عمال مصنع ملابس: «المستهلك ساب المنتج المصرى لأن المستورد أرخص»

كتب: جهاد عباس وأحمد فتحى ورفيق ناصف

عمال مصنع ملابس: «المستهلك ساب المنتج المصرى لأن المستورد أرخص»

عمال مصنع ملابس: «المستهلك ساب المنتج المصرى لأن المستورد أرخص»

فى الدور الثانى فى مصنع «سكاى توب» للملابس الجاهزة، يقف محمد رضا، أمام ماكينة نسيج، شاب فى الـ28 من عمره، يقول إنه مقبل على الزواج بعد شهرين، ويخشى من مواجهة نفس المصير الذى لاقاه كثير من زملائه فى المصانع الأخرى، حيث اضطروا لترك عملهم.

{long_qoute_1}

يقول «محمد»: «باشتغل فى سكاى توب بقالى سنتين، لكن فى صناعة الغزل بقالى 10 سنين، ببدأ يومى الساعة 8 الصبح، أركب بكر الغزل، وأطلع أتواب القماش، وأقصها، وأجهزها على الرف، عشان تدخل على مراحل تانية وهى القص والتطريز والخياطة».

وعن بيئة العمل، يقول «محمد» إن بيئة العمل فى مصنع «سكاى توب» تعتبر مناسبة وجيدة للعمال، حيث الإضاءة قوية عند الماكينات، وتوجد مراوح وفتحات تهوية جيدة، بينما يشتكى معظم عمال الغزل والنسيج من آلام صدرية، مضيفاً: «بأبدأ حياة جديدة وخايف مقدرش أشيل المسئولية، هصرف على البيت إزاى لو المصانع قفلت»، مضيفاً أن والده كان عاملاً، وقضى عمره فى صناعة الغزل والنسيج، وكذلك أخوه الذى كان يعمل فى مصنع الغنام، وجميعها مصانع خاصة».

وفى الدور الأرضى، تنتشر ماكينات التطريز، بعضها لا يعمل، بسبب رحيل العاملات، بعد الساعة السادسة مساءً، والبعض الآخر مستمر فى العمل. ويقول أحمد رمضان، شاب فى العشرين من عمره، وهو يمارس عمله أمام ماكينة تطريز: «ورديتنا مسائية بتبدأ من الساعة 5 مساء لحد الساعة 12 بالليل، والفترة اللى بالنهار معظم اللى بيشتغل فيها بنات، والمصنع بيمشيهم بدرى قبل ما الدنيا تضلم».

ويضيف أنه بدأ عمله منذ 5 سنوات، وتعلم العمل على ماكينة التطريز فى مصنع آخر، ثم جاء لمصنع «سكاى توب»: «كل المهن بتقفل، أخويا كان بيشتغل فى السياحة ورجع بعد الثورة، وإحنا فى صناعة النسيج مش عارفين نشتغل، أصحاب المصانع بتخسر، هتجيب عمالة جديدة ليه، وبتضطر تدفعلهم مرتبات صغيرة»، بينما يقول مصطفى أحمد صالح، 39 سنة: «باشتغل فى المصنع من 15 سنة، وماشفتش ركود زى ده قبل كده بعد أزمة الغزول، فاضطر معظم العمال فى المصانع الأخرى للبحث عن أى وظيفة، وأصبحت ظروفهم المادية من سيئ لأسوأ». وتابع «مصطفى»: «صناعة النسيج طول الوقت بتتطور بشكل رهيب، من 5 سنين شكل مكن التطريز كان حاجة تانية وبيشتغل بشريط زى شريط السينما، دلوقتى المكن كله كمبيوتر، والولاد بيطلعوا من مدارس الصنايع ميعرفوش حاجة، بناخدهم ندربهم الأول»، مضيفاً: «عندى ولدين هشغلهم فى صناعة النسيج دا لو استمرت عايشة، عشان يتعلموا الاعتماد على نفسهم ويستقلوا مادياً».

أما حاتم الشيشتاوى، 42 سنة، عامل فى المصنع منذ 22 سنة، فيقول: «أزمة الغزول المرة دى كبيرة، وكان فيه أزمة مشابهة من 5 سنين، ولازم الدولة تدخل، لأن صناعة الغزل والنسيج صناعة وطنية، بيعتمد عليها ناس كتير، وفيه مصانع هنا بتصدر للخارج».

ويضيف «الشيشتاوى»: «من أكتر الحاجات المرهقة إن الأولاد بيتخرجوا من مدارس الصنايع ماتعلموش، وبياخدوا وقت ومجهود فى التدريب، وبعدين يسيبوا الشغل هنا ويدوروا على أى مكان بيدفع أكتر»، مؤكداً أن متوسط أجر العامل فى المحلة 1500 جنيه شهرياً، ولا يتجاوز الـ2000، ورغم ضآلة المبلغ فى مواجهة ارتفاع الأسعار، لكن أصحاب المصانع عجزوا حتى عن سداد مرتبات العمال، وبعضهم اضطر يقفل، والبعض الآخر لا يزال يحاول الصمود.

ويقول «الشيشتاوى»: «المواطن المصرى عندما يلجأ لمنتج بلده، فهو يبحث عن منتج قليل السعر، لأنه منتج وطنى، ولكن بسبب مضاعفة سعر المواد الخام، سينتج عنها مضاعفة أسعار الملابس، وهذا ما سينتج عنه توقف فى حركة البيع والشراء، وركود التجارة، وسيفضل المستهلك المنتج المستورد فى كل الأحوال»، مضيفاً: «الزيادة السنوية مش بتأثر مع زيادة الأسعار»، هذا ما يؤكده «الشيشتاوى»، بالرغم من محاولة صاحب المصنع عمل زيادة سنوية للعمال، ولكن فى ظل الارتفاع الجنونى للأسعار بشكل مستمر تكون غير مجدية.

ويضيف: «ابنى بيشتغل هنا معايا، عنده 18 سنة، وبنعودهم من صغرهم يتعلموا الصنعة مع الدارسة، بحيث لو نجح فى الدراسة يكمل، مانجحش يشتغل ويعتمد على نفسه». أما عن أجور العمال فى قسم التطريز فى المصنع، فيقول «الشيشتاوى»: «يومية العامل بإنتاجه، بيعمل كام ألف غرزة بالماكينة، والعامل الشاطر اللى بيشتغل بإنتاجية كبيرة بياخد فى آخر اليوم 60 جنيه».


مواضيع متعلقة