مدير «القومى للبحوث الاجتماعية»: الإصلاح الاقتصادى ساهم فى تقليل الفروق بين الطبقات

كتب: محمد الدعدع

مدير «القومى للبحوث الاجتماعية»: الإصلاح الاقتصادى ساهم فى تقليل الفروق بين الطبقات

مدير «القومى للبحوث الاجتماعية»: الإصلاح الاقتصادى ساهم فى تقليل الفروق بين الطبقات

 قالت الدكتورة سعاد عبدالرحيم، مدير المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، إن الإصلاح الاقتصادى فى مصر أسس بشكل كبير للعدالة الاجتماعية، من خلال تقليله الفروق بين الطبقات والشرائح المجتمعية، كما أن مردود هذا الإصلاح بدا واضحاً فى تطوير العشوائيات كـ«الأسمرات» وتوفير الدعم النقدى لعدد من الأسر الأكثر احتياجاً من خلال برنامجى «تكافل وكرامة».

وأضافت «عبدالرحيم» فى حوارها لـ«الوطن» أن السنوات الأخيرة شهدت قفزات كبيرة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية والتأسيس لها فى مصر، وأن المردود قد لا يكون واضحاً فى الوقت الراهن، لكن بقدر من الصبر والتأنى سنجد أن المردود كبير خلال الفترة المقبلة، مشيرةً إلى أن المشكلة كانت فى أن المواطن اعتاد أن يحصل على كل شىء بشكل مدعم وشبه مجانى، لكن الدولة فى الوقت الراهن فى حالة لا يمكن معها بأى حال من الأحوال أن تستمر فى دعم الجميع، حتى تتمكن من تحقيق العدالة للأجيال المقبلة.

{long_qoute_1}

من واقع البحوث التى تُعدونها فى مركز البحوث الاجتماعية والجنائية، كيف ترين العدالة الاجتماعى كمفهوم؟

- العدالة الاجتماعية هى أن تُعطى كل ذى حق حقه، وليس من الضرورة أن يكون حقه كاملاً، خاصةً إذا كانت الموارد والإمكانيات لا تسمح بذلك، لكن ما أقصده هو التوزيع العادل دون إخلال، وأن يحصل كل شخص على الحد الأدنى من كافة الحقوق الأساسية بما يضمن له أن يعيش كمواطن صالح، كالحد الأدنى فى السكن والصحة والتعليم والعمل وغيرها من الحقوق التى تكفل للمواطن أن يعيش كإنسان، وتحفظ له آدميته، ومن الضرورى أيضاً أن يشعر بأنه مواطن بدون تصنيف، حتى لا تكون هناك مسميات كمواطن درجة ثانية، ومواطن درجة ثالثة، فينبغى أن تنتفى كل هذه التصنيفات فى ظل وجود العدالة الاجتماعية، فالعدالة الاجتماعى هى أن يحصل كل مواطن على قدر من حقوقه بشرط أن يؤدى ما عليه فى الوقت ذاته من واجبات تجاه المجتمع، ولا ينبغى النظر إلى العدالة الاجتماعية كفهوم باعتبارها شعارات جوفاء تُردد لتحقيق مطالب بعينها، فهى تتحقق مقابل أن يؤدى المواطن واجباته، وقد تتقدم الحقوق إلا أن توافر قدر كاف من تلك الحقوق بما يناسب الإمكانيات المتاحة يكفى لتحقيق العدالة الاجتماعية، كأن يكون للمواطن سكن ملائم ورعاية صحية مناسبة، وتعليم كاف يتوافر فيه المكان الملائم والمعلم الكفء والمناهج المتميزة، بحيث لا يكون هناك تكدس فى تلقى التعليم.

{long_qoute_2}

لماذا تتخذون كلمتى «العلم والعدالة» شعاراً للمركز وماذا تعنون بكل منهما؟

- المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية قام منذ إنشائه على شعار «العلم والعدالة» واستمرت الكلمتان المتوازيتان شعاراً للمركز منذ الإنشاء وحتى الآن، وما قصدناه بـ«العلم» فى شعار المركز هو أن كل شىء يدار بالعلم، و«العدالة» تعنى كيفية تحقيق العدالة الاجتماعية فى كافة المجالات، وبالمركز شعبة تسمى بشعبة المؤسسات وقوى التنمية، وتختص بدراسة كل شىء يتعلق بالعدالة الاجتماعية ومدى تحققها، وهناك شُعب أخرى فى المركز تعنى بدراسة هذا المفهوم، صحيح قد يكون اسمها يتناسب كثيراً مع العدالة الاجتماعية، إلا أنه كما ذكرت من أن الشُعب الثلاث الأخرى تعنى أيضاً بدراستها، وكل شعبة لدينا تضم ثلاثة أقسام، عدا شعبة واحدة تضم قسمين، ما يعنى أن المركز به أربع شعب بها 11 قسماً، قد تكون كافة بحوثنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإعلامية تدور حول مفهوم العدالة الاجتماعية، وتسعى هذه البحوث للخروج بسبل تحقيق هذه العدالة.

كيف ترين علاقة الدولة بالمواطن؟

- بدون أدنى شك يواجه المجتمع المصرى حالياً عدداً من التغيرات، وهذه التغيرات ترتبط بتغيرات أخرى على المستوى العالمى، وطبيعة هذه التغيرات لا تقتصر فحسب على ما نراه من تعقد فى مواقع التواصل الاجتماعى، وتكنولوجيا المعلومات وتدفق رؤوس الأموال والبشر، لكن هذه التغيرات مرتبطة أيضاً بتغيرات أكثر أهمية كعلاقة الدولة بالمواطن، فالمواطن فى استشعاره حالة من الرضا دائماً ينظر إلى الدولة باعتبارها الأم، وهذا الأمر خلق علاقة ارتباطية بين المواطن والدولة، وفى الحقيقة نجد أن المواطن المصرى نشأ على ذلك، أن تكون الدولة بالنسبة له هى الأم الحاضنة، وهذا الأمر مشابه لما عُرف بـ«العقد الاجتماعى»، فالدولة هى من تقوم بتعليم المواطنين وتكفل المجانية فى تعليمهم، بدءاً من التعليم الأساسى وصولاً إلى التعليم الجامعى.

{long_qoute_3}

لكن البعض ربما يرون أن الدولة سلبتهم حقوقهم فى إصلاحها نظام الدعم؟

- المشكلة أن المواطن اعتاد أن يحصل على كل شىء بشكل مدعم وشبه مجانى، ولكن الدولة فى الوقت الراهن فى حالة لا يمكن معها أن تستمر فى دعم الجميع، حتى تتمكن من تحقيق العدالة الاجتماعية للأجيال المقبلة، ففكرة إلغاء الدعم كانت أمراً غير مقبول للمواطن، وينبغى على المواطنين ممن حصلوا على دعم الدولة لسنوات طويلة أن يتنازلوا قليلاً عن كثير كانوا يحصلون عليه دون أن يشعروا بذلك لسنوات، وينبغى على الحكومة أن تعمل على توعية المواطنين بأن تضحياتهم فى الوقت الراهن تؤسس لتحقيق العدالة الاجتماعية للأجيال المقبلة، وأتساءل: من يحصل على الوقود المدعم فى مصر؟ أليسوا هؤلاء ممن يملكون السيارات، دون المواطنين ممن لا يملكون سيارات وما أكثرهم فى مصر، وبالتالى فنحن بحاجة إلى قدر مضاعف من التوعية، وكذلك مزيد من التدرج فى التنفيذ، وأرى أنه ينبغى أن تكون الفئات الأكثر استفادةً من الإصلاح هى تلك الفئات الأكثر احتياجاً. تحقيق وإيجاد حد أدنى عادل من الدخل والمعيشة بغرض تقليل الفروق بين الطبقات الاجتماعية أمر ضرورى لتحقيق العدالة الاجتماعية فى مصر، ينبغى كذلك أن تصبح عملية إشباع الاحتياجات الأساسية للأفراد الأولوية الأولى لدى الحكومة، أعتقد أن الإصلاح الاقتصادى يؤسس للعدالة الاجتماعية من خلال تقليله الفروق بين الطبقات، فرفع الدعم عن غير المستحقين وتحقيق الاستهداف للفئات الأكثر احتياجاً هو بلا شك العدالة بعينها.

قبل سنوات خرج المصريون فى ثورة 25 يناير مطالبين بالعدالة الاجتماعية، فإلى أى حد تحققت هذه العدالة فى الوقت الراهن؟ وما شواهدها على الأرض؟

- مما لا شك فيه أن السنوات الأخيرة شهدت قفزات نحو تحقيق العدالة الاجتماعية والتأسيس لها فى مصر، قد يكون المردود ليس واضحاً فى الوقت الراهن، لكن بقدر من الصبر والتأنى سنجد أن المردود كبير، رصدنا حالة من عدم الرضا أعقبت قيام البنك المركزى بتحرير سعر الصرف فى نوفمبر 2016، لكن مع الوقت تحول هذا الغضب إلى حالة من الرضا من تراجع معدلات التضخم، واستشعار المواطنين للمردود الإيجابى فى الصحة والإسكان والتعليم والبنية التحتية، فالإنجاز الواضح ولو كان بطيئاً يبعث على الأمل فى صدور الناس، ويمنحهم ثقة فى المستقبل.

 


مواضيع متعلقة