مياه الصرف الصحى تغرق منازل قرية «القبة» بالشرقية فى غياب أجهزة الحكومة

كتب: نظيمة البحراوى

مياه الصرف الصحى تغرق منازل قرية «القبة» بالشرقية فى غياب أجهزة الحكومة

مياه الصرف الصحى تغرق منازل قرية «القبة» بالشرقية فى غياب أجهزة الحكومة

«مياه الصرف الصحى تغمر شوارع القرية، الروائح الكريهة تبعث من كل مكان، الأهالى مشغولون بكسح المياه من منازلهم ليلاً ونهاراً، المستشفيات والعيادات الخاصة تعج بعشرات المرضى»، هذا هو حال قرية «القبة»، التابعة لمركز منيا القمح فى محافظة الشرقية، حيث يفتقد الأهالى أبسط الخدمات، بعدما تلاشى حلمهم فى مشروع للصرف الصحى بقريتهم، ينقذهم وأبناءهم من السقوط فريسة للأمراض.

انتقلت «الوطن» لرصد معاناة أهالى القرية، التى لا تبعد سوى 10 كيلومترات فقط عن مدينة منيا القمح، الوسيلة الوحيدة للوصول إليها سيارات «ربع نقل»، وعندما بدأت رائحة المجارى تزكم أنوفنا، أدركنا أننا أصبحنا على مشارف القرية، اصطحبنا دليلنا، ويُدعى «ناصر السيد عبدالمعبود»، أحد أبناء القرية، لنرى بأعيننا مياه الصرف الصحى وقد أغرقت معظم شوارع القرية، بعض الأهالى يجاهدون لكسح المياه، بينما انشغل آخرون فى إنشاء سدود ترابية ووضع الحجارة محاولين شق طريق لهم وسط المياه الراكدة.

{long_qoute_1}

داخل أحد الشوارع الضيقة، وقف شاب بجواره شخصان آخران، يقومون بتسليك «بالوعة» صرف صحى، لوقف تدفق المياه إلى منازلهم، وبمجرد رؤيتنا بادرنا الشاب، ويدعى «عصام رضوان»، قائلاً: «أنا وجيرانى على نفس الحال من 3 سنين، مش ملاحقين على مياه المجارى، ولا عارفين نعيش زى البنى آدمين»، وأشار الشاب الثلاثينى بيده ناحية الدور الأول من منزله المكون من 3 طوابق، وتابع بقوله: «كنا نستخدم تلك الغرف لتربية الماشية والطيور وتخزين المحاصيل الزراعية، أما الآن فتحولت إلى برك من مياه الصرف الصحى تغمرها ليلاً ونهاراً لتأكل أساسات المنزل».

وأردف «رضوان» بقوله: «أقيم فى هذا المنزل أنا وأشقائى وأسرهم، ولا نملك أى مكان آخر بعدما أنفقنا على بنائه كل ما نملك، لنحتمى بين جدرانه، ونوفر مسكناً ملائماً لأبنائنا، ولم نكن نعلم أنه سيتحول إلى بؤرة للصرف والأمراض»، وأضاف أن «خطورة الأمر وصلت إلى أننا أصبحنا نعيش فى رعب، خوفاً من انهيار المنزل فوق رؤوسنا». وعلى بعد خطوات، جلست «نعمات مصطفى»، 70 عاماً، يخيم الحزن على وجهها، وتحتضن حفيدتها، تحاول أن تبعدها عن مياه الصرف التى تراكمت أمام منزلها، وقالت إن ابنها يقوم بجمع الأتربة يومياً لوضعها أمام المنزل، لمنع مياه الصرف الصحى من التدفق إليه، أو يبذل كل جهده من أجل توفير نفقات كسح مياه المجارى من المنزل، وأضافت بقولها: «مش عارفين نعمل إيه، كل يوم الصرف بيطفح، وابنى غلبان عامل أرزقى، يوم فيه شغل ويوم مفيش، وهو اللى مسئول عنى وأبوه وزوجته وأطفاله الأربعة»، وأشارت إلى زوجها القعيد الذى لا يقوى على العمل، كما أنها مصابة بمرض «السكر»، وأن ما يحصل عليه ابنها من أجر بالكاد يسد حاجتهم، وأكدت أن طفح المجارى أضاف أعباء أخرى أثقلت كاهل ابنها، حيث يلتزم بدفع مبلغ يومياً أو شهرياً، لمشاركة الأهالى فى تأجير جرارات لكسح مياه الصرف.

ومن جانبه، أكد «مرجان مهدى»، أحد الأهالى: «تقدمنا بالعديد من الشكاوى إلى الجهات المختصة منذ سنوات طويلة، لإدخال مشروع الصرف الصحى بالقرية، ولكن دون جدوى، ما دفع الأهالى إلى تجميع مبالغ مالية، وإدخال مشروع صرف بالجهود الذاتية، وكان العمل بالمشروع يسير بشكل جيد، حتى قررت الحكومة إدخال مشروع الصرف بالقرية، وذلك قبل ثورة 25 يناير 2011، إلا أن المشروع لم يكتمل، واقتصر الأمر على إدخال مواسير للصرف وحسب، حيث توقف العمل بعد قيام الثورة، بدعوى نقص الموارد المالية»، وأكد أنه توجه إلى مجلس مدينة منيا القمح، لمطالبة رئيس المجلس بتوفير سيارات لكسح الصرف بالقرية، إلا أن أحد الموظفين طالبه بدفع 150 جنيهاً للجرار مقابل العمل لمدة ساعة، مضيفاً أنه توجه بعد ذلك لتقديم شكوى إلى إحدى أعضاء مجلس النواب عن دائرة مركز منيا القمح، والتى تواصلت مع محافظ الشرقية، اللواء خالد سعيد، الذى أمر بتوفير سيارتين للكسح، إحداهما تابعة لمجلس المدينة، والأخرى للمحافظة، لشفط مياه الصرف من شوارع القرية.


مواضيع متعلقة