السعيد: حذرت قبل "يناير" من "شِلة" تحاصر اتخاذ القرار.. وعمر سليمان قال لي "حلوة دي"

كتب: الوطن

السعيد: حذرت قبل "يناير" من "شِلة" تحاصر اتخاذ القرار.. وعمر سليمان قال لي "حلوة دي"

السعيد: حذرت قبل "يناير" من "شِلة" تحاصر اتخاذ القرار.. وعمر سليمان قال لي "حلوة دي"

تواصل "الوطن" نشر مذكرات الدكتور رفعت السعيد، المفكر السياسي الكبير، بعنوان "ما تبقى من ذكريات"، حيث قال فيها: "وقبل أن أغادر ساحة جبهة الإنقاذ أود أن أشير إلى أنها كانت فى المجمل فعلاً صائباً ومفيداً جداً وكانت منذ بدايتها مصدر إلهام للجماهير التى كانت مترددة وغير مصدقة أن بالإمكان إزاحة كابوس مكتب الإرشاد.

وكانت بذاتها وببياناتها أداة تحريك لجماهير واسعة ودعمت فوق ذلك فكرة وإمكانية توحيد القوى الوطنية والديمقراطية بتموجاتها المختلفة فى ساحة نضالية واحدة وكانت بالنسبة لهم جهداً مهماً ومصدراً لتعلم كيف تتماوج المواقف السياسية لتماوجات التركيب الاجتماعى والسياسى، وكانت مصدراً أيضاً لتكوين صداقات ومودة مع عديد الأشخاص مثل أحمد سعيد ومنى ذو الفقار وأسامة الغزالى حرب وسامح عاشور وعصام شيحة ود. أبوالغار وعديد غيرهم لم تزل مودتهم باقية وملهمة".

مسألتان لا يمكن تجاهلهما

وقبل أن أنتقل إلى مرحلة تولى المجلس العسكرى للسلطة المؤقتة تحلق مسألتان فى خاطرى وتلحان بل وتتاخمان فلأسترح من نقلهما.

المسألة الأولى كانت فى يوم الاحتفال الأخير بعيد الشرطة فى عهد مبارك والذى تعمد أن يأتى قبل موعده بعدة أيام كى يتباعد عن موعد الدعوة للاحتشاد وفيما نخرج كان عمر سليمان واقفاً وحوله كالمعتاد عدد من المتحدثين أو المتقربين وأحياناً المنافقين أو ذوى الحاجات. وفيما يتخلص منهم ليسرع خارجاً كنت أمامه صافحنى قائلاً: «رأيك إيه؟» فقلت: «مش مرتاح لما يجرى»،

فقال: «هكلمك النهارده»، ولكن وبعد أن ركبت سيارتى التى كانت تأتى كالعادة متأخرة وبعد انصراف المهمين. تلقيت مكالمة من ضابط مخابرات «هو الذى ظل يعمل فى سكرتاريته حتى رحل»، وقال معالى الوزير عايزك تكتب رأيك واقتراحاتك بأقصى سرعة، فقلت يعنى بكرة الصبح مثلاً، فقال لأ بعد نص ساعة على الأكثر، وقلت مش معقول، فقال إجابة غريبة: «اللى مش معقول هو أننا نتأخر»، ووصلت إلى البيت لأجد شخصاً غريباً يقف مع الحرس الخاص بالمنزل وسألت: مين ده؟ فرد هو أنا يا أفندم من المخابرات العامة ومنتظر رسالة من حضرتك تبعتها لمعالى الوزير وصعدت وطلبت من «ليلى» ألا ترد على أية تليفونات، وإذ جلست لأكتب بدأت «ليلى» فى عتاب مفترض: «مش تقلع هدومك الأول؟» وعشرات من «مش» هذه، وقلت لها القصة فأغلقت الباب والتليفونات حتى انتهيت وسلمت المظروف المغلق لمندوب المخابرات.. فماذا كتبت؟ من الصعب أن أتذكر العبارات فقد كنت أكتب بسرعة مرتبكة محاولاً أن أوضح أفكاراً غير واضحة وأن أستدعى حذر الكتابة ومحاذرة الخطأ وأيضاً محاذرة استدعاء رفض الرئيس المسبق لاقتراحاتى، فكنت متعجلاً فى حرص شديد.. وقلت ما معناه الأمور أسوأ مما يصوره المسئولون للرئيس والغضب موجود ومشروع ويجب التعامل معه بحرص وذكاء. وقلت إن الناس بدأت تشعر بخطر شلة تحاصر اتخاذ القرار، هذه الجملة أتذكرها لأنها كانت أهم ما علق عليه عمر سليمان فيما فقال لى «حلوة قوى تحاصر اتخاذ القرار» واقترحت أن يعيد الرئيس تشكيل لجنة السياسات ويأتى بأشخاص من غير ذوى المصالح وأن يقوم بذلك بنفسه، ثم جازفت واقترحت أن يعلن الرئيس أنه لن يترشح لولاية رئاسية جديدة، كما أنه لن يترك الأمر لاختيار المكتب السياسى للحزب وأنه سيفتح باب الترشيح على مصراعيه وأيضاً لاحظ عمر سليمان «على مصراعيه» وتجرى انتخابات رئاسية شفافة تماماً واقترحت أن يعلن الرئيس بنفسه قبل يوم 25 يناير، أى غداً، هذه المقترحات مصحوبة ببعض الصلاحيات وبقرار بتعديل وزارى جذرى وتعيين مسئول محترم من الجماهير كرئيس للهيئة البرلمانية للحزب الوطنى وبعد ما كان فى 25 يناير ومع أول لقاء مع السيد عمر سليمان قال إنه سلم الرسالة إلى الرئيس وأنه دُهش دهشة ممزوجة ببعض الغضب وبعض التفكير ولم يعلق عليها ولم يعدها إلى عمر سليمان وإنما وضعها فى المظروف وتركها على المكتب.ولست أدرى حتى الآن هل كانت هذه الملاحظات أو المقترحات مفيدة أم لا، فقد سكبتها تحت ضغط الإلحاح المتعجل.. وربما تحت ضغط مشاعر مضغوطة هى أيضاً.

أما المسألة الثانية فهى كاشفة ومثيرة للدهشة.. ففى الوقت الذى كان «مرسى» ينزلق من مقعد الرئاسة بسبب سوء الأداء وسوء التدبير الإخوانى وفيما كان بعض قادة جبهة الإنقاذ الذين تحدثت عن طموحاتهم المتصارعة ينظرون إلى مرآة ما يجرى متطلعين فى بعض الأحيان نحو أمريكا ويتأملون حبكة الكرافات التى كان يتم التقاطها فى هذه الأيام بعناية وحرص كان الأمريكيون يفتشون عن بديل محتمل آخر لمرسى وهو ما سبق أن أشرت إليه وكان اختيارهم لشخص سلفى من داخل قصر الاتحادية هو د.عماد عبدالغفور، مساعد الرئيس لشئون التواصل المجتمعى، وبدأت عملية هندمة صاحب اللحية وتسلمه أستاذ لعلم البروتوكول فى الجامعة الأمريكية ورغم السرية التامة فقد تسلل الخبر نحوى عبر أستاذ مصرى فى الجامعة الأمريكية وأكد أن الخبر مؤكد وأنه تلقاه من القائم بالتدريب نفسه، وقال إن الأمريكيين كانوا فى عجلة من أمرهم وأن اللحية جرى تهذيبها لتصبح خفيفة ومودرن والبدل أصبحت فى غاية الشياكة وترافقت معها كرافاتات ولم يكن السلفيون يأبهون بها أو يحتملون حبكتها. قال صديقى إن التدريب يمتد إلى أسلوب الحديث والتعاملات الرئاسية وإتيكيت تناول الطعام. وأصبحت بعد هذه المعلومات أتابع فى شغف البعض ممن كانوا قادة فى جبهة الإنقاذ وطموحاتهم الطموحة وصراعاتهم ومناقشاتهم..

وأتابع ما ينقله صديقى باستمرار حول عملية تغيير جلد سلفى ليصبح «رئيس مودرن» وتملأنى مخاوف أحاذر من البوح بها، وأواصل فى نفس الوقت بإصرار المعركة ضد «مرسى»، وإن كنت قد استفدت من هذه المعلومات السرية لأضيف إلى ما نعرفه من شعارات ضد حكم مكتب الإرشاد.. شعارات أخرى ضد التأسلم وضد التيارات السلفية.. وضد أمريكا.. ثم المجلس العسكرى.


مواضيع متعلقة