الركاب: المسئولون يحبون هدم التاريخ ويكرهون التطوير والبناء

الركاب: المسئولون يحبون هدم التاريخ ويكرهون التطوير والبناء
- أحياء القاهرة
- أديس أبابا
- أسامة محمد
- الإنتاج القومى
- التوك توك
- الدار البيضاء
- الدفاع عن مصر
- العربية للتصنيع
- القاهرة التاريخية
- القطاع الخاص
- أحياء القاهرة
- أديس أبابا
- أسامة محمد
- الإنتاج القومى
- التوك توك
- الدار البيضاء
- الدفاع عن مصر
- العربية للتصنيع
- القاهرة التاريخية
- القطاع الخاص
طالب عدد كبير من ركاب مترو مصر الجديدة بمحاسبة مسئولى هيئة النقل العام بالقاهرة بسبب قرار إلغاء خطوط المترو والترام بمعظم أحياء القاهرة، وطالبوا القيادة السياسية بسرعة التدخل لإنقاذ ما تبقى من الخطوط، قبل أن يختفى الترام الذى يعود تاريخه إلى عام 1896 للحفاظ على شكل العاصمة الحضارى وتسهيل التنقل بين المناطق المزدحمة.
{long_qoute_1}
«عيد صابر»، موظف بشركة مقاولات خاصة فى شارع عمر بن الخطاب، بالقرب من إدارة وورشة مرفق مترو مصر الجديدة، يقول لـ«الوطن»: «طوال 10 سنوات كنت أعتمد على مترو مصر الجديدة للذهاب إلى العمل فى ألماظة، لأننى ساكن فى شبرا الخيمة وكنت أعتمد عليه فى الانتقال إلى هنا يومياً، كان مريحاً جداً ومواعيده منتظمة وسعر تذكرته منخفضاً جداً مقارنة بأسعار الميكروباصات، لكن لو رحت عند كوبرى المطرية وشفت شكل الكوبرى بعد أن رفعوا القضبان من عليه هتشوف الزبالة مالية الكوبرى، والعربيات واقفة فى مدخله ومش عارفين يرصفوه عشان الأوتوبيسات والميكروباصات تمشى عليه بدل الزحمة اللى موجودة فى الحارة القديمة»، يضيف «صابر»: «منذ عام توقف المترو فجأة، وتمت إزالة الخط تماماً، وإعادة رصف مسار المترو من المطرية إلى ألماظة، ورغم ذلك لم تشهد الشوارع أى سيولة مرورية بل ازدادت ازدحاماً، والخط الآن لا يصل إلا عند محكمة مصر الجديدة، ولا يسير سوى 2000 متر فقط أو نحو 5 محطات ذهاباً وإياباً، وهى مسافة قصيرة لا تشجع أحداً على ركوبه، وبما أنه لا يعمل بشكل منتظمt».
{long_qoute_2}
ويقول إبراهيم كرم، 47 سنة، مقيم فى المطرية وموظف بإحدى شركات القطاع الخاص فى ألماظة، إن محاسبة المسئولين عن إلغاء ترام مصر الجديدة واجبة، لأنه كان يخدم آلاف المواطنين يومياً، فضلاً عن إلغائهم تاريخ وتراث مصر الجديدة، وكنا نسأل بعض العاملين فى المترو عن سبب تهالك القطارات والعربات فتأتى إجابتهم المتكررة بأنه يخسر باستمرار ولا يحقق أى مكاسب، مضيفاً: «كيف يربح مرفق لم يطور من نفسه لمدة عشرات السنين، نحن نطالب بإحالة المسئولين عن مرفق المترو للمحاكمة والحساب، لأنهم ألغوا التاريخ والتراث وعطلوا المواطنين، فأسهل حاجة عندهم دلوقت هى الإلغاء والهدم، لأنهم عاوزين يريحوا نفسهم من وجع الدماغ، فلغوا المترو زى ما قفلوا قبله كل شركاتنا الوطنية الكبيرة اللى كنت بتساهم فى الإنتاج القومى وبتحمينا من الاستيراد».
محمود صلاح، موظف ثلاثينى من شبرا الخيمة ويعمل فى مصر الجديدة، يقول «لم نشعر بقيمة الترام إلا بعد إلغاء خط المطرية الذى كان يسهل تحركاتنا إلى هنا، فرغم بطئه وكثرة أعطاله، إلا أنه كان ينقذنا من الميكروباصات وزحام الأوتوبيسات، هو مريح جداً وأفضل من الأوتوبيس، ولو أن هيئة النقل العام فى القاهرة أصلحت وطورت خط المطرية وباقى الخطوط، ورفعت سعر التذكرة إلى 3 جنيهات، سأختار الترام، لأنه مريح وسريع مقارنة بباقى المواصلات، ورغم تهالكه أحب الركوب فيه، لأنه مريح نفسياً وأشعر بالاطمئنان والتراث المفقود عند استخدامه، فعمره أقدم من عمر عشرات الدول فهو يعود لنحو 120 عاماً».
سعيد محمود، رجل سبعينى، كان يعمل موظفاً قبل خروجه إلى المعاش، جلس على دكة حديدية فى أحد أرصفة خط ألماظة المطرية بشارع عمر بن الخطاب، بالقرب من مجمع دراسى كبير للمرحلتين الإعدادية والثانوية، واختار الجلوس فى الشارع لعدة ساعات متواصلة لمتابعة الحياة عن قرب، بعد أن ضاق من طول البقاء فى البيت، يتحدث سعيد عن مترو مصر الجديدة بسعادة شديدة، قائلاً: «أنا ساكن هنا من 50 سنة والمترو ده اتعمل بعد ما سكنت بفترة قصيرة، وكنت باركبه فى مرحلة الشباب لكن الآن محدش بيركبه لأنهم خلاص بيلغوه، وكنا بنحب نخرج نتفسح فيه، ونروح رمسيس عن طريقه فى نص ساعة بس، بتذكرة تمنها قرشين، وكان فيه درجتين درجة أولى ودرجة تانية، وكان هو النزهة بالنسبة لينا، كل حاجه فيه مريحة وحلوة، حتى صوته وهو ماشى وصوت صفارته الشهيرة كانت حاجة مُسلية وممتعة جداً، لكن بعد ما الحكومة أهملته والشركة اتنقلت لهيئة النقل العام التابعة لمحافظة القاهرة حالته اتدهورت جداً، وبقى يصعب على أى حد»، يشير الرجل السبعينى إلى طلاب مجمع المدارس الذين خرجوا لتوهم من الفصول وتوجهوا إلى أوتوبيسات النقل العام والميكروباصات، يتابع بنبرة منخفضة ممزوجة بالحزن: «المترو كان بيوصل لحد ميدان المطرية وأغلبية الطلبة دول من المطرية والأحياء اللى جنبها، المحافظة جابت لهم أوتوبيسين عشان ينقلوهم بدل الترام، لكن مش هيكفوا الأعداد دى كلها، المترو أكبر وأفضل وأأمن، والطلبة دول صغيرين فى السن زى ما انت شايف لو الدنيا زحمة مش هيقدروا يتصرفوا».
يقول أسامة محمد، أحد سكان مصر الجديدة: «المسئولون بيقولوا مفيش قطع غيار والعربيات متهالكة وقديمة وعمرها الافتراضى انتهى، والرد على الكلام ده إن طراز مترو مصر الجديدة شبيه جداً بالطراز اللى بتصنعه الهيئة العربية للتصنيع لصالح ترام الإسكندرية، ولسه موردين قطارات جديدة من كام شهر، أما موضوع بطء السرعة فده سببه إن القطارات تهالكت وماحدش بيصلحها، والحكومة تأخرت 40 سنة فى تطوير المترو والتهالك مسئوليتها، شوف ترام شتوتجارت، أو ميونخ بيمشى بسرعة إزاى فى الشارع وهى وحدات قديمة، مش جديدة، وشوف الترام اللى إسرائيل عملاه فى القدس عامل ازاى».
وعن رخص أسعار الأوتوبيسات مقارنة بسعر وحدات الترام أو المترو، يضيف أسامة: «عمر الأوتوبيس الافتراضى خمس سنوات، وعمر الترام الافتراضى يصل إلى 25 سنة غير أن عربة المترو أو الترام حجمها أوسع بكتير، وبتشيل عدد أكبر من الأوتوبيس وتعادل نحو 10 ميكروباصات فى السعة، ولو نتذكر تمت إزالة ترام شبرا بنفس الحجج، خصوصاً بعد إنشاء خط المترو التانى، وأى حد هيركب مترو أنفاق شبرا هيشوف كمية التكدس اللا آدمية اللى الترام كان هيخففها لو تم تطويره مش إزالته، غير الجانب التراثى والحضارى للمترو السطحى، فغياب مترو مصر الجديدة وترام القاهرة سيؤدى إلى زيادة أعداد الميكروباصات والتوك توك فى القاهرة، وهى مظاهر لا تليق بالقاهرة التاريخية والحضارية».
ويقول المهندس الاستشارى، عمرو رؤوف، أحد المهتمين بالدفاع عن مصر الجديدة ومقدم أحد البلاغات المقدمة ضد وزارة النقل، إن المترو الحالى أبطأ من التوك توك وغير منتظم وبالتالى لن يركبه أحد وسيحقق خسائر كبيرة، وهذه هى حجة هيئة النقل العام فى القاهرة، التى اتخذت قرار إلغاء الخطوط، مضيفاً: «هؤلاء المسئولون يكتفون بالحديث عن الخسائر وعدم الجدوى وانتهاء العمر الافتراضى، ويغضون النظر عن ترام أديس أبابا أو الدار البيضاء، وهى دول أحوالها الاقتصادية والاجتماعية مشابهة لنا، وعمر الترام فيها أقل منا، والسكان هناك يعتمدون على الترام فى تنقلاتهم اليومية مثلما كان يحدث عندنا منذ عقود طويلة».
يتابع رؤوف: «إلغاء الخطوط لم يتسبب فى حدوث أى سيولة مرورية بل زادت كثافة السيارات، لأن وحدة الترام الواحدة يوجد بدلاً منها فى الشارع 20 ميكروباص لاستيعاب أعداد الركاب يومياً، وزيادة عدد الأوتوبيسات العامة لن يحل الأزمة أيضاً لأن شوارع القاهرة تحولت إلى جراج كبير، والشوارع فى الأصل مزدحمة جداً وغير صالحة لاستقبال سيارات أخرى، ويشير المهندس الاستشارى إلى أن الحكومة قررت إزالة الخطوط لإنشاء مترو أنفاق بمدينة نصر ومصر الجديدة، وكان بيدها تطوير الترام وتحديثه ليحل محل إنشاء أنفاق جديدة بمليارات الجنيهات».