عناني الجلالي: غسلت الأطباق مقابل «وجبة».. ونمت داخل كبائن التليفونات

عناني الجلالي: غسلت الأطباق مقابل «وجبة».. ونمت داخل كبائن التليفونات
- أحد الفنادق
- الأفلام الأجنبية
- الثانوية العامة
- الجزء الثالث
- الدكتوراه الفخرية
- الشرق الأوسط
- العادات والتقاليد
- العام المقبل
- آسف
- أبين
- أحد الفنادق
- الأفلام الأجنبية
- الثانوية العامة
- الجزء الثالث
- الدكتوراه الفخرية
- الشرق الأوسط
- العادات والتقاليد
- العام المقبل
- آسف
- أبين
تمرد على نفسه وظروفه، فسافر إلى النمسا ليعمل هناك بائعاً للجرائد، إلا أن صور الجنود المصريين القتلى فى الصحف وقت حرب 1967 جعلته يتراجع عن تلك المهنة، كان يقطن فى الملاجئ وبيوت الشباب وكبائن التليفونات، بعد أن هاجر إلى المجهول، وهو لا يعرف حتى اللغة الإنجليزية، ثم انتقل إلى الدنمارك، وهناك أكل من صناديق القمامة، ثم عمل غاسلاً لـ«الأطباق» فى فندق، مقابل وجبة فقط، وهناك تحدى القهر الذى عاشه، حتى أصبح نائباً لمدير أكبر فنادق الدنمارك، وهو فى منتصف العقد الثالث من عمره، لتتحول حياته إلى النقيض تماماً، فاللاجئ فى بيوت الشباب الذى كان يحلم بسرير ينام عليه ووجبة طعام، أصبحت لديه ملايين الأسرّة فى أكبر سلسلة فنادق يمتلكها فى العالم، وبات ضيف شرف على موائد الرؤساء والملوك، والفاشل فى تعليمه الذى لم يحصل على «الثانوية العامة» تحول إلى رئيس مجلس المستشارين للاتحاد الدولى للجامعات فى العالم.
كثير من المتناقضات كشف عنها رجل الأعمال عنان الجلالى، أحد عقول مصر المهاجرة، فى حواره مع «الوطن»، وأكد خطورة تزاوج رأس المال بالسلطة، فضلاً عن حاجة مصر لتنظيف شوارعها من القاذورات وتنظيف العقول من الميكروبات.
«الجلالى» يرى أن قرار تحرير سعر الصرف من أنجح القرارات التى اتخذتها مصر، إلا أنه اعتبر من المصائب أن الدولار أصبح هو العملة المصرية، فى ظل الحديث عنه والتركيز عليه بطريقة مبالغ فيها.. وإلى نص الحوار:
■ بداية.. من هو عنان الجلالى؟
- أنا رجل أعمال مصرى حاصل على الجنسية الدنماركية، هاجرت إلى النمسا بعد فشلى فى التعليم ورسوبى فى الثانوية العامة فى ستينات القرن الماضى، وعملت بائعاً للجرائد ثم انتقلت إلى الدنمارك، وهناك عملت غاسلاً لـ«الأطباق» فى أحد الفنادق، بعد أن كان أكلى من صناديق القمامة، وقررت أن أطور من نفسى حتى أصبحت صاحب واحدة من أكبر السلاسل الفندقية فى العالم، ولقبنى البعض بأنى «جراح الفنادق»، وحصلت بعدها على الدكتوراه الفخرية مرتين، ووسام العلم الدنماركى، وتوليت منصب رئيس مجلس المستشارين للاتحاد الدولى للجامعات فى العالم، فضلاً عن السفير التاريخى للعلاقات الدنماركية بالشرق الأوسط.
■ وما الذى استفدته من تجربتك وتريد أن تنقله للشباب؟
- استفدت من تجربتى على مدى عشرات السنين أنه لا يوجد شىء اسمه مستحيل، وأن الإنسان من وجهة نظرى لا يجب أن يكون لديه طموح، فأنا لم يكن لدى طموح، وكان كل ما آمله أن أجد سريراً أنام عليه ووجبة طعام، لكنى كنت أسعى لتطوير نفسى ومهاراتى الشخصية وتطوير الآخرين من حولى، فالتطوير كان مبدأ لى فى رحلتى بالخارج.
{long_qoute_1}
■ كيف عملت على تطوير نفسك؟
- أولاً يجب أن يعتمد الشخص على الله، وأن يكون لديه التزام بالمبادئ واحترام الآخرين على ما هم عليه، واحترام العادات والتقاليد المختلفة، فهذا موضوع مهم، لأنى لو فعلت هذا سيرد لى الاحترام، وأعتبر نفسى ماهراً أو ذكياً رغم ما كتب عنى من وصفى بـ«الجولدن بوى» أى الفتى الذهبى، لأن مقوماتى كلها كانت ضعيفة سواء الفكرية أو حتى الشكلية.
■ لكنك رغم كل هذا تحديت الصعاب ونجحت فى عدة مجالات؟
- أنا لا أحب كلمة النجاح أو الفشل أو الطموح، ولكن السر يكمن فى أننى تعرضت لمآسٍ ومواقف حفزتنى أن أعمل وأن أثبت نفسى، ففى البداية كان طموحى محدوداً يقتصر على إيجاد سرير ووجبة طعام، كما ذكرت سابقاً، وتعرضت للاضطهاد ممن حولى.
■ ما سبب اضطهادك.. هل لأنك عربى مسلم مثلاً؟
- قد يكون الاضطهاد سببه أنا وليس فقط لأننى عربى مسلم، بمعنى أننى لم أتفهم تقاليدهم أو عاداتهم أو قوانينهم، فلا يجب أن نقول إن الآخرين السبب، ونعلق فشلنا على شماعة الآخر، فعندما تعرضت للاضطهاد والعنصرية والإهانات، قررت أن أطور من نفسى، وأصبح هدفى أن أكتسب احترام من حولى والخبرة وكان هذا هو الهدف الجديد لى الذى سعيت لتحقيقه، وما وصلت إليه من احترام وخبرة لم أكن أتصور أن أصل إلى 1 من مليون فى المائة، منه، وأنا هنا أقصد الاحترام على المستوى الدولى.
■ لم تقل لى على وجه التحديد كيف طورت نفسك لتصبح فى هذه المكانة وما الخبرات التى اكتسبتها؟
- لقد أصبحت مديراً لأكبر فنادق الدنمارك، وعمرى 25 عاماً، ثم رئيساً لأكبر سلسلة فنادق هناك، وكنت أجلس مثلاً مع المهندسين، العاملين فى السلسلة، لمعرفة خلاصة ما توصلوا إليه من علم، وعندما يمرض أحد الموظفين كنت أذهب معه إلى الطبيب ليفعل الشىء ذاته ويشرح لى عصارة ما حصل عليه من علم كل فى مجاله، وهكذا مع المحاسبين القانونيين، كنت أحصل منهم على العلم الذى كلفهم الآلاف على طبق من فضة.
■ كيف واجهت أزمة اللغة؟
- لقد خرجت من مصر ولا أعرف شيئاً عن اللغة الإنجليزية، وكنت أقسم وقتى لثلاثة أجزاء ما بين عملى فى الفندق كغاسل للأطباق، وللحصول على دورات تدريبية فى عدة مجالات، وفى الجزء الثالث كنت أشاهد الأفلام الأجنبية، وقد تعلمت اللغة الإنجليزية والدنماركية من ترجمة تلك الأفلام.
وبمناسبة هذا الموضوع، أذكر أن صاحب الفندق الذى وافق على عملى كغاسل للأطباق، فى بداية الستينات، زارنى قريباً وأعطانى خطاباً كنت قد كتبته فور تسلمى العمل لتهنئته بالعام الميلادى الجديد، وكتبته باللغة العربية وقلت له فيه «آسف لأننى كتبته باللغة العربية فأنا لا أعرف اللغة اللاتينية».
■ ما الأعمال التى مارستها قبل أن تستقر على مهنة غاسل صحون فى أحد فنادق الدنمارك؟
- سافرت أولاً إلى العاصمة النمساوية فيينا عام 1967، وعملت هناك فى بيع الجرائد، وفى تقطيع الشجر فى الغابات، وغيرها من المهن، وكنت هناك أبيع الجرائد التى تحتوى على صور لقتلى من الجنود المصريين وقت الحرب مع إسرائيل، وكانت دموعى تنساب منى، وأنا أقول لنفسى كيف أبيع صور أهلى القتلى كى أعيش، لذا توقفت عن بيع الجرائد لهذا السبب، ووصل بى الحال بعدها إلى أكل البيض دون طهى، كنت أشربه، فأهانتنى السيدة التى اشتريت منها البيض وقالت لى أنت «كلب خنزير»، كما كنت أعمل فى تفريغ عربات النقل، كل ذلك رغم توصية والدى الذى كان ضابطاً فى القوات المسلحة، للسفير المصرى فى فيينا حينها حسين التهامى، وكان عضواً فى مجلس الثورة، حيث كان يدعونى على حفلات العشاء التى يقيمها كل أسبوعين وتحضرها شخصيات مرموقة فى النمسا، كما كان الطعام يأتى من مصر بالطائرة نظراً لأهمية الضيوف المدعوين، لكنى بعد ذلك رفضت طلبه بالعودة إلى مصر لأنى شعرت بأنى عالة وعبء على أهلى ووطنى فقررت الهجرة إلى المجهول فى الدنمارك.
■ ألا تعتزم أن تكتب قصة حياتك فى كتاب أو مذكرات؟
- هى بالفعل تكتب الآن من قبل كتاب أمريكيين، ومن المفترض نشرها وتوزيعها على مستوى دولى خلال العام المقبل، وبالمناسبة قالت لى كاتبة دنماركية إنها تعتزم أن تحكى قصة البيضة على مساحة صفحة ونصف الصفحة فى الكتاب، فسألتها لماذا؟، قالت لأبين كيف ضاق بك الحال لدرجة أنك لم تجد ماءً تسلق فيه البيض لتأكله بدلاً من شربه نيئاً.