«المصارف العربية»: خارطة طريق لتحقيق الاستقرار المالى فى المنطقة.. ومكافحة غسل الأموال والإرهاب

كتب: إسماعيل حماد

«المصارف العربية»: خارطة طريق لتحقيق الاستقرار المالى فى المنطقة.. ومكافحة غسل الأموال والإرهاب

«المصارف العربية»: خارطة طريق لتحقيق الاستقرار المالى فى المنطقة.. ومكافحة غسل الأموال والإرهاب

طرح اتحاد المصارف العربية خارطة طريق لتحقيق الاستقرار المالى فى المنطقة العربية، فى المنتدى الذى عقده بمدينة شرم الشيخ تحت عنوان «تعزيز الاستقرار المالى»، بالتعاون مع البنك المركزى المصرى واتحاد بنوك مصر، بحضور 220 من قيادات المصارف العربية والدولية. وافتتح أعمال المنتدى اللواء خالدة فودة محافظ جنوب سيناء، والشيخ محمد جراح الصباح رئيس اتحاد المصارف العربية، ووسام فتوح الأمين العام للاتحاد، وجمال نجم نائب محافظ البنك المركزى المصرى، والمستشار أحمد السيسى رئيس مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وهشام عكاشة نائب رئيس اتحاد بنوك مصر.

وتضمنت توصيات المؤتمر، التى تشكل خارطة طريق لتحقيق الاستقرار المالى، العمل على زيادة تفعيل أوجه التعاون المحلى والإقليمى والدولى فى مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بما يأتى بثماره المرجوة على الاستقرار المالى فى المنطقة العربية، والتأكيد على أهمية اعتماد البنوك المركزية على مجموعة من الأدوات التحليلية المتطورة وكذلك أدوات رقابية متواكبة مع تطورات الأسواق لتخفيف حدة المخاطر المتزايدة التى يواجهها القطاع المصرفى، وذلك بالتوازى مع الاعتماد على الخبرات العملية فى التعامل مع هذه المخاطر، وتعزيز البنوك المركزية لجهودها نحو تطوير بنية تحتية ونظم سليمة وفعالة للدفع والتسويات، وهو ما يدعم سلامة القطاع المالى وقدرته على الحد من المخاطر النظامية، الأمر الذى يعزز الشمول المالى ويساهم فى النمو الاقتصادى.

{long_qoute_1}

وأكد المنتدى أهمية حث البنوك المركزية على التوسع فى استخدام نظم الإنذار المبكر للتنبؤ بالأزمات المالية المختلفة بالاعتماد على أساليب متعددة فى التنبؤ، بهدف تعزيز قدرتها على اتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة فى مواجهة الأزمات قبل حدوثها بوقت كافٍ، وأهمية تعزيز الشمول المالى باعتباره من الدعائم الرئيسية للاستقرار المالى، من خلال تبنى البنوك المركزية وضع استراتيجيات لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة تساهم فى خلق المزيد من فرص العمل ودعم النمو الاقتصادى، بالإضافة إلى أهمية العمل على إنشاء نظام إقليمى لمقاصة وتسوية المدفوعات العربية البينية، وذلك بالتعاون مع صندوق النقد العربى، على أن يتم تفعيله بحلول عام 2020.

وشدد المنتدى على أهمية حث المؤسسات المالية والجهات المعنية الأخرى على تعزيز التعاون وتبادل المعلومات لتعزيز نظم مكافحة غسل الأموال وتجفيف منابع تمويل الإرهاب ودعم الاستقرار المالى، وتعزيز دور الأسواق المالية العربية فى دعم التنمية الإقليمية واستقرار النظام المالى العربى، وزيادة دور الحوكمة المصرفية والممارسات السليمة لإدارة المخاطر لدعم الاستقرار المالى.

من جهته، أكد طارق عامر، محافظ البنك المركزى المصرى، أن المجتمع العربى أدرك مخاطر تمويل الإرهاب وغسل الأموال وقام بالتصدى لها بتشكيل فريق عمل للاستقرار المالى بهدف المساهمة فى تطوير السياسات والأدوات المتعلقة بتعزيز الاستقرار المالى والتعاون فى مختلف الإدارات والجهات الوطنية المعنية بقضايا الاستقرار المالى، كما قامت جميع دول المنطقة بالانضمام لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع فى المواد المخدرة، وكذلك الاتفاقيات الدولية ذات الصلة.

وأوضح «عامر»، فى كلمته التى ألقاها جمال نجم نائب محافظ البنك المركزى المصرى نيابة عنه، أن الأزمة المالية العالمية ألقت مزيداً من الضوء على الصناديق السيادية وعلى مكانتها المتنامية فى النظام المالى العالمى لذا فقد عمل صندوق النقد الدولى على إيجاد آليات تمكن من إدماج هذه الصناديق ضمن قواعد النظام المالى العالمى، وتلعب الصناديق المنتمية للدول العربية مسئولية أكبر لدعم مسيرة التنمية فى تلك الدول.

وأكد ضرورة وضع القواعد الرقابية مع التطبيق السليم لتلك القواعد، وهذا بدوره يعتمد على البنك المركزى ودوره الإشرافى والرقابى من جهة، وعلى البنوك المعنية من جهة أخرى، حيث تمثل الحوكمة السليمة عنصراً رئيسياً فى تحسين الكفاءة الاقتصادية فى البنوك، وهو ما يؤدى لتعزيز الاستقرار المالى.

وأكد أن تعزيز قدرة النظام المالى على تحمل الصدمات يتطلب وجود سياسات احترازية كلية لتحديد وقياس المخاطر النظامية ومراقبتها والتحكم فيها، ولذلك تعمل البنوك المركزية على وضع وتنشيط أدوات السياسات الاحترازية الكلية للحد من تراكم هذه المخاطر، سواء كانت أدوات رقابية أو تحليلية مثل نسبة القرض إلى الدخل فى قروض التجزئة، ومخاطر التركز مثل تركز التوظيفات لدى العميل الواحد والأطراف المتبادلة. {left_qoute_1}

وأوضح «عامر» أن أهم الدروس المستفادة من الأزمة المالية العالمية هو إدراك أن تحديد وإدارة المخاطر على مستوى البنك نفسه غير كافٍ للمحافظة على سلامة أوضاع البنك وتحقيق الاستقرار المالى على المستوى الكلى، وذلك لوجود مخاطر كلية تؤثر على الجهاز المصرفى والقطاع المالى بشكل عام.

وقال «عامر» إن تقدم نظم الإنذار المبكر يعد بمثابة أداة دائمة ومستمرة للتوجيه والإنذار والتحذير لمتخذى القرار وواضعى السياسات باحتمال تعرض الاقتصاد لأزمة مالية، وتساعد نظم الإنذار المبكر عامة فى التعرف على المؤسسات أو المواقع داخل المؤسسات التى تكون فيها مشاكل أو يحتمل وقوعها فى مشاكل، والمساعدة فى تحديد أولويات الفحص مع التخطيط المسبق، وكذلك مخاطر التقلبات الدورية، ويساعد الاكتشاف المبكر لهذه المخاطر واضعى السياسات فى اتخاذ الإجراءات الوقائية الكافية.

وأشار محافظ البنك المركزى إلى ضرورة تحقيق التوازن بين عناصر القطاع المالى الذى يعد ركيزة أساسية لتحقيق الاستقرار المالى، ويمثل دور «المركزى» فى هذا الصدد قيامه بمراقبة كفاءة واستقرار القطاع المصرفى (بالإضافة لدوره فى وضع السياسة النقدية)، كما تقوم الهيئة العامة للرقابة المالية بالإشراف على القطاع المالى غير المصرفى بالإضافة للمجلس التنسيقى، وتبرز هنا ضرورة تطوير الأسواق المحلية وذلك لارتباط فعالية التنسيق بين السياستين المالية والنقدية بدرجة تطور الأسواق مما يوفر بدائل أخرى لتمويل العجز المالى.

وأوضح «عامر» أن هناك عاملاً آخر يسهم فى تحقيق وضمان الاستقرار المالى القائم على مبدأى السلامة والكفاءة وهو عبارة عن نظم المدفوعات والتسويات التى تعمل على تحقيق مبدأى السلامة والكفاءة لأنظمة الدفع المختلفة وتوفير أنظمة دفع تلبى احتياجات مستخدميها مع التأكيد على ضرورة استمرار تلك الخدمات وضمان إتاحتها على نحو يرضى كل المستخدمين.

وأضاف أن نظم الدفع تستمد أهميتها من كونها إحدى الركائز الأساسية الثلاث التى تقوم عليها وظائف البنوك المركزية وذلك وفقاً لعريف بنك التسويات الدولى، وتلك الركائز هى: السياسة النقدية، والرقابة على البنوك، ونظم الدفع، وذلك بسبب ما تسهم به هذه البنية الأساسية المالية فى تحقيق الاستقرار المالى، ووفقاً للأبحاث التى أصدرها البنك الدولى فإن البلدان التى لديها أنظمة مالية أكثر شمولاً هى أكثر جذباً للودائع مما يساعد على التغلب على الصدمات بشكل أفضل من البلدات ذات النسبة الأكبر فى عدد المودعين.

وأشاد «عامر» بدور نظام الدفع القومى المصرى الذى يقوم بالعديد من المسئوليات الجوهرية فى صياغة البنية الأساسية المالية، حيث يتكون من عدة أنظمة ويعد أهمها نظام التسوية اللحظية، كما يشمل النظام أيضاً جميع خدمات الدفع التى تقدمها البنوك إلى عملائها (خدمات الإنترنت البنكى، التليفون المحمول، تحصيل الرسوم الحكومية، دفع الفواتير). وأكد أهمية نمو المشروعات الصغيرة والمتوسطة الذى يعد ركيزة أساسية فى تنمية الاقتصاد القومى وتوفير فرص العمل للشباب وخفض نسب البطالة، لذا ينبغى وضع استراتيجيات لدعم تلك المشروعات مما يعزز الاستقرار المالى، وقام البنك المركزى المصرى بدوره فى هذا الصدد بتدشين عدة مبادرات لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، خاصة فى قطاعات الصناعة، والزراعة والطاقة المتجددة، بحيث يتم توفير تمويل منخفض التكلفة لتلك القطاعات.

من جهته، قال اللواء خالد فودة، محافظ جنوب سيناء، إن تحقيق الاستقرار المالى من أهم أهداف الجهات الرقابية والبنوك المركزية، وهو ما يسهم فى النهاية فى تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.

من جانبه، أكد الشيخ محمد جراح الصباح، رئيس مجلس إدارة اتحاد المصارف العربية، أهمية تحقيق الاستقرار المالى فى المنطقة العربية خاصة فى مرحلة عدم اليقين وما تعانيه من الفقر والبطالة والأمية بخلاف التداعيات السلبية التى شهدتها المنطقة والتى أثرت على نمو الاقتصاد فى المنطقة العربية ككل.

وأضاف: نعمل فى الاتحاد على تعزيز الاستقرار المالى وتحقيق التنمية المستدامة وهو الدافع الرئيسى للمنتدى الحالى، والذى يبحث أهمية الاستقرار المالى من خلال عدة عناصر وخطوط عريضة ونتوقع الخروج بتوصيات قوية لتحقيق تلك الأهداف.

وأشار إلى أن القطاع المصرفى يمثل عصب اقتصادات المنطقة العربية والمرحلة الحالية تتطلب فتح الأسواق العربية العربية واعتماد استراتيجية واضحة تصب فى مصلحة القطاع المصرفى وأهمها الاهتمام بتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر.

وأشار إلى أن الشمول المالى من أهم دعائم الاستقرار المالى وأهم السبل لتعزيز الاستقرار فى المنطقة العربية، لافتاً إلى أن الأرقام المعلنة تشير إلى وجود نسبة كبيرة بين المواطنين لا يمتلكون حسابات مصرفية وهو ما يؤثر سلباً على دعم التنمية والمشروعات وتمويلها ومنها إلى البطالة، مؤكداً أن تحقيق الشمول المالى يسهم بقوة فى تجفيف منابع تمويل الإرهاب.

من جهته، قال وسام حسن فتوح، الأمين العام لاتحاد المصارف العربية، إن برامج التوعية التى يعمل عليها اتحاد المصارف العربية، منذ سنوات، والتى تم خلالها إقامة الفعاليات، تهدف إلى تحييد القطاع المصرفى العربى عن الصراعات السياسية فى المنطقة، والنأى بها بعيداً عن الخلافات والنزاعات وحصر نشاطاتها فى تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية والحفاظ على تماسك هذا القطاع الذى يتم اختراقه رغم كل المحاولات فى هذا الاتجاه.

وأكد على دور اتحاد المصارف فى اتخاذ خطوات جادة خلال السنوات الأخيرة للدفاع عن المصارف العربية لمواجهة كل ما يحد من نشاطاتها فى تأدية دورها الاقتصادى والاجتماعى، وخص فى هذا المجال منصة الحوار التى أنشأها الاتحاد بين البنوك العربية والأمريكية والأوروبية، حيث تم عقد العديد من المؤتمرات فى مجلس الاحتياطى الفيدرالى فى نيويورك، وفى مقر منظمة التعاون والتنمية «OCED» فى باريس، وغيرها من المنظمات الدولية، سعياً لتطوير التحالفات والاستراتيجيات مع المجتمع الأوروبى، باعتبار أننا نؤمن بالعلاقة المباشرة بين مصارفنا العربية وهذه المؤسسات الدولية.

وكشف «فتوح» عن أن اتحاد المصارف العربية يسعى الآن إلى تنظيم أكبر تجمع مصرفى عربى - أمريكى فى نيويورك، فى مقر البنك المركزى الفيدرالى الأمريكى خلال أكتوبر المقبل.

وكشف «فتوح» عن تطورات القطاع المصرفى العربى والذى يضم 640 مصرفاً، وللفترة 2016-2017، حيث بلغت الموجودات المجمعة للقطاع نحو 3.158 تريليون دولار فى نهاية عام 2016، لتشكل 130% من حجم الناتج المحلى الإجمالى العربى، وبلغت الودائع المجمعة 1.999 تريليون دولار ما يعادل 82% من حجم الاقتصاد العربى، وسجلت حقوق الملكية نحو 375 مليار دولار.

وأكد «فتوح» أن التقديرات تشير إلى أن حجم الائتمان الذى ضخه القطاع المصرفى فى الاقتصاد حتى نهاية العام 2016، بلغ نحو 1.733 تريليون دولار، بما يشكل نحو 71% من حجم الناتج المحلى الإجمالى العربى، وتخطى حجم أصول القطاع المصرفى العربى فى 2017 عتبة الـ3.191 تريليون دولار فى نهاية الربع الأول، بزيادة 1.1% عن نهاية عام 2016. كما بلغت الودائع المجمعة نحو 2.025 تريليون دولار خلال الربع الأول من 2017، محققة بذلك نمواً بنحو 1.3% عن نهاية عام 2016، وبلغت القروض 1.764 تريليون دولار، بزيادة نسبتها 1.8% عن نهاية عام 2016، وبلغت حقوق الملكية نحو 378 مليار دولار خلال الربع الأول من 2017، بزيادة 1% عن عام 2016.

وأكد أن هذه النتائج تدل على أن القطاع المصرفى العربى يقوم بتمويل الاقتصاديات العربية على الرغم من انخفاض أسعار النفط واستمرار الاضطرابات الأمنية والاقتصادية فى عدد من دولنا العربية.

من جهته، قال هشام عكاشة، نائب رئيس مجلس إدارة اتحاد بنوك مصر، رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى، إن السياسات النقدية التى تيسر الإنفاق «التيسير الكمى» قد تحمل مخاطر التأثير السلبى على الاستقرار المالى، والدول التى اتبعت سياسة نقدية تيسيرية بعد الأزمة العالمية الأخيرة نراها اليوم تسير فى اتجاهات لزيادة أسعار الفائدة مثل ما تم بالنسبة للدولار حيث قام البنك الاحتياطى الفيدرالى برفع سعر الفائدة عدة مرات وقد رأينا فى أستراليا وبريطانيا مراجعة لبعض المنتجات التى كانت تهدف لمثل هذا التيسير مثل قروض التمويل العقارى يتم بها تسديد الفائدة فقط دون أصل الدين حتى نهاية مدة القرض.

وأضاف «عكاشة» أن البنك المركزى المصرى يتخذ إجراءات رقابية لدعم هذا الاستقرار من خلال محددات مالية للمؤشرات الرقابية وقواعد نظامية مثل عدم زيادة عبء الدين للأفراد عن 35% من الدخل الشهرى لضمان توافر موارد سداد القرض وخدمته مع استمرار المقترض بالتمتع بدخل كافٍ يسمح بمواجهة متطلبات الحياة.

وأكد أن تحقيق الاستقرار المالى يزيد من قدرة النظام المالى على مقاومة الصدمات الاقتصادية وتنفيذ وظائفه الأساسية من وساطة مالية وتسعير وإدارة المخاطر المالية، حيث إن الاستقرار المالى يؤدى إلى لاستقرار الاقتصادى والعكس صحيح.


مواضيع متعلقة