طولة العمر لا تُبلغ الأمل: المحكمة تضع نهاية لحلم الجنازة العسكرية

12:01 ص | الأربعاء 10 فبراير 2016

جاء حكم محكمة النقض الأخير، الذى أيد حبس مبارك ونجليه فى قضية القصور الرئاسية، ليضع خاتمة لأحلام الرئيس الأسبق، بعد تبرئته فى قضية قتل المتظاهرين، لأنه ببساطة سيحرمه من مميزات عسكرية ومعنوية كان يتمتع بها ويراهن عليها، أقلها جنازة عسكرية مهيبة تنتهى بها حياته الطويلة باعتباره أحد أبطال حرب أكتوبر، وأحد أفراد الجيش المصرى.

الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسى بالجامعة الأمريكية، يقول: «حكم محكمة النقض الأخير على حسنى مبارك بتأييد حبسه فى قضية القصور الرئاسية لا يعنى له شيئاً ولا يحزنه، لأنه كان خارج إطار السلطة فعلياً قبل ثورة 25 يناير، وزمام الأمور كلها كانت بيد ابنه وزوجته، وحضوره الإعلامى فى الفترة التى سبقت تنحيه عن السلطة كان يدعم هذه النظرية».

يضيف صادق أن مبارك حُكم عليه بالمؤبد ثم حصل على براءة فى قضية قتل المتظاهرين، وهذه قضية كبيرة مقارنة بقضية القصور الرئاسية التى نال فيها حكماً بالسجن 3 سنوات مع تغريمه، لكنه لم يعاقب على فساد حكمه الذى استمر 30 عاماً، ولم يحاسب على فساد التعليم والصحة وقضية عبارة السلام 98 التى سمح فيها لصاحبها بالهروب من مصر، حسنى مبارك لو كان عنده إحساس أصلاً مكنش سرق ولا اختلس ولا عمل كل الأخطاء دى، مبارك انتهك كل شىء تقريباً وانتهك القسم والعلم، ولم يصن الأمانة، وبالتالى لا يمثل حرمانه من الجنازة العسكرية أو حجب معاش رئيس الجمهورية عنه أى شىء، هو لديه ثروات طائلة بالخارج ولا يعانى من أزمة مادية، لكن الكثير من المصريين فرحوا بالحكم لأنهم كانوا على وشك فقدان الأمل فى إدانته بأى شىء بعد براءته فى قضية قتل المتظاهرين». ويؤكد الخبير القانونى، عصام الإسلامبولى، أن حكم محكمة النقض الذى أيد الحكم بحبس مبارك ونجليه فى قضية القصور الرئاسية، يعنى إدانة مبارك ونجليه إدانة نهائية وباتة ولا يمكن الطعن عليه مرة أخرى، وبالتالى ثبوت التهمة على الرئيس الأسبق، وهى تهمة ماسة ومخلة بالشرف والأمانة، وتؤدى للطعن فى ذمته المالية وحرمانه من كافة حقوقه التى منحها له القانون، وعلى رأسها منعه من ممارسة أى حقوق سياسية، سواء له أو نجليه علاء وجمال كحق الترشح والانتخاب، أو تولى منصب حكومى أو عام وغيرها، كما يؤدى لحرمان مبارك من قيمة المعاش الذى يتقاضاه كرئيس سابق للجمهورية، أو قائد سابق للقوات الجوية المصرية، فضلاً عن حرمانه من إقامة جنازة عسكرية حال وفاته، وسحب كافة الأوسمة والنياشين العسكرية التى حصل عليها إبان خدمته بالجيش، ودوره فى حرب أكتوبر، الحكم قضى على مبارك وتاريخه نهائياً، سواء على الصعيد العسكرى أو الأخلاقى أو القانونى، كما قضى على أى مستقبل سياسى لنجليه علاء وجمال».

من جانبه يقول عاصم الدسوقى، أستاذ التاريخ الحديث والمؤرخ السياسى: «الجنازة العسكرية هى تقدير كبير يقدم للشخص فى حال وفاته، والرجل العسكرى يحظى بهذا التقدير نظراً لدوره فى الخدمة العسكرية، وإذا مات ودفن بشكل طبيعى سيكون مثل كل الأشخاص العاديين، وفى مصر تقام الجنازات العسكرية لكل أفراد الجيش الذين يستشهدون فى المعارك الحربية بمن فيهم الجنود، وحرمان مبارك من الجنازة العسكرية يعنى التقليل من شأنه، والحكم على الأشخاص تاريخياً ينبغى أن يخضع للنسبية، بمعنى أن يكون الحكم إيجابياً نسبياً، وسلبياً نسبياً، وعندما نريد أن نحكم على الحكام يجب أن نحكم عليهم من منطلق حجم استفادة الشعب من قراراتهم، والقرارات دائماً يستفيد منها البعض، ويضار منها البعض الآخر، وبالتالى فان الحكم يخضع لمدى درجة إفادته، ويكون القرار إيجابياً عند استفادة الأغلبية المطلقة بنسبة 70%، الدواء نفسه له آثار جانبية، ويضيف الدسوقى: «التاريخ لن ينصف مبارك لأن قراراته لم تكن فى صالح السواد الأعظم من الشعب بل انحصرت فى فئة قليلة جداً من رجال الأعمال، لذلك شعر المواطنون بالأزمة واندلعت الثورة، والثورات لا تقوم إلا بعد الشعور بالظلم، وشعار ثورة يناير كان ينادى بالحرية والعدالة الاجتماعية، وهذا يعنى أنه لو كان هناك عدالة اجتماعية لما قامت الثورة من الأساس، لأن الإنسان يطالب بالشىء الذى يفتقده».