع موجة الجرائم تلك، تصاعدت موجة أخرى على وسائل التواصل الاجتماعي، هي وضع سيناريوهات وتحليلات للجرائم، ونشرها كحقائق ثابتة وكأنها صادرة عن أكثر أساتذة العلوم الجنائية خبرة، الأمر الذي وصل بالبعض إلى ربط الجرائم التي وقعت في محافظات مختلفة وتوقيتات مختلفة ببعضها.

فمثلًا نشرت إحدى المعلقات منشورًا طويلًا مليئًا بسيناريوهات مؤامرة خيالية بعنوان "علاقة جريمة الرحاب بقتل طفلي ميت سلسيل"، وذلك بالرغم من اعترافات المتهمين في كلتا الجريمتين، وثبوت الدلائل ضدهما.

وعلق أحد سكان قرية ميت سلسيل، اليوم: "أتمني أن الإعلام ميستغلش الحادثة علشان يغطوا على حادثة ميت سلسيل"، مستخدمًا هاشتاج "محمود نظمي بريء"، في إشارة للأب قاتل طفليه بالدقهلية.

التعليقين السابقين كانا اثنين من آلاف التعليقات، التي غزت مواقع التواصل الاجتماعي بعد جريمة بنها، أمس واليوم، وتغزوها بعد كل جريمة، تضع فرضيات وسيناريوهات وتحليلات دون دراية، ما يتسبب في تحريك الرأي العام في اتجاهات عشوائية، وقد يؤدي إلى التأثير على سير التحقيقات في بعض الحالات، بحسب ما أكدت عليه سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، في حديثها مع "الوطن".

وأكدت خضر أن الطبيعة الصادمة للجرائم الأخيرة تبرر هذه الظاهرة، موضحةً أن الجماهير تحتاج إلى ما يثلج صدورها ويهدئ من روعها، ما يضطرهم إلى وضع تفسيرات وتحليلات قد تبدو لهم منطقية، دون الاستناد إلى أي خبرة أو دلائل.

وأشارت خضر إلى أن "الطبيعة الشبابية الطاغية على المجتمع هي السر خلف هذه الظاهرة، حيث أن نسبة الشباب في المجتمع تتعدى الـ60%، تستخدم الغالبية العظمى منهم وسائل التواصل الاجتماعي، إذ يتسم هؤلاء الشباب بالاندفاع والانطلاق والعجلة، ما يدفعهم إلى وضع سيناريوهات وفرضيات ظانين أنهم بذلك يكشفون الحقائق، على عكس كبار السن الذي يتصفون بالحكمة والتروي، والاحتكام إلى ذوي الخبرة".

ولفتت أستاذ علم الاجتماع إلى ضرورة الاهتمام بالتنمية الثقافية والأدبية، والتي لا تقل أهمية عن التنمية الاقتصادية، موضحةً أن الشباب الآن في أمس الحاجة إلى تغذية وجدانهم بالوعي والقيم الأخلاقية والفكرية، والتي ضاعت وسط التسارع الرهيب الذي يتفاعلون به على وسائل التواصل الاجتماعي.

من جانبه، فسّر الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، هذه الظاهرة بأن بعض الأفراد يجدون سعادة في نشر السلبيات وتضخيمها، ووضع التحليلات والتفسيرات حولها، حيث يعتقدون أن وجودهم وسط هذه الأحداث ومشاركتهم فيها ولو بالقول والتفسير قد يضفي عليهم هالة من الأهمية والتأثير في المجتمع.

وأضاف فرويز، أن الفراغ أولًا وغياب الوعي والثقافة ثانيًا، هما السر وراء هذه الظاهرة، فلو انشغل كل واحد بعمله، وكان على قدر من الوعي يدرك من خلاله أهمية الخبرة والتخصص في الحكم على الأحداث، لما "شاهدنا مثل هذه التحليلات".

ولفت فرويز إلى ضرورة أن يعيي المصريون ثقافة نبذ الصور السلبية وإهمالها، ونشر الإيجابيات والاهتمام بها، ما قد يحدث فارقًا كبيرًا في تحسين الحالة النفسية للأفراد وللمجتمع ككل، وهي أساس التقدم والنهوض بالدولة والمجتمع.


مواضيع متعلقة