رئيس «التخطيط العمرانى» لـ«الوطن»: خزانة الدولة لا تتحمل مليماً واحداً من المشروعات القومية.. وهيئة المجتمعات تتبنى التكلفة

كتب: أحمد مصطفى أحمد

رئيس «التخطيط العمرانى» لـ«الوطن»: خزانة الدولة لا تتحمل مليماً واحداً من المشروعات القومية.. وهيئة المجتمعات تتبنى التكلفة

رئيس «التخطيط العمرانى» لـ«الوطن»: خزانة الدولة لا تتحمل مليماً واحداً من المشروعات القومية.. وهيئة المجتمعات تتبنى التكلفة

دافع الدكتور عاصم الجزار، رئيس هيئة التخطيط العمرانى، عن اهتمام الدولة بالمشروعات القومية، رافضاً اتهامها بإنفاق المليارات على مشروعات «سكنية»، كما يصورها البعض، مؤكداً، خلال حواره مع «الوطن»، أن المشروع المعروف بالعاصمة الإدارية الجديدة، على سبيل المثال، هو عبارة عن حى للمال والأعمال لاستيعاب الشركات والمستثمرين المتوقع قدومهم إلى مصر للاستثمار فى محور الساحل الشمالى.. وإلى نص الحوار.

{long_qoute_1}

■ ماذا عن الاتهامات بشأن عدم استشارتكم فى مشروع العاصمة الإدارية الجديدة؟

- هذا الكلام عارٍ تماماً من الصحة، والمشروع ككل هو أحد المشروعات التى خططت لها هيئة التخطيط العمرانى الجديد.

■ لكن البعض يقول إن الحكومة قررت بين ليلة وضحاها بناء عاصمة جديدة لمصر؟

- فى البداية، دعنى أصحح للناس هذا المصطلح، ما نبنيه ليس عاصمة إدارية جديدة، إنما هو مركز إدارى للمال والأعمال، أما العاصمة فما زالت القاهرة، والمصطلح أطلق على المشروع مجازاً، وأهم ميزة فى المشروع أنه من المقرر أن يضم مبانى إدارية تكون بديلة لمقرات الوزارات الحالية، التى تقطن فى مبانٍ غير مبنية لتكون مقرات حكومية أو شركات، إنما كانت عبارة عن فيلات وشقق سكنية، وأغلب المبانى الحكومية فى وسط البلد هى قصور سكنية، وعلى سبيل المثال فإن مقر هيئة التخطيط العمرانى حالياً هو فى الأصل قصر إسماعيل باشا المفتش، ومسجل ضمن المبانى الأثرية، والسؤال هنا هل تلك المبانى يتم استغلالها جيداً، الإجابة بالطبع لا، لذلك قرّرنا أن تكون منطقة القاهرة القديمة منطقة للآثار والترفيه، واستبدال المقرات الحالية بمقرات جديدة يتم بناؤها فى المركز الإدارى الجديد.

■ وهل تمت استشارتكم فى اختيار موقع مشروع العاصمة الإدارية الجديدة؟

- هو أصلاً اقتراحنا، هيئة التخطيط العمرانى الجديد بالتعاون مع مكتب استشارى عالمى اسمه «ماكينزى» قاموا بتحديد أكثر من موقع، ليتم بناء مركز إدارى ومالى جديد به بدلاً من منطقة وسط البلد، وكان الموقع الحالى هو أحد تلك المواقع المرشحة، بعد مدينة السادات.

■ ولماذا استبعدتم مدينة السادات لتكون بديلاً إدارياً لمصر؟

- نظراً لدراسة متأنية لموقع مدينة السادات، ومعدلات النمو فيها، قرّرت الحكومة استبداله بموقع المشروع الحالى، ليكون قريباً من محور قناة السويس، المستهدف أن يكون أكبر المشروعات المستقبلية لمصر. وفى دراسة محور قناة السويس التى قام بها مكتب «دار الهندسة للاستشارى» أوصى بضرورة أن يكون هناك مركز للاستثمار بالقرب من المشروع، والبقعة المؤهلة لذلك هى «العاصمة الإدارية الجديدة»، فضلاً عن احتواء المخطط الاستراتيجى للتنمية والتخطيط، وهو عبارة عن خطة مرنة للمستقبل، وجميعنا نعرف أن مصر تعيش فى مساحة 7% فقط من إجمالى مساحتها، ومن الطبيعى أن تعلن الدولة عن مشروع كالمركز المالى والإدارى، أو العلمين الجديدة.

{long_qoute_2}

■ لكن الإشكالية هنا فى التوقيت الأفضل لإنفاق الدولة مليارات على هذه المشروعات، فى وقت تعانى فيه الموازنة من العجز.

- مبدئياً، موازنة الدولة لا تتحمّل أى جنيه فى مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، وإنما هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وهذا رداً على الاتهامات للحكومة بتضييع المليارات على المشروع، فضلاً عن أن المشروع هيخدّم على مشروع تنمية محور قناة السويس، وكل الشركات التى تستهدفها مصر للاستثمار فى محور قناة السويس تحتاج إلى هذا المشروع، لإنشاء مراكز لها لقربها من العين السخنة، حيث إن السويس لا تمتلك البنية التحتية لاستقبال هذه المشروعات، فضلاً عن قرب حى المال والأعمال من قناة السويس بنحو 60 كيلومتراً، وبالتالى فالموقع هو الأفضل.

■ وبالنسبة للتوقيت.

- دعنى أسترجع معك بعض المعلومات فى تنمية المدن الجديدة، فالجميع يعلم أن مصر بدأت فى إنشاء المدن الجديدة فى فترة ركود تلت اغتيال الرئيس السادات، والاقتصاد والموارد وقتها لم تكن مناسبة، حسب آراء البعض، إلا أن من مبادئ الاقتصاد أن تبدأ فى تحضير البنية التحتية فى وقت الركود، استعداداً لدورة النمو المقبلة، لأن من المعروف أن لكل شىء دورة حياة، ما بين الصعود والهبوط، وإن لم تستغل فترة الركود لتجهيز نفسك لدورة النمو لن تحصد كثيراً فى فترة الصعود أو النمو الاقتصادى، وهنا أتساءل: هل من المفترض أن أنتظر لحين تحسّن الأحوال الاقتصادية لعمل بنية تحتية قادرة على جذب الاستثمارات؟، طيب فى حالة إن كانت تلك الاستثمارات لن تأتى إلا بتوفير البنية التحتية والمناخ المساعد لها، كيف أنتظر النمو؟.. الاستثمار علم، لكن للأسف كثيرون ممن ليست لديهم فكرة عن رؤية الحكومة أو معلومات كافية عن المشروع يتحدثون دون دراية فى الإعلام.

■ لكن الهجوم مستمر على وزارة الإسكان فى ظل توسعها فى بناء المجتمعات الجديدة.

- كنت سأتفهم هذا الهجوم لو كان البناء عبارة عن مشروع لا يمكن تسويقه، لكن فى حالتنا الحالية التى تسعى فيها دولة مثل الصين للاستثمار فى العاصمة الإدارية، فكيف يمكن تفسير هذا؟.. هل دولة مثل الصين تنفق أموالها فى مشروعات واهية؟.. بالطبع لا، وأرى أن الهجوم على المشروع غير مبرّر، وبالمناسبة الأمر نفسه الذى حدث عند بناء المدن الجديدة قبل 40 عاماً مضت يحدث الآن، لكن الدولة مضت فى خطتها، تخيل لو كانت الدولة توقفت عن خطتها، هل تتخيل أنه كان من الممكن الاستمرار دون مدن مثل السادس من أكتوبر وغيرها من المدن.

ثم إن علينا الاعتراف بأن الأراضى التى عشنا عليها استهلكت خيراتها، ولا سبيل غير الهجرة منها إلى المناطق الجديدة، للبحث عن فرص للعمل والاستثمار فى أنشطة بالمدن الجديدة، فالقاهرة لن تستطيع توفير متطلبات أهلها، لذلك أنشأنا المدن الجديدة منذ عقود مضت، ونُعتبر من أنجح الدول التى قامت ببناء مدن جديدة، بعد بناء أكثر من 32 مدينة جديدة خلال 40 سنة فقط، بإجمالى مساحة 1.1 مليون فدان، لكن الأزمة فى طبيعة المصريين التى ترفض الانتقال حتى داخل المحافظة نفسها، وهذا ما تسبّب فى الإشكالية الحالية التى نعانى منها الآن، حيث يسكن فى المدن الجديدة حالياً نحو 7 ملايين نسمة، فى حين أن المخطط عند بناء تلك المدن كان من المفروض أن يصل إلى 17 مليون نسمة، لكن الآن المعمور المصرى لم يعد يُلبى احتياجات مواطنيه. وأصبح أهل القاهرة يعانون البطالة، بعدما كانت مشهورة باستقبالها الملايين من المحافظات الأخرى للبحث عن عمل.

وأكبر دليل على أن المركز الإدارى الجديد كان ضرورة، هو الإقبال الكبير الذى تشهده مدن كالقاهرة الجديدة وبدر والعبور والشروق لقربها من موقع المشروع الذى يسمى مجازاً «العاصمة الإدارية الجديدة»، ودعنى أشدد على «مجازاً».

■ لكن الناس تتعجب من توسّع الدولة فى إنشاء الطرق والمشروعات السكنية الجديدة..

- فى علم التخطيط، العمران يبدأ بالطريق، وبعدها يأتى النمو، وشبكات الطرق هدفها تخلخل الزحام على القاهرة، ونحن شاركنا فى التخطيط لمحور 30 يونيو الذى يصل بين شرق بورسعيد ومشروعات محور قناة السويس الجديدة، لضمان تنمية حقيقية لسيناء، والطريق مهم جداً بعد تشبّع مدينة بورسعيد بالسكان وضرورة استغلال الظهير الصحراوى لها فى بناء مدينة شرق بورسعيد.

■ ولماذا التركيز على حى المال والأعمال فى محيط محور قناة السويس عن باقى مناطق الدولة؟

- ليس صحيحاً، فلدينا مشروعات لا تقل أهمية عن حى المال والأعمال، لكن التركيز الإعلامى على هذا المشروع بالتحديد، وتلك ليست مشكلتنا، فلدينا مشروع قومى لتنمية الساحل الشمالى بأكمله فى الجهة الأخرى من العاصمة، وهذا المشروع يعتبر الأبرز فى خريطتنا.

■ إذن الساحل الشمالى لن يكون مجرد مصيف للمصريين.

- طبعاً سيكون عبارة عن مدن سكانية مكتملة تضم مشروعات زراعية وصناعية وتجارية وسياحية تتوافق مع أحدث المعايير المطلوبة لبناء المدن الجديدة.

■ وهل يشمل المشروع التمهيد لإنشاء محافظة بـ«العلمين» مستقلة عن محافظة مرسى مطروح؟

- نُمهد لذلك بالفعل، لكن يجب تنمية مدينة أو مدينتين على الأقل لتكونا نواة أو عاصمة لتلك المحافظة، وحسب دراساتنا فالساحل الشمالى من المتوقع أن يستوعب نحو 35 مليون نسمة خلال الـ35 عاماً المقبلة.


مواضيع متعلقة