قبة «الأشرف» تغوص فى «القذارة»

08:37 م | الاثنين 25 يناير 2016

{long_qoute_2}

روحانية من نوع خاص تتملك قاصد آل البيت بمنطقة الخليفة، خاصة ذلك الذى تضعه قدماه عند بداية شارع السيدة نفيسة، حيث تقع المقابر التى تحمل اسمها، عشرات الشواهد التى يرجع بعضها إلى بداية القرن الماضى، بهوات وباشاوات تحت التراب، لم يتبق منهم سوى أسماء على شواهد يقشعر لها بدن المار. «ابعدى يا ست انتى وهى، مش معقول كدا، ايه القرف دا؟.. يا ولية بقول لك ابعدى، لو ينفع تاخدى كنت قلت لك».. جملة صادمة عادة ما يرددها رجل الأمن الأسمر أمام مسجد السيدة نفيسة، لعشرات السيدات اللائى يسارعن بالهجوم على سيارات الخير التى تعتاد جلب المؤن إلى المسجد العتيق، محاولات مستميتة للحصول على أى شىء دون جدوى، فالصراخ «الميرى» يبعدهن سريعاً، لتبدأ مشاجراتهن التى لا تخلو من سباب ولعنات بلا حصر، ليس للسيدة التى يطلبون الحسنات باسمها. مسافة قصيرة يقطعها السائر قبل أن يصل إلى قبة الأشرف خليل بن قلاوون، الذى يقال إنه أحد أسباب تسمية الشارع بـ«الأشرف»، قبة بديعة غارقة فى مياه الصرف الصحى، تبدو آيلة للسقوط، وسط الكثير من المجارى والقمامة، التى تعود على السكان بالكثير من الروائح العفنة، والحشرات، وتعود على الزوار بقبضة نفس وحزن كبير: «إزاى يسيبوه بالمنظر دا؟!» تهتف إحدى السائرات، ليرد عليها صاحب أحد المحلات الملاصقة للقبة: «صحفيين كتير ومسئولين أكتر جم واتفرجوا ولا حياة لمن تنادى». بداية غير موفقة يمر من بعدها المار بمقام مفسر الأحلام، مبنى أخضر ضئيل، عبارة عن غرفة صغيرة لا تتسع لخمسة أفراد مجتمعين، مجرد باب مفتوح ولافتة للراغبين فى قراءة الفاتحة تعرفهم بأن ساكنى قبو المقام هما كل من محمد بن سيرين مفسر الأحلام الشهير، وعبدالغنى عبدالله البلاسى، الذى تصفه اللافتة الرسمية بأنه «من الصحابة وأهل التصريف». «ثلاثة مقامات فى مكان واحد»: رقية بنت الإمام على، والسيدة عاتكة بنت عمر، وعلى محمد بن جعفر الصادق. تقول آية مؤنس، الباحثة التى تعمل حالياً على رسالة ماجستير حول الشارع: «مشهد السيدة رقية من المشاهد الفنية، وهو من مشاهد الرؤية التى أنشأها الخليفة الحافظ لدين الله سنة 527هـ/1132م، فقد أروقته الخارجية، ولم يبقَ سوى رواق خارجى، تجرى به حالياً أعمال ترميم وإصلاح، وشفط للرطوبة التى كادت تودى بأرضية المقام».

{long_qoute_1}

ولا يخلو المشهد من لافتات تدخل الزوار فى كثير من الحيرة، بداية من اللوحة الواقعة على ناصية الشارع لمقام باسم «العارفة بالله نبيلة فؤاد بنت نظيمة» وهى سيدة حديثة الدفن هناك، مروراً بلافتة «الشيخ أحمد محمود مجاهد»، التى تعلو الساحة الملحقة بمسجد السيدة الرقية، حتى يخيل للزائر أن الساحة ما هى إلا ضريح آخر للشيخ الذى تحمل الساحة اسمه. على عكس الإهمال الشديد الذى تسبح فيه قبة الأشرف خليل ابن قلاوون، تحظى قبة السلطانة شجر الدر بكثير من العناية والعمل المتواصل لتجديدها وترميمها. أما المقام الأكثر سكوناً وهدوءاً وتماسكاً فهو مقام السيدة سكينة بنت الحسين حفيدة رسول الله، عشرات الزوار من جنسيات مختلفة، قرآن هادئ ومساحة كافية حول المقام، وكثير من الذكر والتسبيح من حولها، العديد من المقامات الأخرى يعج بها الشارع لا تحظى بذكر كافٍ، كمسجد محمد الأنور بن زيد الأبلج، شقيق حسن الأنور وعم السيدة نفيسة (رضى الله عنهما).