معارضو «الاتفاقية»: «السادات» أخرج مصر من دائرة «العمل العربى ضد العدو».. واستعاد سيناء «منزوعة السلاح»
![السادات فى أول زيارة لإسرائيل](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/13798043601511024540.jpg)
السادات فى أول زيارة لإسرائيل
أكد عدد من الصحفيين والكتاب أن زيارة السادات للقدس عام 1976 كانت خطوة خاطئة ما زال الوطن العربى يدفع ثمنها، وترتب عليها نتائج سلبية كثيرة، تمثلت فى خروج مصر من دائرة العمل العربى المشترك ضد العدو الإسرائيلى، ما أضعف الموقف العربى وتسبب فى اختلال توازن القوى بين إسرائيل والعرب لصالح إسرائيل، كما أن مصر استعادت سيناء منزوعة السلاح.
يقول الكاتب الصحفى صلاح عيسى: «حين أعلن السادات عن زيارته للقدس عارضه الكثير على أمل أن تأتى تلك المعارضة بنتيجة إيجابية ويتم التراجع عن هذه الخطوة والتفكير فى وسيلة أخرى نحقق من خلالها نفس الهدف لأنها كانت سابقة لأوانها إلا أنه أصر على قراره واستمر فيها حتى ترتب عليها نتائج سلبية كثيرة أضرت بمصر والعالم العربى بأكمله، وما زلنا نكتشف كل فترة نتائج الزيارة الكابوسية، والوضع أصبح أسوأ مما كنا عليه وأصحبنا نشحذ ما كنا نتمنى رفضه حينها».
كان سبب رفض «عيسى» وغيره من المعارضين لمبادرة السادات هو عدم التنسيق مع الدول العربية الأخرى مما أضعف موقفه، بحسب كلامه، مؤكداً أن موقفهم كان صحيحاً، وترتب عليه أن جزءاً كبيراً من الأطراف العربية تشددت فى مقاطعتها للسادات بعد إجراء تلك الخطوة، وتحولت المفاوضات العربية الإسرائيلية إلى نوع من العناد بين العرب وبعضهم البعض وبين العرب والمصريين.
ويشير «عيسى» إلى أن كل الوقائع والمحادثات التى كانت تجرى بين السادات والإسرائيليين والأمريكان تؤكد أن أمريكا اعتبرت السادات منعزلاً عن الأمة بعدما عارضته جميع الدول العربية بعد اتخاذه لتلك الخطوة وأصبحت تضغط عليه للتراجع بعض الشىء فى الجزء الفلسطينى فى اتفاقية كامب ديفيد حتى تستطيع أن تمرر مطالبه فيما يتعلق بالجزء المصرى: «لم يكن السادات يريد حينها أن يخرج من المغامرة التى قام بها خالى الوفاض وفى الوقت نفسه لم يستطع العودة للعرب مخذولاً أو يضطر إلى أن يعترف بخطئه فى تلك الخطوة التى اتخذها، مما اضطره إلى أن يقبل الحد الأدنى من التسوية التى عُرضت عليه».
«عبدالرازق»: عارضنا السادات لأن الأرض المصرية فى سيناء كانت محتلة وتوازن القوى كان لصالح إسرائيل
ويقول حسين عبدالرازق، عضو المجلس السياسى لحزب التجمع، إن زيارة الرئيس الراحل أنور السادات للقدس كانت من أبرز الأخطاء التى وقع فيها خلال فترة حكمه، لافتاً إلى أنه كان من ضمن المعارضين لتلك الزيارة لأن الأرض المصرية فى سيناء كانت محتلة بجانب أن توازن القوى حينها لم يسمح بمثل هذه الخطوة، بحسب كلامه: «لم نعارض السادات لمجرد أننا حزب معارض وفسرنا حينها أسباب اعتراضنا فى نقاط واضحة لأنه لو كانت تلك الخطوة ستحقق مصلحة للوطن كنا وقفنا بجانبه».
ويشير «حسين» إلى أن زيارة السادات للقدس ترتب عليها نتائج سلبية عديدة، أبرزها أن مصر استعادت سيناء منزوعة السلاح، موضحاً أن هناك لأول مرة حدوداً عسكرية غير حدودنا السياسية، مما أضر بالأمن القومى المصرى، بحسب كلامه، بجانب أن القضية الفلسطينية التى تعتبر أساس الصراع فى المنطقة فى أسوأ أوضاعها فى الوقت الحاضر، مضيفاً: «كل الاتفاقيات التى تلت زيارة السادات للقدس استفادت منها إسرائيل فقط بينما ظلت القضية الفلسطينية تراوح مكانها، الأمر الذى أكد لنا أنه بعد مرور 40 عاماً كان موقف حزب التجمع وجميع القوى التى رفضت الزيارة وما تلاها كان فى محله».
ويؤكد «حسين» أن هناك عوامل دولية وإقليمية متمثلة فى تدهور الموقف العربى وانفراد أمريكا بالساحة السياسية بعد سقوط الاتحاد السوفيتى، دفعت بعض الشعوب العربية التى كانت معارضة لزيارة السادات إلى التراجع عن موقفها والالتحاق بنفس سياسات الرئيس السادات التى كانت تدعمها الإدارة الأمريكية، ويتابع: «لم تكن القوى المصرية وحدها التى عارضت السادات إنما كان هناك العديد من الحكومات العربية معارضة للزيارة لأنها تمنح إسرائيل مكاسب دون وجه حق لكن ما حدث بعد ذلك أن بعض هذه الدول العربية التى كانت تحت ضغط الرأى العام وجدت أن هناك إمكانية للالتحاق بنفس السياسات التى اتبعها السادات وعقدت اتفاقيات منها اتفاقية وادى عربة التى عقدت بتشجيع من الولايات المتحدة الأمريكية، ثم التحقت منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة ياسر عرفات بنفس سياسة السادات نتيجة لتدهور الموقف العربى بشكل عام».
«عيسى»: ما زلنا نكتشف كل فترة نتائج الزيارة الكابوسية.. والوضع العربى أصبح أسوأ مما كنا عليه
ويصف عبدالغفار شكر، نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، زيارة السادات للقدس بـ«الانحراف عن الخط الوطنى»، لأن الجيش المصرى كانت عقيدته القتالية تقوم على أن العدو إسرائيل، ما دفعه إلى رفضه لها، بجانب أنها كانت بداية التطور فى سياسة مصر تجاه إسرائيل، التى أساسها التخلى عن الموقف العربى المشترك.
وأوضح «شكر» أن السادات غيّر مسار العلاقات الخارجية وأصبح هدفه الرئيسى أن تتدخل أمريكا فى التفاوض بين مصر وإسرائيل اعتقاداً منه أن نسبة كبيرة من الحل فى يدها حتى حين أدار معركة 1973 كان يخطط إلى أن الجيش المصرى يعبر القناة فى حدود 15 ميلاً ويتوقف بعدها ومن ثم تتدخل أمريكا حتى يتم التفاوض بين مصر وإسرائيل حول كيفية استعادة مصر لسيناء.
ويضيف «شكر» أنه كان من ضمن أسباب اعتراضه على تلك الخطوات أنها أدت إلى خروج مصر من دائرة العمل العربى المشترك ضد العدو الإسرائيلى مما أضعف الموقف العربى بإخراج أقوى الجيوش العربية من المواجهة مع إسرائيل مما ترتب عليه اختلال فى توازن القوى بين إسرائيل والعرب لصالح إسرائيل، ما أجبر بعض الدول العربية على اتباع سياسة السادات باستثناء سوريا الوحيدة التى ظلت على موقفها لكنها تمزقت الآن وأصبحت إسرائيل سيدة الموقف فى الوطن العربى، كما أن مصر استعادت سيناء مكبلة بالقيود لأنه ترتب عليها حرمان الجيش المصرى من تخطى الـ15 ميلاً التى وصل إليها بالقتال فى حرب 1973، بالإضافة إلى أنه أصبح هناك منطقة «ب» منزوعة السلاح ومنطقة «ج» التى تقع بين الحدود المصرية والإسرائيلية خالية من أى قوات مسلحة وإنما يوجد بها حرس حدود بتسليح شخصى فقط، مضيفاً: «ما يحدث بسيناء الآن هو من الثمار المرة التى نتجت عن اتفاقية كامب ديفيد ولذلك كنا وما زلنا نعترض على ما فعله السادات فى تلك الفترة».