بعد "قمة هلسنكي".. كيف ستصبح العلاقات الأمريكية الروسية؟

كتب: دينا عبدالخالق

بعد "قمة هلسنكي".. كيف ستصبح العلاقات الأمريكية الروسية؟

بعد "قمة هلسنكي".. كيف ستصبح العلاقات الأمريكية الروسية؟

شهدت العاصمة الفنلندية هلسنكي على مدى الأيام القلية الماضية، استعدادات مكثفة وضخمة لاستضافة القمة الأمريكية والروسية الأولى، بين الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب، والتي جذبت أنظار العالم أجمع، أمس، والتي تضمنت مظاهر من التقارب ونقاط أخرى خلافية.

وعكست القمة بداية تقارب شخصي بين الزعيمين، إذ مازح ترامب بوتين بغمزة، فيما أهدى الرئيس الروسي نظيره الأمريكي كرة قدم استخدمت في مونديال 2018، الذي عقد في موسكو، فضلا عن أن الرئيسان أعلنوا توصلهم إلى صيغة لبناء تفاهم مشترك حول الاستقرار الاستراتيجي وعدم انتشار الأسلحة النووية، والاتفاق حول استراتيجية موحدة بخصوص الأسلحة الاستراتيجية الهجومية، وتطوير البرامج الصاروخية، والتخلص من الصواريخ طويلة المدى، ومكافحة الإرهاب، ومستلزمات أمن إسرائيل، وفي الوقت نفسه، شهد اللقاء عدة نقاط خلافية، أبرزها أزمة جزيرة القرم، والاتفاق النووي الإيراني.

التدخل الروسي في الشئون الأمريكية، كان محور حديث أيضا بالقمة، حيث أوضح ترامب أن بوتين أكد له عدم التلاعب في الانتخابات الأميركية عام 2016، وإنه لا يرى سببا يدعو إلى تصديق أن روسيا تدخلت فيها فعلا، وهو ما أثار أزمة ضخمة بواشنطن واستياء عدد من الجمهوريين والديموقراطيين، ليتراجع الرئيس الأمريكي فورا عن ذلك الأمر، عبر حسابه بموقع "توتير"، حيث أكد ثقته الكبيرة بأجهزة الاستخبارات الأميركية، التي كانت تؤكد تدخل المخابرات الروسية، مضيفا: "إلا أنني، ومع ذلك، علي أيضا أن أدرك أنه لبناء مستقبل أفضل لا يمكننا على الدوام الاكتفاء بالتطلع إلى الماضي، وعلينا أن نتفق باعتبارنا الدولتين النوويتين الأكبر عالميا".

ولذلك أكد الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلاقات السياسية بالجامعة الأمريكية في القاهرة، أن القمة لن تسفر عن تغييرات في حقيقة العلاقات الأمريكية الروسية أو استراتيجية التعاون بينهم، كون أن الولايات المتحدة تعتبر دولة تسيطر بها مؤسسات وليس الأشخاص، ما يعني أن مواقف ترامب لن تؤثر على المواقف الأمريكية بشكل عام.

وفي هذا الشأن شدد فهمي، لـ"الوطن"، أن المخابرات الأمريكية ستفشل أي خطوات تحقق ذلك، في الفترة المقبلة، سواء بفك القيود على روسيا، أو تقديم ترامب تنازلات لصالح بوتين، متوقعا أن يتراجع الرئيس الأمريكي عن تصريحاته خلال الفترة القادمة وهو ما بدأ اليوم بتغريدته عن المخابرات الأمريكية.

بينما تحتاج الاتفاقيات التي توصل إليها الرئيسين إلى بعض الوقت لتنفيذها، بداية من الموافقة على عقد مجالس مشتركة للأمن والتعاون الثقافي وغيرهم، وفقا لأستاذ العلوم السياسية، مشيرا إلى أن قيمة اللقاء ترجع إلى نية التعاون المشترك بين الطرفين.

القمة تضمنت رسائل ضمنية أيضا، أبرزها نية ترامب الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، بالإضافة إلى تبرأته لنفسه بالتشكيك في روسيا وقوله إنه لا يعلم سبب الزج بها في الانتخابات الأمريكية.

شاركه في الرأي نفسه، السفير رخا حسن، نائب وزير الخارجية الأسبق، مؤكدا أن القمة لم تسفر عن توافق شامل، بينما في شكلها العام تعني بتحقيق رغبة أبداها ترامب خلال الانتخابات الرئاسية السابقة بإعجابه ببوتين وضرورة التعاون مع روسيا، مشددا على أن الاستراتيجيات والسياسات الأمريكية حالت دون ذلك، كونها دولة مؤسسات، ما يعني أن التقارب سيكون في علاقات معينة ولكن العلاقة ستظل "منافسة"، على حد وصف ترامب.

وأشار حسن إلى أن اللقاء تضمن بعض النقاط التي يمكن التوصل إلى اتفاق حولها على رأسها الأزمة السورية وضمان عدم التهديد لإسرائيل، بالإضافة إلى التعاون الاقتصادي والمنافسة في عدة أمور كالبترول والغاز، فضلا عن الأزمة الكورية التي تعتبر أحد مناطق الصراع الدولي منذ الحرب العالمية الثانية، فضلا عن عدد من النقاط الخلافية أيضا كجزيرة القرم والتسليح النووي والملف الإيراني، حيث انتقد بوتين علنا ترامب بانسحابه من الاتفاق النووي والتغييرات المناخية.

فيما يرى الدكتور سعيد اللاوندي، خبير العلاقات الدولية، أنه لا يمكن لأحد الجزم أن تلك القمة هي بداية للقاءات أخرى بين الزعيمين، بينما من المرجح أن تكون خطوة أولى للتقارب، ولكنها ستحتاج إلى وقتا طويلا.

وأكد اللاوندي أن القمة كانت هامة للغاية حيث ناقشت قضايا دولية هامة، سواء عن الملف السوي أو اليمني أو الفلسطيني أو جزيرة القرم، لافتا إلى أن تأكيد ترامب بعدم تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية أثار موجة من الانتقادات ضده بالولايات المتحدة ستضغط عليه خلال الفترة القادمة.


مواضيع متعلقة