خبراء: ضعف المحتوى والوضع الاقتصادي وبُعدها عن قضايا الشارع وراء تراجع الصحف الحزبية

كتب: محمد حامد

خبراء: ضعف المحتوى والوضع الاقتصادي وبُعدها عن قضايا الشارع وراء تراجع الصحف الحزبية

خبراء: ضعف المحتوى والوضع الاقتصادي وبُعدها عن قضايا الشارع وراء تراجع الصحف الحزبية

أكد عدد من خبراء الإعلام، أن سبب تراجع الصحف الحزبية يرجع إلى أنها أصبحت لا تقدم محتوى يهتم بقضايا الشارع ما ترتب عليه فقدانها لمصداقيتها، وضعف الحياة الحزبية وتلون صحفها مع كل مرحلة سياسية لتسايرها فضلًا عن الوضع الاقتصادي المتردي، وظهور الصحافة الخاصة.

وقال الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، إن الصحافة في مصر تعاني بشكل عام وليست الصحف الحزبية فقط، والسبب الرئيسي هو افتقاد هذه الصحف للمصداقية، ونمطية المحتوى الصحفي، فضلًا عن وضع اقتصادي صعب، مؤكدًا أن مشاكل الأحزاب أثرت أيضًا على الصحف التي تصدر عنها بجانب ظهور الصحف الخاصة، مضيفًا أن الصحف الحزبية كانت فترة ازدهارها وانتشارها لأنها كانت تقدم محتوى يهتم بقضايا الشارع والمواطن في الوقت التي كانت تصدر فيه الصحف القومية مؤيدة تماما للنظام، ولكن تحولت الصحف الحزبية وأصبحت تطوع نفسها مع كل مرحلة سياسية لتسايرها وتحولت تقريبا إلى التأييد الكامل لهم هذا الوضع أفقدها مصداقيتها.

وعلقت الدكتورة ليلى عبدالمجيد، عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة الأسبق، إن الصحف الحزبية تعاني من أزمة في كل دول العالم، والشعوب في الدول الكبرى بأوروبا ولم تعد أكثر ميلًا لقراءة هذا النوع من الصحف وتفضل الاطلاع على القنوات والصحف الخاصة العالمية، مبينة أن ضعف الأحزاب وتراجعها أثر بشكل كبير على توزيع هذه الصحف، لافتة إلى أن الأحزاب التي تمتلك صحف الآن لا تقوم بفاعليات وأنشطة، وبنيتها التنظيمية ضعيفة وهو الأمر الذي أثر عليها بالسلب وجعلت المواطن لا يهتم أن يقرأها، مؤكدة أن حزبي الوفد والتجمع عندما كانا في قمتهما كانا يوزعان عشرات الآلاف من جريدتي الوفد والأهالي.

{long_qoute_1}

وتابعت «عبدالمجيد»، أن هناك أسباب أخرى متعلقة بالتمويل، حيث إن الأحزاب ليس لديها مصادر متنوعة للتمويل ولهذا فأغلبها أصبح غير قادر على الإنفاق على أسعار الطباعة التي تتزايد بشكل مستمر وغير قادر على دفع رواتب العاملين، متهمة بعض رؤساء الأحزاب وكوادرها بالتحكم في الصحيفة وتخصيص عمود وصفحات لهم، بالرغم من أن أغلبهم لا يكتبون بشكل جيد ويخطئون في الإملاء وليس لديهم موهبة الكتابة، فضلا عن قيام بعض الصحف الحزبية بالحصول على أموال من الشباب الصحفيين لتلحقهم بالنقابة، وبعد ذلك يغلقون الصحيفة ويفتحون أخرى، لافتة إلى أن بعضها كان يفصل الصحفيين بعد تعيينهم ويقطع عنهم بدل النقابة، مشيرة إلى أن هذه الممارسات أثرت بشكل سلبي على الصحف الحزبية، واستمرار الصحيفة الحزبية كأحد الأذرع الاعلامية للأحزاب أمر صعب للغاية وربما يكون هناك حل آخر يتمثل في أن تنشئ الأحزاب مواقع إلكترونية غير مكلفة بالنسبة للحزب.

وأوضح ياسر عبدالعزيز، خبير بمجال الإعلام، أن تجربة الصحافة الحزبية هي تجربة متناقضة مع المنظومة الإعلامية الرشيدة، كما عرفناها في المجتمعات المتقدمة في مجال الحريات، لافتًا إلى أن الدول الديمقراطية مثل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وألمانيا والدول الاسكندنافية، لا تعرف صحافة حزبية بالمعنى الذي عرفناه في مصر ولكن تعرف صحف قريبة من الأحزاب، مضيفًا أن فترة ازدهار الصحافة الحزبية لم يكن بها وثائق تعكس تنوعًا في المادة الصحفية، مقارنة بحال الصحافة الخاصة التي ظهرت في العقد الأخير من القرن الماضي، مؤكدًا أن ما يسمي بازدهار الصحف الحزبية لم يكن مؤسسًا على قواعد صناعة قابلة للاستدامة، مشيرًا إلى أن الإنترنت أصبح الآن له تأثير كبير على الصحف الورقية بشكل عام.

وتابع «عبدالعزيز» لـ«الوطن»، أن تراجع الصحافة المطبوعة يشمل الجميع وليس الصحف الحزبية فقط، في الماضي كنا نطبع من جميع الصحف في حدود 4 ملايين نسخة، والآن أصبحنا نطبع 400 ألف نسخة، مشيرًا إلى أن جزء من ازدهار الصحافة الحزبية في فترات سابقة كان يرجع لفاعلية الأحزاب نفسها التي يصدر عنها الحزب، وغابت الآن الأحزاب المصرية وأصبحت في أدنى قدراتها التأثيرية وتكاد فاعلية العمل الحزبي معدومة وهذا خصم من طاقة الصحافة الحزبية.

وأكد «عبدالعزيز»، أن الصحافة الحزبية مكون غير طبيعي في منظومة صحفية رشيدة استفادت من بعض الظروف الاستثنائية فعرفت ازدهارا وعندما زالت هذه الظروف أصبحت تواجه مصيرها المحتوم وهو الزوال، مستكملًا أنه من الأفضل ان يكون للأحزاب أدوات إعلامية قريبة منها، حيث إن ملكية أو مساهمة قيادات الأحزاب في جريدة أو موقع إلكتروني، أو قناة فضائية، سيكون أفضل من ان تكون الصحيفة الحزبية باسم الحزب. وعن خطورة تأثير هذه الأحزاب على مصداقية هذه الوسائل الإعلامية، قال «عبدالعزيز»، إن التعدد يقوّم الانحياز.


مواضيع متعلقة