السيناريو الثانى للحرب القادمة بين مصر وإسرائيل : مصر تهرب من الضغوط الداخلية إلى «حرب محدودة»
يرى الكتاب أن أحد الأسباب التى يمكن أن تؤدى لاندلاع الحرب بين مصر وإسرائيل، هو تزايد الضغوط الداخلية، سواء السياسية أو الاقتصادية، على الحكومة، أو المؤسسة العسكرية المصرية، ما يدفعها لمحاولة الهرب من هذه الضغوط بشن حرب على العدو التقليدى (إسرائيل). وهو احتمال صار المؤلف يراه قريباً على ضوء التغيرات العنيفة التى عصفت بمصر فى السنوات الثلاث الأخيرة منذ سقوط نظام الرئيس مبارك.
يقول: «قد يرى البعض أن الأزمة الاقتصادية التى تطحن مصر حالياً يمكن أن تكون سبباً فى أن تفكر القاهرة مرتين قبل الذهاب للحرب مع إسرائيل، لكن ينسى هؤلاء أن اقتصاد مصر أيضاً لم يكن فى حال جيد عندما قررت إطلاق حرب 1973 ضد إسرائيل. ويمكن القول حتى: إن قوة الجيش المصرى الاقتصادية حالياً صارت أكبر بكثير مما كانت عليه منذ عقود. ويبدو ذلك واضحاً فى سيطرة الجيش الممتدة لعدة مصانع وأراضٍ ومؤسسات. والواقع أن هذه القوة الاقتصادية التى تملكها المؤسسة العسكرية المصرية يمكن أن تجعلها قادرة على الاستمرار فى مواجهة إسرائيل عسكرياً فى أى وقت تقرر فيه مصر شن الحرب ضدها، خاصة لو كانت تلك الحرب محددة المدة والهدف سلفاً.
ويواصل: «كما أن هناك نقطة أخرى تضاف لصالح مصر اقتصادياً، لو قررت دخول الحرب ضد إسرائيل فى أية لحظة، هى علمها بأنها قادرة على الاعتماد على الدعم الاقتصادى الخليجى لها فى مواجهة تل أبيب، سواء خلال الحرب، أو لإعادة إعمار ما دمرته تلك الحرب من بنية تحتية وغيرها، خاصة مع تزايد أهمية وثقل مصر بالنسبة للدول الخليجية فى الفترة الأخيرة».
ويرى إيهود عيلم أن التهديد الإسرائيلى ضد مصر كان ولا يزال أحد أهم الأسباب التى يستند عليها الجيش المصرى لتبرير اقتطاعه جزءاً ضخماً من ميزانية الدولة، وهى النقطة التى يراهن عليها كثيرون لإشعال الغضب الشعبى ضد الجيش كما حدث فى الفترة التى تلت ثورة يناير، وظهرت فيها مطالبات للمرة الأولى بالكشف عن ميزانية الجيش، ووجود نوع من الرقابة البرلمانية عليها.
يقول: «إن احتمالية اندلاع حرب أو مواجهة مع إسرائيل كانت دائماً أحد المبررات التى يستند عليها الجيش المصرى لتبرير ميزانيته الضخمة فى الدفاع، حتى لو كان البعض فى داخل مصر يرون أنه من الأجدى أن يذهب جزء من ميزانية الدفاع لبنود أخرى فى الميزانية الداخلية لمصر. والواقع أن الجيش يدرك تماماً أنه بعد اندلاع ثورتين فى مصر فى السنوات الأخيرة وإسقاط نظامين، لم يعد هناك أحد محصناً من الغضب الشعبى.
ويكمن رهان أى دولة تفكر فى مواجهة الجيش المصرى، كما يرى الكتاب، فى «أن ينظر الشعب يوماً ما إلى الجيش وميزانيته الاقتصادية على أنها تمثل جزءاً من مشاكل مصر، وليس حلاً لها، وهو ما قد يساعد على تشكيل تحالف من قطاعات وأطياف واسعة، قد تطالب بالضغط على المؤسسة العسكرية بكل الأساليب والطرق، حتى تصبح تحت السيطرة والرقابة من الناحية الاقتصادية، ما سيجعل موقف الجيش وقوته من الناحية السياسية أكثر ضعفاً على الساحة الداخلية فى مصر». [FirstQuote]
ويتابع: «على أفضل تقدير، فإن تحرك هذا التحالف الرافض للمكانة الاقتصادية المميزة للمؤسسة العسكرية، يمكن أن يزرع شكوكاً متزايدة حول المزايا السياسية والاقتصادية التى يتمتع بها الجيش، وهو ما يعنى أنه لو شعر الجيش بتحالف الكتل السياسية والاقتصادية والسياسية ضده، فإن هذا قد يدفعه إلى استخدام آخر ورقة لديه، وهى دعوة كل أطياف الشعب وتياراته السياسية والاقتصادية للتوحد ضد العدو التقليدى الذى يجمع المصريين دائماً: إسرائيل».
ويواصل: «يدرك الجيش أنه فى حالة تزايد الانتقادات الداخلية ضده، فلا بد أن يقوم بحركة ما تقلل من تلك الانتقادات، فى الوقت الذى يحافظ فيه على قيمته ومكانته أمام الناس. وفى حالة انقلاب الرأى العام ضد المؤسسة العسكرية لأى سبب، فإن عملية موسعة ضد التنظيمات الإرهابية فى سيناء مثلاً قد لا تكون كافية لامتصاص الغضب الشعبى، وربما لن تعطى الأثر المطلوب والكافى لكى يحتفظ الجيش بمميزاته السياسية والاقتصادية الواسعة. ربما يلجأ الجيش هنا لاستفزاز إسرائيل للدخول فى مواجهة (محدودة) من خلال نشر قواته فى سيناء حتى لو لم يكن ينوى إبقاءها هناك إلى الأبد، فقط لما يكفى من الوقت لإشعال مواجهة محدودة، وربما حتى (رمزية) مع إسرائيل، إلا أن أحداً لا يمكنه فى هذه الحالة أن يضمن ألا تخرج الأمور عن السيطرة، على الرغم من إرادة ومصلحة الطرفين».
ويتابع «عيلم»: «والواقع أنه بالنسبة للجيش المصرى، فإن اشتعال الغضب السياسى داخلياً ضده أشد خطورة عليه من قيام إسرائيل بشن هجوم عسكرى على سيناء. إن تدهور الوضع الداخلى المصرى، سياسياً واقتصادياً، هو واحد من أكبر وأهم الأسباب التى يمكن أن تشعل الحرب مع إسرائيل. ربما ترى القيادة المصرية فى تلك اللحظة أنها تريد تحويل الغضب الشعبى إزاء سياساتها نحو إسرائيل، أى مواجهة ولو محدودة مع تل أبيب يمكن أن تساعد القيادة المصرية على أن تربح بعض الوقت فى مواجهة الغضب الداخلى، بل ربما استخدمت تلك المواجهة العسكرية لقمع الأصوات المعارضة تحت شعار الحفاظ على الوحدة الوطنية، بينما يمكن أن تستغل المعارضة أى هزيمة فى هذه الحرب لتوجيه مزيد من الاتهامات للحكومة بالفشل.
هل يحتاج إعلان الحرب لوجود زعيم قوى على رأس السلطة فى أى من البلدين؟
يجيب الكتاب: «الواقع أن قوة الزعيم، أو الحاكم الذى يدير أياً من الدولتين، لا تصنع فارقاً ضخماً عند الحديث عن إطلاق الحرب؛ فأى زعيم قادر على إطلاق الحرب حتى لو كان زعيماً يُنظر له على أنه ليس من نوعية الزعماء القادرين على إطلاق الحرب؛ ففى حرب 1967 مثلاً، كانت المسئولية تقع على ليفى أشكول، رئيس الوزراء الإسرائيلى، لإطلاق الحرب ضد مصر وسوريا، على الرغم من أن كثيرين كانوا ينظرون إليه على أنه ضعيف الشخصية ولا يصلح لقيادة حرب، حتى مع وجود وزير الدفاع ذى الحضور الكاسح وقتها، موشيه ديان». ويواصل: «لكن لو كان هناك درس يمكن أن يعلّمه التاريخ لإسرائيل فيما يتعلق بحروبها مع مصر، فهو أن مصر قادرة على أن تفاجئها دائماً، سواء كانت تلك المفاجأة على المستوى السياسى أو العسكرى، كما حدث فى نشر القوات المصرية فى سيناء عام 1967، أو فى هجوم حرب 1973، أو حتى فى ثورة 2011.
ملف خاص
كتاب أمريكى جديد يرصد الأسئلة المهمة والنتائج المتوقعة: 5 سيناريوهات للحرب القادمة بين مصر وإسرائيل
السيناريو الأول للحرب القادمة بين مصر وإسرائيل: التنظيمات الإرهابية تخرج عن السيطرة.. وإسرائيل تتدخل
السيناريو الثانى للحرب القادمة بين مصر وإسرائيل : مصر تهرب من الضغوط الداخلية إلى «حرب محدودة»
سيناريوهات للحرب القادمة بين مصر وإسرائيل : الإخوان سيقدمون أنفسهم كـ«متطوعين مستقلين» وهم أكبر المستفيدين
السيناريو الثالث للحرب القادمة بين مصر وإسرائيل قلق إسرائيل من التسليح المصرى يدفعها لـ«حرب استباقية»
السيناريو الرابع للحرب القادمة بين مصر وإسرائيل «إيران» تشعل المواجهة بين البلدين عبر «حماس» فى غزة
السيناريو الخامس للحرب القادمة بين مصر وإسرائيل مصر تنشر قواتها فى سيناء بما يستفز إسرائيل للحرب
سيناريوهات الحرب القادمة بين مصر وإسرائيل :الأمريكان مصر قادرة على شن حرب كاملة ضد إسرائيل دون أى دعم أمريكى