بعد سبعة أيام على القرار: «الوطن» فى سوق العبور.. لا مكان للتسعيرة الاسترشادية

كتب: محمد أبوضيف

بعد سبعة أيام على القرار: «الوطن» فى سوق العبور.. لا مكان للتسعيرة الاسترشادية

بعد سبعة أيام على القرار: «الوطن» فى سوق العبور.. لا مكان للتسعيرة الاسترشادية

على مشارف أبواب سوق العبور الحديدية العملاقة، تختلط الروائح مع بعضها البعض، الخضراوات والأسماك والفاكهة، تظهر أجولة مغلقة وأقفاص خشبية محمّلة فوق عربات النقل الثقيل، الكل يتحرّك كخلية نحل.. «الوطن» زارت السوق لرصد دورة الأسعار من الفلاح إلى المستهلك، بعد قرار وزارة التموين، بطرح قائمة أسعار استرشادية للخضراوات والفاكهة، بالتنسيق مع سوقى «6 أكتوبر والعبور»، لضبط الأسواق. {left_qoute_1}

فى التاسعة صباحاً، كان جميع مَن فى السوق فى حركة لا تنقطع، لإفراغ محتويات عربات الثمار المقبلة من المحافظات، رصدت «الوطن» عدم التزام الباعة بتلك التسعيرة التى وضعتها الوزارة، حيث إنه فى الوقت الذى أعلنت فيه «التموين» أن أسعفار الطماطم تبدأ من 150 قرشاً للكيلو كحد أدنى، و275 قرشاً كحد أقصى، وصلت الأسعار إلى 3.5، وأربعة جنيهات للكيلو الواحد، وهو الشىء نفسه الذى انطبق على أسعار أربع سلع أخرى هى الخيار والبطاطس والفلفل، ابتعدت أسعارها عن الحد الأقصى لما أعلنته الوزارة. لم ينفِ الباعة فى سوق العبور عدم الالتزام بالتسعيرة الاسترشادية التى وضعتها «التموين»، بل أقروا أن تلك الأسعار التى تخرج عن الحكومة لن تناسب السوق، والكل كان يبدأ حديثه بكلمة واحدة: «السوق عرض وطلب».

«لا التموين ولا رئيس الحكومة ولا رئيس الجمهورية نفسه يقدر يتحكم فى سعر السوق»، هكذا يقول «عادل صبيح» الذى يعمل تاجراً فى السوق منذ أكثر من 30 عاماً. وتابع أن هناك الكثير من محاولات الدولة للسيطرة على السوق، خلال تلك الفترة، لكنها كلها باءت بالفشل: «مفيش حد يقدر يسيطر على السوق.. السوق محدش يقدر يمسكه بإيده»، مضيفاً أنه إذا أرادت الدولة ضبط الأسعار، فعليها مراقبة تجار التجزئة، وليس تجار الجملة: «هنا السوق يحكم نفسه.. البضاعة لو كتير محدش يقدر يغلى، ولو قليلة محدش يقدر يرخص»، وأما تاجر القطاعى، فهو من يتحكم بنفسه فى سعر البضاعة: «ممكن تلاقى بتاع القطاعى واخد عندى الحاجة بجنيه وصارف عليها جنيه تانى وبيبيعها بخمسة جنيه.. هنا بقى تشوف الغلا.. لكن مش فى سوق الجملة». {left_qoute_2}

وبالعودة إلى الخلف قليلاً، للفلاح، تجد أن الكثير من المزارعين قلّلوا من المساحات المنزرعة بسبب غلاء أسعار البذور والكيماوى والسماد، حسب «صبيح»، الذى يشير إلى أحدهم بجواره، قائلاً: «الراجل ده بيزرع عشرين فدان باذنجان، دلوقتى بيزرع خمسة بس.. ده كان بيجيب سبع عربيات فلفل، دلوقتى بيجيب عربية واحدة بس بالعافية».

{long_qoute_1}

«أسعار النقل من الحقل وإلى السوق.. عمال النقل والتفريغ.. أسعار الأجولة.. ونفقات ورسوم السوق نفسها»، كلها أمور تتحكم فى السوق وتتحكم فى سعر السلع المبيعة، حسب «مصطفى»، مشيراً إلى أن العاملين فى جهاز سوق العبور، يظهرون كل صباح لجمع الأسعار من التجار، لكن سعر السلعة الواحدة يختلف من الصباح باكراً، إلى فترة الظهيرة، وحتى فى آخر النهار: «لكل وقت سعر ووضع مختلف.. ولازم كل تاجر يعرف ده كويس». عادة ما تكون الأسعار فى الصباح فى أعلى فترات اليوم، وتبدأ فى النزول تدريجياً حتى آخر النهار يكون السعر قد وصل إلى أقل مستوياته: «آخر اليوم الكل عايز يخلص من البضاعة اللى عنده، فبيبيعها بأقل سعر علشان ماتباتش عنده ويقل تمنها أكتر» يقول «مصطفى»، ويتساءل: «إزاى بقى تقدر الحكومة تتحكم فى الأسعار بين ساعة والتانية فى شكل وتمن مختلف».

داخل محله يفرغ إسماعيل أحمد ما يحمله من ثمار، ويجلس ليستريح على أريكة خشبية متهالكة، يلتقط أنفاسه، قبل أن يُدلى برأيه فى مسألة التسعيرة الاسترشادية ويقول إن الحكومة لا يمكن أن تسيطر على تجار سوق العبور: «كله كلام فى كلام.. السوق لا يلتزم بأى عُرف، ولا يعترف بكلام حد.. السوق عرض وطلب»، فالرجل يوضح أن من يُحدّد أسعار الخضار والفاكهة يومياً هو توافر السلع والثمار فى السوق، إذ توافرت قلّ سعرها، وإذ قلت زاد سعرها، وتحكم التجار فيها، لكن الحكومة ليس لها يد على أحد: «ومحدش فى الدولة كلها يقدر يجبر تاجر على البيع بسعر معين». أمام محله يقف رضوان مصطفى بجسده الضخم وجلبابه الصعيدى ليوجّه عماله بضرورة إنهاء إفراغ الحمولة بسرعة وعدم التكاسل، والعناية بالثمار خلال وضعها داخل الوكالة، ينفى «رضوان» بلهجته الصعيدية، اتفاق الحكومة مع التجار على الأسعار الاسترشادية: «محدش بيجى يتفق معانا على حاجة».

 

مطالب بتكثيف الرقابة على السلع


مواضيع متعلقة