أقدم ليبى فى المنيا: عشت النكسة وانتصارات أكتوبر وتعلمت الحب من عبدالحليم وأم كلثوم.. وعايشين مع المصريين فى قرية واحدة

كتب: أحمد ماهر أبوالنصر

أقدم ليبى فى المنيا: عشت النكسة وانتصارات أكتوبر وتعلمت الحب من عبدالحليم وأم كلثوم.. وعايشين مع المصريين فى قرية واحدة

أقدم ليبى فى المنيا: عشت النكسة وانتصارات أكتوبر وتعلمت الحب من عبدالحليم وأم كلثوم.. وعايشين مع المصريين فى قرية واحدة

«مصر مش مجرد بلد بنعيش فيه لكنه وطن حقيقى بتجمعنا به ذكريات من أيام الطفولة ولا نشعر بغربة بين الأشقاء المصريين وتجمعنا بهم صدقات قوية وعايشين سوا فى قرية واحدة».. بهذه الكلمات بدأ الشيخ عدلى على، ٦٣ سنة، يعيش بمحافظة المنيا، كلامه، وأوضح أنه قضى شبابه فى مصر، لأنه أقدم الليبيين الموجودين على أرض الكنانة، بحسب قوله، حيث يعيش بين محافظاتها منذ أكثر من 50 سنة.

«فجأة لقيت طائرتين لونهم أسود فوق المدرسة واحدة منهم وقعت والتانية ملقيناش لها أثر»، يروى الشيخ الليبى جزءاً من ذكرياته عن حرب أكتوبر حيث كان صغير السن وقتها، ولم يتجاوز عامه الخامس عشر، حينما رأى طائرتين فى سماء المنيا وفجأة سقطت واحدة واختفت الأخرى، وعرف بعد ذلك أن سلاح الجو المصرى أسقط المقاتلة الإسرائيلية فيما تمكنت الأخرى من الهرب: «كنت فخوراً بما فعله الجيش المصرى بالإسرائيليين».

يرجع العجوز الليبى بذاكرته لأيامه الأولى فى مصر: «بحُكم إنى موجود هنا من صغرى فده خلانى أعاصر فترات مصر الحديثة، حضرت النكسة وكنت طفلاً لا أفقه أى شىء وبرغم كده كنت حاسس بالانكسار، عشت فرحة نصر أكتوبر، وفرحت أكتر من المصريين، لأنه بتربطنى بمصر علاقات قوية، مراتى مصرية وأولادى كلهم مصريين».

{long_qoute_1}

وأضاف «الشيخ» أن هناك فروقاً شاسعة بين العادات والتقاليد حالياً وبين ما كان يحدث فى السبعينات والثمانينات، وعلى سبيل المثال اختلف نظام بناء المنازل، الذى كان فى الماضى عبارة عن «خيمة» لكل أسرة مجهزة لاستقبال الضيوف، وتتكون من «مساند وقعدة عربى وبعض قطع السجاد ذات الألوان المختلفة».

بعد بناء الخيمة يتم بناء حجرة صغيرة من الطوب اللبن، عبارة عن طمى مخلوط برمال، ويوضع فى قالب ويترك ليجف، ويكون صلباً ويستخدم بعد ذلك فى البناء ويتم عمل «طوف» بهذا الطوب المخلوط ويترك فترة حتى يصبح متماسكاً وصلباً، ويتم تقوية هذا «الطوف» ببناء «طوف» آخر، حتى يعمل على عزل ما بداخل الحجرة عمّا بخارجها من حرارة، حيث تقل حرارة الغرفة بفعل هذا «الطوف» 10 درجات مئوية عن الخارج، حسب «عدلى».

«الخيش كان رمز لاستقبال الضيوف».. قالها «عدلى» للإشارة إلى أهم ما يميز طقوس الليبيين فى استقبال الضيوف، التى عادة ما تكون داخل الخيمة ويتم فرش الخيش الذى يوحى بحفاوة الاستقبال، ويجلس الطرفان معاً على الأرض، حيث لا توجد كراسى خشبية فى الخيام، وعادة ما تكون هذه الخيام فى الصحراء وذلك لأنها مريحة بالنسبة للبدو حيث اعتادوا على التأقلم مع الأجواء القاسية فى الصحارى.

«الضيف لو عزيز أوى بنشرّبه شاى 3 مرات»، كما أن الشاى الأحمر الليبى ذا المذاق المميز له طقوس خاصة، بحسب «عدلى»، حيث إن من كرم الاستقبال هو شرب الشاى ثلاث مرات متتالية بدون تغيير أوراق الشاى، وهذا الأمر ظل منتشراً لفترة طويلة قبل أن تتغير الأوضاع وتتوارى العادات، حيث قل تمسك الأجيال الجديدة بعادات آبائهم وأجدادهم. «كان فيه صحة وماكانش فيه أمراض خطيرة زى اليومين دول وشرب المياه كان من الآبار بدون أن يتم تنقيتها».

{long_qoute_2}

ويكمل كلامه موضحاً أن المياه لم تكن لها محطات تنقية فشرب الماء يكون من الآبار مباشرة ومن المياه الجوفية، وكان المشروب الأساسى هو اللبن بجانب البلح، ولم تكن هناك مصادر إنارة سوى «القيّادة» وهى عبارة عن حطب وبعض الأخشاب الجافة سريعة الاشتعال، كما أن قضاء الحاجة كان دائماً فى الخلاء، فلم يكن هناك بيوت للراحة، فالصحراء الواسعة كانت بمثابة حمام مفتوح لنا.

ويواصل عدلى على، أقدم ليبى فى مصر، حديثه، موضحاً أن المهنة الأساسية سابقاً كانت رعى الأغنام حيث إنها مهنة البدو الأولى، ولكن الآن تغيرت الأوضاع ويعمل بالزراعة: «بنربى الماعز وبناكل الجبنة القديمة وبنزرع قمح وحياتنا اتغيرت من راعى أغنام إلى مُزارع».

ويضيف «الستينى» أنه قرر مواكبة العصر، تلبية لرغبة أحفاده: «قررت أبقى زى الناس فبنيت بيت وعملت فيه قعدة عربى وسجاد ودهنت الحائط بلاستيك واتمدنت، لكن للأسف مش لاقى راحتى وحاسس إنى بقيت غريب».

وتابع: «مفيش شك إن حياتنا فى مصر اتغيرت، عرفنا ثقافتها، وتعلمنا الحب من صوت عبدالحليم وعشقنا أم كلثوم، وعرفنا مطربين زمان وعشقنا أغنياتهم وقلبنا دق على صوت العندليب، وطبعا بكينا على صوت شريفة فاضل، وعرفنا الرومانسية على يد عمر الشريف وفاتن حمامة، وضحكت من قلبى على أفلام إسماعيل يس».


مواضيع متعلقة