رئيس أكبر سلسلة فنادق بالدنمارك: على رجال الأعمال تدشين مشروعات تعود بالنفع على الاقتصاد بدلاً من المتاجرة بالشعارات

كتب: أحمد البهنساوى

رئيس أكبر سلسلة فنادق بالدنمارك: على رجال الأعمال تدشين مشروعات تعود بالنفع على الاقتصاد بدلاً من المتاجرة بالشعارات

رئيس أكبر سلسلة فنادق بالدنمارك: على رجال الأعمال تدشين مشروعات تعود بالنفع على الاقتصاد بدلاً من المتاجرة بالشعارات

تمرد على نفسه وظروفه، فسافر إلى النمسا ليعمل هناك بائعاً للجرائد، إلا أن صور الجنود المصريين القتلى فى الصحف وقت حرب 1967 جعلته يتراجع عن تلك المهنة، كان يقطن فى الملاجئ وبيوت الشباب وكبائن التليفونات، بعد أن هاجر إلى المجهول، وهو لا يعرف حتى اللغة الإنجليزية، ثم انتقل إلى الدنمارك، وهناك أكل من صناديق القمامة، ثم عمل غاسلاً لـ«الأطباق» فى فندق، مقابل وجبة فقط، وهناك تحدى القهر الذى عاشه، حتى أصبح نائباً لمدير أكبر فنادق الدنمارك، وهو فى منتصف العقد الثالث من عمره، لتتحول حياته إلى النقيض تماماً، فاللاجئ فى بيوت الشباب الذى كان يحلم بسرير ينام عليه ووجبة طعام، أصبحت لديه ملايين الأسرّة فى أكبر سلسلة فنادق يمتلكها فى العالم، وبات ضيف شرف على موائد الرؤساء والملوك، والفاشل فى تعليمه الذى لم يحصل على «الثانوية العامة» تحول إلى رئيس مجلس المستشارين للاتحاد الدولى للجامعات فى العالم.

{long_qoute_1}

كثير من المتناقضات كشف عنها رجل الأعمال عنان الجلالى، أحد عقول مصر المهاجرة، فى حواره مع «الوطن»، وأكد خطورة تزاوج رأس المال بالسلطة، فضلاً عن حاجة مصر لتنظيف شوارعها من القاذورات وتنظيف العقول من الميكروبات.

«الجلالى» يرى أن قرار تحرير سعر الصرف من أنجح القرارات التى اتخذتها مصر، إلا أنه اعتبر من المصائب أن الدولار أصبح هو العملة المصرية، فى ظل الحديث عنه والتركيز عليه بطريقة مبالغ فيها.. وإلى نص الحوار:

■ بداية.. من هو عنان الجلالى؟

- أنا رجل أعمال مصرى حاصل على الجنسية الدنماركية، هاجرت إلى النمسا بعد فشلى فى التعليم ورسوبى فى الثانوية العامة فى ستينات القرن الماضى، وعملت بائعاً للجرائد ثم انتقلت إلى الدنمارك، وهناك عملت غاسلاً لـ«الأطباق» فى أحد الفنادق، بعد أن كان أكلى من صناديق القمامة، وقررت أن أطور من نفسى حتى أصبحت صاحب واحدة من أكبر السلاسل الفندقية فى العالم، ولقبنى البعض بأنى «جراح الفنادق»، وحصلت بعدها على الدكتوراه الفخرية مرتين، ووسام العلم الدنماركى، وتوليت منصب رئيس مجلس المستشارين للاتحاد الدولى للجامعات فى العالم، فضلاً عن السفير التاريخى للعلاقات الدنماركية بالشرق الأوسط.

{left_qoute_1}

■ وما الذى استفدته من تجربتك وتريد أن تنقله للشباب؟

- استفدت من تجربتى على مدى عشرات السنين أنه لا يوجد شىء اسمه مستحيل، وأن الإنسان من وجهة نظرى لا يجب أن يكون لديه طموح، فأنا لم يكن لدى طموح، وكان كل ما آمله أن أجد سريراً أنام عليه ووجبة طعام، لكنى كنت أسعى لتطوير نفسى ومهاراتى الشخصية وتطوير الآخرين من حولى، فالتطوير كان مبدأ لى فى رحلتى بالخارج.

■ كيف عملت على تطوير نفسك؟

- أولاً يجب أن يعتمد الشخص على الله، وأن يكون لديه التزام بالمبادئ واحترام الآخرين على ما هم عليه، واحترام العادات والتقاليد المختلفة، فهذا موضوع مهم، لأنى لو فعلت هذا سيرد لى الاحترام، وأعتبر نفسى ماهراً أو ذكياً رغم ما كتب عنى من وصفى بـ«الجولدن بوى» أى الفتى الذهبى، لأن مقوماتى كلها كانت ضعيفة سواء الفكرية أو حتى الشكلية.

■ لكنك رغم كل هذا تحديت الصعاب ونجحت فى عدة مجالات؟

- أنا لا أحب كلمة النجاح أو الفشل أو الطموح، ولكن السر يكمن فى أننى تعرضت لمآسٍ ومواقف حفزتنى أن أعمل وأن أثبت نفسى، ففى البداية كان طموحى محدوداً يقتصر على إيجاد سرير ووجبة طعام، كما ذكرت سابقاً، وتعرضت للاضطهاد ممن حولى.

■ ما سبب اضطهادك.. هل لأنك عربى مسلم مثلاً؟

- قد يكون الاضطهاد سببه أنا وليس فقط لأننى عربى مسلم، بمعنى أننى لم أتفهم تقاليدهم أو عاداتهم أو قوانينهم، فلا يجب أن نقول إن الآخرين السبب، ونعلق فشلنا على شماعة الآخر، فعندما تعرضت للاضطهاد والعنصرية والإهانات، قررت أن أطور من نفسى، وأصبح هدفى أن أكتسب احترام من حولى والخبرة وكان هذا هو الهدف الجديد لى الذى سعيت لتحقيقه، وما وصلت إليه من احترام وخبرة لم أكن أتصور أن أصل إلى 1 من مليون فى المائة، منه، وأنا هنا أقصد الاحترام على المستوى الدولى.

■ لم تقل لى على وجه التحديد كيف طورت نفسك لتصبح فى هذه المكانة وما الخبرات التى اكتسبتها؟

- لقد أصبحت مديراً لأكبر فنادق الدنمارك، وعمرى 25 عاماً، ثم رئيساً لأكبر سلسلة فنادق هناك، وكنت أجلس مثلاً مع المهندسين، العاملين فى السلسلة، لمعرفة خلاصة ما توصلوا إليه من علم، وعندما يمرض أحد الموظفين كنت أذهب معه إلى الطبيب ليفعل الشىء ذاته ويشرح لى عصارة ما حصل عليه من علم كل فى مجاله، وهكذا مع المحاسبين القانونيين، كنت أحصل منهم على العلم الذى كلفهم الآلاف على طبق من فضة.

{long_qoute_2}

■ كيف واجهت أزمة اللغة؟

- لقد خرجت من مصر ولا أعرف شيئاً عن اللغة الإنجليزية، وكنت أقسم وقتى لثلاثة أجزاء ما بين عملى فى الفندق كغاسل للأطباق، وللحصول على دورات تدريبية فى عدة مجالات، وفى الجزء الثالث كنت أشاهد الأفلام الأجنبية، وقد تعلمت اللغة الإنجليزية والدنماركية من ترجمة تلك الأفلام.

وبمناسبة هذا الموضوع، أذكر أن صاحب الفندق الذى وافق على عملى كغاسل للأطباق، فى بداية الستينات، زارنى قريباً وأعطانى خطاباً كنت قد كتبته فور تسلمى العمل لتهنئته بالعام الميلادى الجديد، وكتبته باللغة العربية وقلت له فيه «آسف لأننى كتبته باللغة العربية فأنا لا أعرف اللغة اللاتينية».

■ ما الأعمال التى مارستها قبل أن تستقر على مهنة غاسل صحون فى أحد فنادق الدنمارك؟

- سافرت أولاً إلى العاصمة النمساوية فيينا عام 1967، وعملت هناك فى بيع الجرائد، وفى تقطيع الشجر فى الغابات، وغيرها من المهن، وكنت هناك أبيع الجرائد التى تحتوى على صور لقتلى من الجنود المصريين وقت الحرب مع إسرائيل، وكانت دموعى تنساب منى، وأنا أقول لنفسى كيف أبيع صور أهلى القتلى كى أعيش، لذا توقفت عن بيع الجرائد لهذا السبب، ووصل بى الحال بعدها إلى أكل البيض دون طهى، كنت أشربه، فأهانتنى السيدة التى اشتريت منها البيض وقالت لى أنت «كلب خنزير»، كما كنت أعمل فى تفريغ عربات النقل، كل ذلك رغم توصية والدى الذى كان ضابطاً فى القوات المسلحة، للسفير المصرى فى فيينا حينها حسين التهامى، وكان عضواً فى مجلس الثورة، حيث كان يدعونى على حفلات العشاء التى يقيمها كل أسبوعين وتحضرها شخصيات مرموقة فى النمسا، كما كان الطعام يأتى من مصر بالطائرة نظراً لأهمية الضيوف المدعوين، لكنى بعد ذلك رفضت طلبه بالعودة إلى مصر لأنى شعرت بأنى عالة وعبء على أهلى ووطنى فقررت الهجرة إلى المجهول فى الدنمارك.

■ ألا تعتزم أن تكتب قصة حياتك فى كتاب أو مذكرات؟

- هى بالفعل تكتب الآن من قبل كتاب أمريكيين، ومن المفترض نشرها وتوزيعها على مستوى دولى خلال العام المقبل، وبالمناسبة قالت لى كاتبة دنماركية إنها تعتزم أن تحكى قصة البيضة على مساحة صفحة ونصف الصفحة فى الكتاب، فسألتها لماذا؟، قالت لأبين كيف ضاق بك الحال لدرجة أنك لم تجد ماءً تسلق فيه البيض لتأكله بدلاً من شربه نيئاً.{left_qoute_2}

■ لم تحصل على الثانوية العامة ومع ذلك تترأس مجلس المستشارين للاتحاد الدولى للجامعات فى العالم كله.. كيف حدث ذلك؟

- هذا المجلس يشترط أن يكون مجرد العضو به رئيس جامعة وليس عميد كلية فقط، وما حدث أننى كنت أحاضر فى إحدى الجامعات الدنماركية فى وجود 13 ألف شخص عن الوضع الاقتصادى، وتنبأت بحدوث انهيار اقتصادى عالمى وشرحت أسبابه وتداعياته، وقلت إنه من دواعى فخرى أن ألقى فى حرم جامعة محاضرة خاصة، وإنى غير متعلم، فقام رئيس الجامعة وقال إنى أعترض، حينها تصببت عرقاً وقررت فى نفسى أنى لن أحاضر مرة أخرى فى الاقتصاد ظناً منى أنه اعترض على ما ذكرته فى محاضرتى، لكن اتضح بعد ثوانٍ قليلة أن وجه اعتراضه كان على جملة «أنا غير متعلم»، فقال بعدها «إنك أثبت بعد تحليلك الرائع للوضع الاقتصادى أنك متعلم أكثر منا جميعاً»، وهذا الرجل بالصدفة كان مديراً للبورصة الأوروبية واسمه سبين كاسبرسن، ثم أصبح رئيس الاتحاد الدولى لرؤساء الجامعات وقال للمجلس إنه يريد استثناء «عنان الجلالى» من شروط العضوية بسبب خبرته ومنطقه لأنه سيعيننا ويكمل إطارنا الأكاديمى، وعينت كبير مستشارين فى المجلس ثم تم تعيينى فجأة رئيس مجلس المستشارين وأنا فى منصبى هذا منذ 9 سنوات حتى الآن. وأذكر أنهم عندما عينونى قلت لهم إنكم أثبتم بتعيينى هذا أن الدراسات والاختبارات والأبحاث، لا يمكن أن تصل إلى أهدافها دون الخبرة التى أمثلها، لأننى لم أحصل حتى على الثانوية العامة، حينها حدث صمت من الحضور الذين كانوا يمثلون نحو 70 دولة، ثم ظلوا يصفقون لى لمدة دقيقتين.

وهذه ليست المفارقة الوحيدة فى حياتى فحسب، ولكنى كنت آكل من صناديق القمامة والآن أصبح لدى ملايين الوجبات فى فنادقى الأربعة «الخمس نجوم»، وكنت ضيف شرف لملكة الدنمارك فى عدة مناسبات وعلى بعد أمتار من صناديق القمامة التى كنت آكل منها، كما منحتنى الملكة وسام العلم الدنماركى وهو أرفع وسام هناك، وكنت أنام فى صناديق التليفونات والملاجئ وبيوت الشباب، والآن أصبح عندى ملايين الأسرَّة، كسبت وخسرت الملايين وما أكسبه أو أخسره مجرد رقم فى البنوك، لا أحزن عليه ولا أتطلع إليه، كما أننى التقيت العديد من الزعماء والرؤساء ومن بينهم الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى حفل عشاء بأمريكا لرواد الأعمال، فضلاً عن الرئيس الروسى عام 1972 وممثلين فى السينما ونجوم هوليوود ومغنين عالميين.

{long_qoute_3}

■ كيف للشباب المصرى أن يستفيد من تجربتك المليئة بالتناقضات كما ذكرت؟

- التعليم مهم جداً للشباب، وأقول لهم استفيدوا من أوقاتكم ولا تضيعوها على المقاهى والألعاب الإلكترونية، فأنا على سبيل المثال حتى عندما كنت أذهب إلى السينما كان ذلك بغرض أن أتعلم اللغات الأجنبية من خلال ترجمة الأفلام، وخرجت من مصر وليس فى جيبى نقود ولم أكن أمتلك سوى عاداتى وتقاليدى، ما يحدث الآن هو العكس، وهو مطالبة المهاجرين واللاجئين بأن يغيروا عاداتهم ويندمجوا مع المجتمعات التى يسافرون إليها، فأنا احترمت الآخر على ما هو عليه مع تمسكى بدينى وعاداتى.

■ ما رأيك فى الوضع الاقتصادى المصرى؟

- مصر جزء من منظومة اقتصادية عالمية، وهى دولة منهوبة على مدار 3 آلاف سنة، وليس على مدى الـ30 سنة فقط كما يقول البعض، فعندما نجد الساقية والشادوف المرسومة على معابد الفراعنة منذ 5 آلاف عام موجودة حتى الآن فهذا يعنى أننا تأخرنا آلاف السنين، مصر أغلى وأغنى من أى دولة فى المنطقة فهى غنية بأرضها التى تصلح لزراعة جميع المحاصيل صيفاً وشتاءً، ونحن حتى الآن لا نعرف قيمتها.

■ إذن، ما سبب تردى الوضع الاقتصادى لدينا؟

- الوضع الاقتصادى فى مصر متردٍّ لكن ثرواتنا موجودة والأزمة تكمن فى أننا لا نستغل تلك الثروات، كما أننا ما زلنا نستورد محاصيل زراعية رغم أننا بلد زراعى، والحل يكمن فى تدريب الأيدى العاملة الكثيفة لدينا، بينما الدول المجاورة تستورد الأيدى العاملة، كما أن لدينا مقومات كالموقع الجغرافى الذى يجعل سفن تصديرنا تصل إلى أوروبا فى 12 ساعة فقط، عبر مرسى مطروح، ومع ذلك نستورد أكثر، كما نحتاج إلى مطار دولى عالمى فى منطقة مثل السلوم، نصل من خلاله إلى أوروبا فى نصف ساعة.

■ كيف يمكن معالجة تلك السلبيات لتحقيق طفرة اقتصادية؟

- يجب تعديل الكثير من القوانين مثل قانون الاستثمار، نريد قانوناً يزيد التنافسية، ويجعل المستثمر يتحايل علينا لكى يأتى إلينا ويستثمر بسبب المزايا التى أمنحها له وليس العكس، نحن حتى الآن نعيش فى عشوائيات للأسف الشديد، كما نحتاج إلى تغيير فى الفكر وأن يمارس الإعلام دوراً تنموياً بتوعية الشعب، الذى أصبح منهكاً بسبب الأحداث التى مرت بها مصر خلال السنوات الخمس الماضية.

■ هل ترى أن ثورتى 25 يناير و30 يونيو لم تحدثا أى تغيير فى مصر؟

- حدث تغيير واحد فقط وهو أن مصر لم تعد عزبة لأحد، فمصر كانت عزبة مع احترامى لكل نظام كان يحكمها، حيث كانت لمجموعة من رجال الأعمال والسياسيين، المرتبطين ببعضهم البعض.

{left_qoute_3}

■هل تعرضت للتضييق أيام الرئيس الأسبق حسنى مبارك؟

- لا أريد التحدث عن ذلك.

■ لماذا؟

- لأنى اضطررت لتصفية كل أعمالى فى مصر بسبب ما تعرضت له من مضايقات خلال فترة حكم مبارك، وما زالت ذيول النظام موجودة حتى الآن، وبالمناسبة أنا التقيت مبارك نحو 5 مرات لكن لم أكن أشكو له، ونقلت له أفكاراً منها أن تصبح بورسعيد مدينة عالمية مثل دبى، وتحدثت معه بخصوص عمليات «تسقيع الأراضى» فى شرم الشيخ والغردقة وغيرها من قبل بعض رجال الأعمال، ما يسبب ضرراً بالغاً للتنمية والاقتصاد، فرد علىّ قائلاً «لو استمر هذا الوضع هنزل الجيش»، وعندما نزل الجيش بعد ثورة يناير لضبط البلاد تذكرت كلمته التى قالها قبل 10 سنوات.

■ هل انضممت لأى حزب سياسى؟

- لم أنتمِ سياسياً لأى حزب ورفضت ذلك، كما رفضت تولى العديد من المناصب التى عُرضت علىّ داخلياً وخارجياً، فقررت البعد عن السياسة كل البعد لأن السياسة «لها ناسها»، والسياسيون فى العالم كله أصبحوا الآن «ملطشة» بسبب وسائل التواصل الاجتماعى، وعندما عُرض علىّ منصب وزارى فى الدنمارك رفضت وقلت إننى معتاد على مراقبة موظفى أعمالى لكن عندما أتولى منصباً حكومياً سأكون مراقباً من الملايين.

■ أغلب حديثك يركز على حياتك فى الدنمارك أو باعتبارك شخصية دنماركية.. أين مصر فى تجربتك؟

- كل الألقاب التى حصلت عليها ومنها «جراح الفنادق»، و«فارس العلم الدنماركى»، و«سفير العلاقات التاريخية للدنمارك فى الشرق الأوسط» كانت باعتبارى شخصاً دنماركياً، لكنى كنت أعلن مصريتى وقلت إننى أعيش بقلب مصرى وفكر غربى لأنى صقلت بالتطور الذى حدث لى فى الخارج.

■ هل التقيت الرئيس عبدالفتاح السيسى؟

- لا.. لم يحدث حتى الآن.

■ وهل التقيت الرئيس المعزول محمد مرسى؟

- لم يحدث أيضاً رغم أن رئاسة الجمهورية حينها وجهت لى الدعوة للقائه لكنى اعتذرت.

■ لماذا اعتذرت عن لقاء مرسى؟

- لأنى قلت للإخوان حينما تولوا الحكم فى مصر أتمنى أن تصححوا صورة الإسلام التى شوهت فى العالم، وأن تستغلوا الفرصة، لكن الغريب أن رجال الأعمال الذين كانوا سبباً فى سقوط نظام مبارك تم استبدالهم برجال أعمال إخوان فى عهد مرسى، بل إن رجال الأعمال الإخوان كانوا جزءاً من مؤسسة الرئاسة، وهو ما لم يحدث أيام مبارك، وبالتالى استغربت عدم استغلالهم للفرصة التى حصلوا عليها وتضييعهم لها فرفضت لقاء مرسى، خصوصاً أنى ضد اشتغال رجال الأعمال بالسياسة.

■ ولماذا ترفض اشتغالهم بالسياسة؟

- لأنه لن يتفق رجل الأعمال مع السياسة، فالنظم العالمية وقعت بسبب اشتغال رجال الأعمال بالسياسة، ومصيبة الدول النامية والعالم العربى وخصوصاً مصر هى تزاوج رجال الأعمال بالسلطة.

■ هل ترى أن هذا الوضع موجود فى مصر الآن؟

- للأسف نعم، موجود حتى الآن، فالسياسى فى الدول المتقدمة يكون تاريخه مليئاً بالعمل السياسى منذ شبابه وبالتالى يكون متفرغاً له فقط، وأرى أن أحد أهم أسباب انهيار اقتصاديات العديد من الدول هو اشتغال رجال الأعمال بالسياسة، وعلى المستوى الشخصى أنا فخور بأنى ساقط ثانوية عامة، واشتغلت غاسلاً للأطباق فى بداية حياتى.

■ بمناسبة النجاح الذى حققته فى مجال الفندقة.. كيف ترى معالجة أزمة السياحة فى مصر؟

- مصر عموماً تحتاج إلى تنظيف الشوارع من القاذورات والعقول من الميكروبات، فلا أحد يبالى بالقاذورات الجالبة للأمراض والملوثة للنيل، كيف نسمم البيئة التى نعيش فيها ثم نعود بعد ذلك لنشكو من تردى أوضاعنا، أما الميكروبات العقلية والفكرية، فمنها الفتاوى العشوائية بدخول الناس للجنة والآخرين للنار، ولا أعلم كيف وصلنا إلى حد التدخل فى علم الله الغيبى، كيف نسعى لبناء مجمع أبحاث وتعليمنا الأساسى يعانى.

■ لكن أين دور عقول مصر المهاجرة فى ظل هذا الوضع الذى ذكرته؟

- بالطبع علينا دور كبير، وأنا شخصياً أول من أحضرت الجراح العالمى مجدى يعقوب إلى مصر عقب حصوله على لقب سير من ملكة إنجلترا، وجلست مع الدكتور فؤاد إسكندر، وزير الهجرة فى هذا الوقت، وتوليت مجيئه إلى مصر فى ثمانينات القرن الماضى.

■ نعود لأزمة السياحة فى مصر كيف يمكن معالجتها؟

- باستغلال القوى الناعمة ومخاطبة الشعوب قبل الحكومات لعودة السياحة، فمثلاً يجب استغلال الموسيقى المصرية وأعلامنا البارزين مثل الفن التى قدمته الفنانة داليدا وتسويقها باعتبارها من أصول مصرية، أيضاً الفنادق عليها دور فى توزيع ملخصات ومنشورات بأهم معالم مصر السياحية على السائحين وعمل برامج تركز على شرح طبيعة مصر الخلابة ومقوماتها بحيث يتحول السائحون إلى مندوبى دعاية غير مباشرة لمصر فى الخارج، كما أننا نفتقد إلى العمالة المدربة والمؤهلة على استقبال السائحين وخدمتهم.

■ هل تؤيد القرارات الاقتصادية الأخيرة فى مصر خصوصاً تحرير سعر الصرف؟

- تحرير سعر الصرف من أنجح القرارات التى اتخذتها مصر فى الفترة الأخيرة، ومن ضمن المصائب أن الدولار أصبح هو العملة المصرية، وأنا أتجنب الحديث عن قيمة الدولار، لأن التركيز و«الكلام كتير» عليه بهذه الطريقة مصيبة، وكأنه أصبح هو العملة المصرية فى مصر والجنيه المصرى غير موجود، وشعرت بفخر عندما علمت بقرار إيداع الأموال فى البنوك فى شهادات بفائدة 20% وقلت حينها «إيه العظمة دى؟»، هل تعلم أن من يودع أمواله فى البنوك فى الدول الأجنبية يدفع عليها رسوماً 1% دون الحصول على أى فوائد، لكن هذا لا يمنع أن هناك عشوائية فى بعض القرارات مثل تحويلات المصريين فى الخارج، كما أتحفظ على جملة «من أجل مصر» لأن هناك من يتاجرون بها، والمصيبة أن من يرفع هذا الشعار يعمل من أجل جيبه فقط، وأريد من رجال الأعمال أن يدشنوا مشروعات حقيقية تدر دخلاً ونفعاً على الاقتصاد المصرى بدلاً من المتاجرة بالشعارات، وأخيراً نحن نحتاج للدعم المعنوى وليس المادى حتى لا يشوه العالم صورتنا، فمصر لديها فرصة ذهبية لتنهض لو لم تستغلها ستظل كما هى مئات السنين، وأتمنى أن أرى وجوهاً جديدة بسياسات جديدة تقود مصر للمستقبل.


مواضيع متعلقة