الكنيسة والطوائف المسيحية «إيد واحدة» لحماية الممتلكات من سطو المستوطنين

كتب: مصطفى رحومة

الكنيسة والطوائف المسيحية «إيد واحدة» لحماية الممتلكات من سطو المستوطنين

الكنيسة والطوائف المسيحية «إيد واحدة» لحماية الممتلكات من سطو المستوطنين

جاء إعلان الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ممثلة فى الأنبا أنطونيوس، مطران الكرسى الأورشليمى، تضامنها مع الكنائس المسيحية الأخرى فى القدس المحتلة، للوقوف فى وجه الاحتلال الإسرائيلى، ليؤكد بوضوح الرفض المسيحى لعمليات التهويد التى تتم للقدس والاستيلاء على الأراضى والممتلكات الكنسية لصالح المستوطنات الإسرائيلية.

وشارك الأنبا أنطونيوس مؤخراً فى اجتماع كنائس القدس والبيان الصادر عنها تنديداً بقرار المحكمة المركزية بإسرائيل، بالمصادقة على أحقية مستوطنين فى تملك عقارات تعود للكنيسة اليونانية الأرثوذكسية وهى مبان ضخمة تضم فندقَى «بترا» و«إمبريال» وبيت المعظمية على مدخل باب الخليل فى البلدة القديمة فى القدس الشرقية المحتلة، والتى تعود قضيتها إلى عام 2004، والتى سيتم ضمها إلى جمعية «عطيرت كوهانيم» الاستيطانية، والتى ترى فيها الكنائس انتهاكاً لاتفاقية «الستاتيكو» التى وُضعت عام 1898 والمعترف بها عالمياً وتقضى بعدم المساس بالوضع الراهن للأماكن المقدسة، وتقوض الوجود المسيحى فى القدس.

{long_qoute_1}

وحضر الاجتماع ووقّع على البيان كل من: «البطريرك ثيوفيلوس الثالث بطريركية الروم الأرثوذكسية المقدسية، والبطريرك نورهان مانوجيان البطريركية الرسولية للأرمن الأورثوذكس، ورئيس الأساقفة بييرباتيستا بيتسابالا مُدبر بطريركية اللاتينية، والأب فرانسيسكو باتون من حراسة الأرض المقدسة، ورئيس الأساقفة سوريوس مالكى مراد من بطريركية السريان الأورثوذكس، ورئيس الأساقفة الأنبا إمباكوب من بطريركية الأحباش الأورثوذكس، ورئيس الأساقفة يوسف زريعى من بطريركية الروم الملكيين الكاثوليك، ورئيس الأساقفة موسى الحاج من البطريركية المارونية، ورئيس الأساقفة سهيل دوانى من الكنيسة الأسقفية فى القدس والشرق الأوسط، والمطران منيب يونان من الكنيسة الإنجيلية اللوثرية فى الأردن والأراضى المقدسة، والمطران بيير مالكى من بطريركية السريان الكاثوليك، والمطران جورج دانكاى من بطريركية الأرمن الكاثوليك».

الاجتماع الذى تم بدعوة من البطريرك ثيوفيلوس الثالث، وعُقد فى دار البطريركية الأورشليمية وحضره جميع رؤساء الكنائس المسيحية فى القدس، ناقش إلى جانب قرار المحكمة الإسرائيلية بخصوص قضية الفنادق فى باب الخليل التى تعود ملكيتها للبطريركية الأورشليمية وتم المصادقة من قبل المحكمة الإسرائيلية على إيجارها لجهات استيطانية بعقود غير قانونية، المشروع المُقترح فى البرلمان الإسرائيلى «الكنيست»، فيما يخص ممتلكات الكنائس والبطريركيات المسيحية فى القدس الذى يهدف للسيطرة على هذه الممتلكات.

واعتبر المجتمعون فى بيانهم أن القرارات الإسرائيلية ذات دوافع سياسية من شأنها أن تحد من حقوق الكنائس على ممتلكاتها، وإضعاف الحضور المسيحى، مطالبين بأن تكون القدس والأماكن المقدسة مفتوحة للجميع دون تمييز أو تفرقة، معلنين الاستئناف ضد حكم المحكمة الإسرائيلية، ومعارضتهم لأى قانون مقترح يُقيد حقوق الكنائس على ممتلكاتها، داعين العالم ورؤساء الحكومات لدعم الكنائس فى مطالبها العادلة وضمان عدم تعديل اتفاقية «الوضع الراهن» أو «الستاتيكو».

كما التقى رؤساء الكنائس فى القدس، مؤخراً أيضاً، وفداً من مندوبى المجلس الوطنى لكنائس المسيح فى الولايات المتحدة الأمريكية، فى فندق نوتريدام بالقدس، لإطلاعهم على الوضع فى مدينة القدس القديمة، التى كانت دائماً مقسمة لأربعة أحياء: «الحى المسيحى، الحى اليهودى، الحى الإسلامى، والحى الأرمنى»، ومحاولات المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين تغيير هذا الوضع الراهن، كما حدث مع العقود غير القانونية لفنادق باب الخليل والقرار غير العادل الذى اتخذته المحكمة الإسرائيلية مؤخراً لصالح المستوطنين.

وتعود الأزمة إلى قيام بطريرك الكنيسة اليونانية السابق إيرينيوس الأول، بإبرام عقود إيجار لبعض ممتلكات الكنيسة والمسيحيين فى القدس لصالح جمعيات استيطانية لمدة 198 سنة، وهو ما أثار غضباً مسيحياً تم على أثره عزل البطريرك، واعتبرت الكنائس ما قام به غير قانونى لأنه يخالف اتفاقية «الستاتيكو» التى تحكم تلك المناطق والتى تنص على «الوضع الراهن» للأماكن الأثرية المسيحية، حيث تمتلك الكنيسة الأرثوذكسية اليابانية ربع القدس القديمة البالغة قرابة كيلومتر مربع، كما تمتلك أراضى شاسعة، وأديرة، ومقابر، خارج البلدة القديمة فى القدس، فضلاً عن عقارات فى مدن فلسطينية كبرى، لكن قسماً لا بأس به من هذه الأملاك سُرّبت إلى الإسرائيليين، عن طريق البيع أو الإيجار طويل الأمد لمدة 99 سنة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، باعت الكنيسة الأرثوذكسية مقبرتها، وأراضى دير مارسابا فى بيت لحم، وباعت أيضاً أراضى جبل أبوغنيم فى القدس، التى تحولت إلى مستوطنة صهيونية كبيرة، باسم «هارحوما» تكمل فصل القدس عن بيت لحم، وباعت أو أجّرت لأجل طويل أكبر مأوى لحجاج القدس من «المسكوب» أو أهل موسكو، وعليه يقوم اليوم معتقل المكسوبية، وأراضى جبل أبى طور، وأخيراً ساحة عمر بن الخطاب فى البلدة القديمة فى القدس.

وتأتى المحاولات الإسرائيلية بالاستيلاء على أراضى وممتلكات الكنائس، فى ظل تصاعد اعتداءات المستوطنين على الكنائس والأديرة فى القدس أيضاً، إذ كشفت البطريركية الأرثوذكسية الأورشليمية، عن وقوع هجوم الشهر الماضى على دير اللاتين بيت جيمال بالقرب من بلدة شيمش وألحقوا أضراراً كبيرة برموز الفسيفساء التى تصور أحداثاً من حياة المسيح على الأرض.


مواضيع متعلقة