خبراء «التخطيط العمرانى»: شبكات الصرف بـ«عافية» وقانون البناء «كُهنة» والمصريون أفسدوا الشبكات التى أنشأها الإنجليز

كتب: أحمد العميد

خبراء «التخطيط العمرانى»: شبكات الصرف بـ«عافية» وقانون البناء «كُهنة» والمصريون أفسدوا الشبكات التى أنشأها الإنجليز

خبراء «التخطيط العمرانى»: شبكات الصرف بـ«عافية» وقانون البناء «كُهنة» والمصريون أفسدوا الشبكات التى أنشأها الإنجليز

وصف خبراء وأساتذة فى التخطيط العمرانى شبكات الصرف الصحى فى مصر بأنها بـ«عافية» ومتهالكة لكونها لا تخضع لعمليات إحلال وتجديد طبقاً للمواصفات الدولية، مشيرين إلى أن غالبية عمليات الإحلال والتجديد تكون شكلية وليست جذرية لحل المشاكل التى تواجهها من زيادة فى الكثافة السكانية، إضافة إلى الفساد والرشاوى التى تعرف بها المحليات -وفق قولهم- وهى الجهة المسئولة بصورة مباشرة عن سلامة شبكة الصرف الصحى وبقية شبكات المرافق فى كل منطقة، وطالب بعضهم بتطهير المحليات على مستوى الجمهورية واستبدال مسئوليها بشخصيات ذات خبرة وكفاءة ونزاهة لكونهم يتواطأون فى التسبب ببناء وحدات سكنية وارتفاع مبان عن الحد المسموح به، موضحين أن قانون البناء «كُهنة» ويحتاج إلى التعديل، مؤكدين أن الأزمة ليست فقط فى فساد المحليات ومخالفات البناء التى تزيد من الكثافة السكانية على مرافق لا تستوعب أعداداً إضافية من السكان، لافتين إلى أن القانون يمنح تراخيص ببنايات كبيرة فى مناطق لا تتحمل مرافقها هذه الإضافة السكانية الهائلة، وأن أزمة الصرف الصحى فى مصر نتجت من عدم وجود خطط استراتيجية تضع فى الاعتبار الزيادة السكانية بمرور الزمن، ما انتهى الحال إلى وجود كوارث وأزمات كان آخرها السيول التى شهدتها الإسكندرية فى الأيام القليلة الماضية.

{long_qoute_1}

وقال الدكتور عبدالله العريان، أستاذ التخطيط العمرانى بجامعة القاهرة، إن شبكات الصرف الصحى فى مصر فى حالة انهيار تام بسبب وقوع أخطاء استراتيجية تسببت فى كوارث كان آخرها سيول الإسكندرية، مشيراً إلى أن القانون لا يحترم الطاقات الاستيعابية لشبكات الصرف الصحى، لأن أى شبكة لا بد لها من طاقة استيعابية يحظر زيادة الضغط عليها دون القيام بعمل إحلال وتجديد لها لتواكب التغيرات فى معدلات الكثافة السكانية وتزايدها بمرور الوقت، وهى التغيرات والكثافة التى يسمح بها القانون المصرى بمنحه تراخيص بناء على ارتفاعات عالية فى مناطق طاقتها الاستعابية لا تتحمل هذه الزيادة.

وأضاف «العريان» أن الكثير من مناطق الفيلات التى كانت تستوعب أسرتين أو 3 فقط، تم هدمها وأقيمت بدلاً منها أبراج 21 طابقاً تتسع لـ500 أسرة، متابعاً: «يعنى الشبكة اللى كانت معمولة علشان تستوعب أسرة ولا اتنين بقى عليها ضغط 500 أسرة ولازم يبقى فيها خلل»، لافتاً إلى انعدام عمليات الإحلال والتجديد المقرر إجراؤها كل 10 و20 سنة، وأن عدم التفرقة بين المناطق السكنية، التى تختلط بها مصانع يتسبب مع مرور الوقت فى أزمات كبيرة تهدد مناطق سكنية كبيرة، موضحاً أنه على الدولة المصرية أن تضع دراسة لتطوير شبكات الصرف لديها وأن تعتمد مناهج جديدة وتتخلص من قوانينها التى بها أخطاء استراتيجية فادحة، وأن ذلك دور البرلمان المقبل فى تعديل القوانين بما يتلاءم مع المتغيرات السكانية.

{long_qoute_2}

وأشار أستاذ التخطيط العمرانى إلى أن المشكلة ليست فى المخالفين للبناء وزيادة عدد الوحدات السكنية عن المسموح به، وأن المشكلة فى القانون المصرى الذى يمنح رخصاً مخالفة للمنهج السليم فى التخطيط العمرانى، وعدم مراعاته للتخطيط الاستراتيجى، قائلاً: «فيه أنواع كثيرة من القوانين، فيه قوانين المناطق الخاصة ودى بتقولك لا يسمح بالارتفاع أكثر من 4 طوابق أو 6 طوابق مثلاً ولكن القوانين دى بتسقط بعد 40 سنة ويدخل القانون العام اللى يسمح بأدوار عالية فتتحول إلى ناطحات سحاب على شبكة ما تستوعبش سوى مجموعة فيلل مثلاً»، مناشداً الدولة القيام بعمليات الإحلال والتجديد، وأخذ الدروس المستفادة فى الاعتبار حين إنشاء المدن المصرية الجديدة التى يجرى بناؤها والإعداد لها الآن، مؤكداً أن الحكومة لا تأخذ بنصائح الخبراء وتفصّل القوانين واللوائح «على مزاجها»، وأن حادث غرق الإسكندرية نتيجة أخطاء أحدثها المصريون فى شبكة الصرف القديمة التى أعدها «الإنجليز».

وقال الدكتور سامح العلايلى، عميد كلية التخطيط العمرانى الأسبق بجامعة القاهرة، إن أى شبكة سواء كانت «صرف صحى أو كهرباء أو طرق أو كبارى»، تبنى على أساس الطاقة الاستيعابية التى يتم وضع حد أقصى لها، وتعدى هذه الحدود يطرح نتيجة طبيعية وهى المشاكل التى تهدد بانهيار هذه الشبكات، ملقياً مسئولية انهيار شبكات الصرف الصحى على السلطات المحلية التى سمحت بمبان عالية فى مناطق لا تستوعب مرافقها أعداداً إضافية، ضاربين بالمصلحة العامة وسلامة الشبكات عرض الحائط، ما أدى إلى الانهيار الذى تشهده مصر ليس فقط فى شبكات الصرف الصحى وإنما فى شبكات الطرق والكهرباء ومياه الشرب، متابعاً: «السلطة المحلية فى غيبوبة وتحتاج إلى تغيير شامل لأنها معروفة بالفساد وتلقى الرشاوى وقلة الخبرة والضمير، وقانون البناء «كُهنة» ويحتاج إلى التعديل وصيانة الشبكات عبارة عن عمليات شكلية وليست جذرية».

{left_qoute_1}

وأوضح خبير التخطيط العمرانى أن المشكلة التى تعرضت لها الإسكندرية خلال الأيام القليلة الماضية، تختلف عن أى محافظة أخرى، لأن السلطات الإنجليزية قامت وقت احتلالها مصر بعمل شبكات صرف مخصصة لمياه الأمطار وكان مخططاً مسارها إلى البحر لكون مياه الأمطار نظيفة، ولكن مع مرور الوقت وازدياد الضغط قامت الحكومة المصرية باستخدام شبكة الأمطار فى الصرف الصحى وأصبحت تسرب مياه الصرف فى البحر فلوثت الشواطئ وأحدثت ضرراً بيئياً خطيراً، مشيراً إلى أنه حتى بعد عدول الحكومة عن تصرفاتها وبناء شبكة صرف جديدة إلا أن شبكة الأمطار كانت قد تهالكت بسبب مياه الصرف التى تختلف طبيعتها عن مياه الأمطار، وأضاف «العلايلى» أن هناك ما يعرف بمبدأ اشتراطات المناطق فى التخطيط العمرانى للمدن، وينص على أن كل منطقة لها سمة مميزة وغالبة، وأنه توجد مناطق سماتها صناعية وأخرى منطقة فيلات وقصور وثالثة بها كثافة سكانية عالية ورابعة كثافة سكانية عالية جداً، مستعيناً بمدينة نيويورك الأمريكية كنموذج لإحدى المدن ذات الكثافة السكانية العالية ولكن بها مرافق تستوعب هذه الكثافة، على عكس ما يحدث فى مصر، فتوجد مدن مصرية أقل كثافة منها ولكن مرافقها لا تستوعب الزيادة المستمرة فتظهر الأزمات والكوارث لعدم وجود تخطيط استراتيجى وعدم اكتراث الحكومات بالخبراء المصريين والاستماع لنصائحهم حتى ولو كانوا مستشارين لديهم، متابعاً: «فيه حاجة اسمها المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية العمرانية يرأسه مجلس الوزراء ويجب عرض المشروعات الكبرى عليه للموافقة عليها، وهو موجود فى قانون البناء الموحد، ولكننا الآن لم نسمع عنه ولا حتى موافقته على العاصمة الإدارية الجديدة، فالحكومة حتى لو وضعت قوانين لا تنفذها».

 


مواضيع متعلقة