نهر "زامبيزي" يحكي قصة نشأة قارة إفريقيا بأكملها

كتب: محمد متولي

نهر "زامبيزي" يحكي قصة نشأة قارة إفريقيا بأكملها

نهر "زامبيزي" يحكي قصة نشأة قارة إفريقيا بأكملها

يعتبر أقل أنهار إفريقيا الـ4 شهرة، وبالرغم من استغلال البشر طاقته الآن يظل "زامبيزي" جامحا كالمخلوقات التي تعتمد حياتها على مياهه، ففي دلتاه تمتزج مياهه العذبة بملح المحيط، وتصور الرحلة الطويلة لهذا النهر الحياة بذاتها، وقصة زامبيزي هي قصة نشأة قارة إفريقيا.

ينبع النهر من منابع بمرتفعات زامبيا، ويسير جنوبا لتتعاظم قوته، ينحسر مع الفصول ويفيض على السهول الشاسعة، وتحدد الصخور القديمة مجراه عندما يهدر فوق شلالات فيكتوريا، وفي وادي كاريبا تقبع قوته، والحياة البرية تظل معتمدة على مياهه، وفي موزمبيق يمتد النهر في دلتا واسعة ويتلاشى في المحيط الهندي، ولكن تأثير هذا النهر الكبير يتشكل في شتى أنحاء الحياة حتى امتداده.

تنحدر تلاله صوب الجنوب، وفيها يولد نهر زامبيزي الكبير، وتكاد منابعه ليست بالأهمية بمكان، ولكنها تسافر إلى حوالي 3 الآف متر قبل أن تنتهى رحلتها بالمحيط، وكالنهر الحياة البرية فيه قصيرة وخفية غالبا، فالزواحف كالحرباء وأفعى الجابون الفتاكة تندمج في الغابات الكثيفة التي تخفي الصراعات اليومية للبقاء.

تعيش حوله قرود "الفيرفيت" متنقله بين أشجاره التي تظلل منبع النهر، روافده صغيرة وكثيرة تساعد على ازدياد قوة النهر وسرعته، يجري جنوبا عبر غابات زامبيا، وفي أنجولا ينسل النهر من أطراف الأشجار، ويكون مواطن الغزلان العملاقة والمهدده بالانقراض بسبب الحرب الأهلية الطويلة التي شهدها محيط النهر.

نوفمبر، الفصل في تغيير والجو يبشر بهطول كثيف للأمطار، الأشهر الطويلة الحارقة من فصل الجفاف تكاد أن تنسى، وتتجدد الحياة في السهوب الطويلة للنهر، أولى الأنهار تكون متقطعة وتمتصها الأرض كالأسفنج، لكن مع تقدم الموسم تهطل كميات أخرى مع الأمطار مغزية مجرى زامبيزي وقريبا سيفيض النهر.

بدأت الحيوانات لرحلة الـ200 كيلو متر السنوية في أنجولا، وهناك عشرات الأف منها تتحرك، وكأن لها معرفه غريزية بالتحول القادم، فصل البلل هو وقت التحرك للماء كما للحيوان، فتطير الطيور للبحث عن البذور والحشرات التي ستتوافر بغزارة مع بداية موسم هطول الأمطار وفيضان النهر.

عاد السلام إلى مكان شهد الحرب يوما وتستطيع القطعان أن تقود مجموعاتها عبر الممرات القديمة التي تعرفها جيدا، يغادر نهر زامبيزي المروج العشبية المفتوحة ويجري عبر الصخور الصلبة المتشكلة عبر الثورات البركانية الهائلة منذ ملايين السنين، ويجري النهر حول ستار متصاعد وأمامه قوة جبارة، صنفها "ساكني التكاليه" بمكان تسكنه أروح أسلافهم، وفي اللغة المحلية يسمى بـ"الضباب الذي يرعد".


مواضيع متعلقة