وزير الداخلية العراقى: نطمح إلى تعاون أمنى واستخباراتى عالٍ مع أشقائنا فى مصر.. والحكومة التركية غير جادة فى سحب قواتها
وزير الداخلية العراقى: نطمح إلى تعاون أمنى واستخباراتى عالٍ مع أشقائنا فى مصر.. والحكومة التركية غير جادة فى سحب قواتها
![محمد الغبان](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/956115541452188232.jpg)
محمد الغبان
قال وزير الداخلية العراقى محمد سالم الغبان إن العراق يرغب فى تعزيز التعاون الأمنى مع مصر، مشدداً على أنه ما لم تتوافر رؤية مشتركة وسياسات ثنائية وقومية لدى البلدان العربية المحورية كالعراق ومصر فإن تجاوز هذه المرحلة من عمر دولنا ومجتمعاتنا ستكون بالغة الصعوبة وكثيرة الأخطار. وكشف الوزير، فى حواره مع «الوطن»، عن جهود السلطات العراقية لإطلاق سراح المختطفين القطريين، مؤكداً أن دوافع الخطف سياسية وإعلامية، وهى الضغط على قطر لتغيير سياساتها فى المنطقة، لا سيما إزاء العراق؛ لأن هناك جماعات تعتقد أن الموقف القطرى غير ودى إزاء العراق. وشدد «الغبان» على أن بلاده ترفض أن تقوم جماعات أو عصابات بأدوار من هذا القبيل تحرج الدولة العراقية وتؤذى سياساتها الخارجية. كما أوضح الوزير العراقى موقف بلاده إزاء التحالف الإسلامى العسكرى الذى أعلنته المملكة العربية السعودية، وما يتضمنه من شكوك وتحفظات، واعتبر أن الحكومة التركية غير جادة فى سحب قواتها من العراق.. وإلى نص الحوار:
محمد الغبان لـ«الوطن»: سخرنا خلايا استخباراتية لتحرير المخطوفين.. والخاطفون أرادوا الضغط على قطر لتغيير سياستها
■ بداية، كيف تسير عملية تحرير المناطق العراقية من سيطرة تنظيم «داعش» الإرهابى؟
- عمليات تحرير المناطق التى استلبها «داعش» بدأت منذ خريف عام 2014 بتحرير مدينة «آمرلى» و«العظيم» و«جرف النصر» و«الضلوعية» ثم «العلم» و«الدور» و«تكريت» و«بيجى» والآن «الرمادى». والعراق متجند من أجل تحقيق هذا الهدف بأسرع وقت، لكن هناك عوائق عديدة أهمها الحذر من إيقاع إصابات بين المدنيين الذين اتخذهم «داعش» دروعاً بشرية، وهناك الحذر من إيقاع الضرر بالبنى التحتية والمساكن، إضافة إلى أن «داعش» يعتمد على سياسة التدمير الشامل لكل منطقة يمر بها، لخلق مشكلات للدولة والمواطنين بعد التحرير، فهو يفخخ ويفجر كل شىء فوق الأرض من الجسور والأبنية والطرق والمؤسسات وبعدد لا يعد من العبوات الناسفة والألغام مما يعيق سرعة عمليات التحرير، لكن الأمور تسير بشكل مُرضٍ وجيد ووفق التوقيتات والخطط.
■ هل هناك استجابة تركية على الأرض لمطالب العراق بالانسحاب؟
- لم نلمس من الحكومة التركية أى تفهم لمطالبنا بالانسحاب الكامل غير المشروط من أراضينا، فرغم موقفنا الحازم من الاجتياح التركى لأراضينا وموقف جامعة الدول العربية وشكوانا فى مجلس الأمن، وتأييد جميع دول العالم لموقفنا، ما زالت الحكومة التركية غير جادة فى سحب قواتها وتماطل فى هذا الموقف مما يدعونا إلى الشك العميق فى نيّاتها، لا سيما أن مساعدة العراق فى مواجهة الإرهاب يجب أن تخضع لشروط العراق وأهمها احترام سيادته الكاملة.
هناك تهويل حول ممارسات «الحشد الشعبى».. وحذرت من أى نزعة انتقامية.. ولن نسمح لأى قوة مسلحة أن تصبح بديلاً عن الأجهزة النظامية
■ كيف تصفون مستوى التعاون الأمنى بين القاهرة وبغداد فى مكافحة الإرهاب؟
- نطمح إلى تعاون أمنى واستخبارى عالٍ مع أشقائنا فى مصر، فلا غنى عن التعاون والتكامل على جميع الأصعدة؛ لأن التهديدات الإرهابية تستهدف أمننا القومى العربى بشكل خاص والأمن والسلام فى العالم بأسره. ونحن فى العراق -كما فى مصر- نواجه منظمات إرهابية متوحشة تستهدف الإنسان والبنى التحتية والسلام الاجتماعى، ومن واجبنا أن نعمل على تنسيق جهودنا وتبادل المعلومات والخبرات لأننا نخوض حرباً شاملة وواحدة رغم تعدد خنادقها وجبهاتها.
■ ما تعليقكم على زيارة مستشارة الأمن القومى للرئيس المصرى إلى بغداد وإعرابها عن رغبة مصر فى زيادة التنسيق الأمنى مع العراق؟
- كانت زيارة مستشارة الأمن القومى المصرى لبغداد مناسبة للتأكيد على أهمية التعاون العراقى-المصرى فى القضايا المهمة على الصعيدين السياسى والأمنى بل والاستراتيجى، فالإرهاب عدونا المشترك، وهو خطر يستفيد من الفوضى والاضطراب والأزمات الداخلية والإقليمية، وما لم تتوافر رؤية مشتركة وسياسات ثنائية وقومية لدى البلدان العربية المحورية كالعراق ومصر، فإن تجاوز هذه المرحلة من عمر دولنا ومجتمعاتنا ستكون بالغة الصعوبة وكثيرة الأخطار.. لا بد أن يكون تعاوننا عميقاً وواسعاً، وتبادل الزيارات والمشاورات جزء من سياسة الباب المفتوح بين الأشقاء.
لا وجود لسعوديين بين المختطَفين.. وما نعتمد عليه هو جوازات السفر وجميعها قطرية
■ إلى أى مدى هناك تعاون مع السلطات القطرية للإفراج عن المواطنين المختطفين فى العراق؟
- نسعى بكل طاقتنا للعثور على الصيادين القطريين وإطلاق سراحهم ونبذل مجهوداً ضخماً، سخرنا لها خلايا استخبارية متخصصة وهى تعمل ليل نهار، وقد استطاعت الوصول إلى بعض الخيوط التى ستقود إلى عملية إطلاق سراح الصيادين، ونحن نتعاون مع جميع من يهمهم هذا الموضوع.
■ وما طبيعة وحجم المعلومات المتوافرة عن خاطفى المواطنين القطريين، وما مطالب الخاطفين ومتى المتوقع الإفراج عن البقية؟
- المعلومات المتوافرة عن خاطفى القطريين شحيحة، ونحن نعتقد أن دوافع الخطف سياسية وإعلامية، وهى الضغط على قطر لتغيير سياساتها فى المنطقة، لا سيما إزاء العراق؛ لأن هناك جماعات تعتقد أن الموقف القطرى غير ودى إزاء العراق. ونحن نرفض أن تقوم جماعات أو عصابات بأدوار من هذا القبيل تحرج الدولة العراقية وتؤذى سياساتنا الخارجية وعلاقاتنا مع أشقائنا وأصدقائنا؛ لأن هناك من يريد أن يضع نفسه بديلاً عن مركزية الدولة، ويتصرف فوق القانون والنظام.
■ هناك أنباء عن وجود سعوديين من الأسرة الحاكمة بين المخطوفين.. هل هذا صحيح؟
- لا وجود لمخطوفين سعوديين مطلقا؛ لأن الجوازات كلها قطرية ويصعب التحقق من الموضوع بطرق أخرى. فكلهم نفس اللسان والأشكال، وعلى فرض وجودهم؛ فبالجوازات القطرية يصبحون قطريين، ولا يمكن تمييزهم ولذلك لم يُشِر أحد من قريب أو بعيد إلى هذا الاحتمال.
العراق لم يُستشَر فى «التحالف الإسلامى».. ومن غير المعقول أن يتشكل حلف إسلامى يقاتل الإرهاب على الورق
■ كيف تردون على الانتقادات الموجهة لممارسات بعض المنتسبين لقوات الحشد الشعبى؟ وأنتم كمؤسسة نظامية عراقية.. ألا تخشون من تحوله لما يشبه «حزب الله» فى لبنان ويصبح خارج سيطرة الأجهزة النظامية؟
- سياسة الدولة العراقية هى فرض هيبة الدولة وسلطة القانون والعمل وفق الأنظمة ولا نسمح بأى خرق لذلك، وما يثار من انتقادات لبعض التصرفات نتعامل معه وفق منطق المسئولية، لكن من الحق أن يقال إننا فى العراق وبسبب المناكفات السياسية ومحاولات استثمار أى شىء لتسجيل المواقف وتدعيم السياسات، نشهد تهويلاً ومبالغات، ويتم تضخيم الأخطاء الفردية والممارسات الخاطئة بوصفها مواقف جماعية أو تعبيراً عن مناهج ذات وجهة معينة. إننا نرفض رفضاً قاطعاً كل تصرف غير مسئول، وأنا شخصياً من موقعى فى وزارة الداخلية، خرجت إلى الإعلام وحذرت من أى تصرف ينم عن نزعة انتقامية أو ثأرية أو ردود فعل غير محسوبة؛ لأن هدفنا هو الاستقرار الأمنى الذى يعتمد على الاستقرار السياسى والمصالحة الوطنية واللحمة الاجتماعية والشراكة فى الوطن؛ ولهذا لا نسمح بأن تكون هناك قوى مسلحة تتصرف خارج الأنظمة وتكون بديلاً عن الأجهزة النظامية. وبالإشارة إلى ظلم التهويل والمناكفات الإعلامية والسياسية ضد الحشد الشعبى فى عمليات تحرير تكريت -التى كانت تمثل رمزية لرأس النظام المقبور والتى ارتكبت فيها مجزرة سبايكر- لم تجر أعمال انتقام وتدمير واليوم 90% من الأهالى عادوا إلى تكريت وحياة طبيعية وجامعة تكريت بـ18 ألف طالب اليوم فيها وبحماية الأجهزة الأمنية والحشد الشعبى.
■ كيف ترون التحالف الإسلامى الذى أعلنت عنه السعودية؟ ولماذا لم يشارك به العراق؟
- لم يُستشَر العراق فى هذا التحالف، بل لم يتم إعلامه إلا فى وسائل الإعلام، ونحن القوى البرية الأعظم التى تقاتل الإرهاب، وبلادنا هى ساحة المواجهة الرئيسية ضد الإرهابيين، ومن غير المعقول أن يتشكل حلف إسلامى يقاتل الإرهاب على الورق، ولا يكون قتالاً فى الساحات الحقيقية. والعراق هو العمود الفقرى فى أى حلف من هذا القبيل؛ لذلك لدينا شكوك وتحفظات وعتاب على هذه المواقف التى نخشى أن تكون دوافعها سياسية وليست لمواجهة الإرهاب بجدية.
■ إلى أى مدى ترون أهمية المقترح الذى تقدمت به مصر لإنشاء القوة العربية المشتركة لحفظ الأمن القومى العربى ومكافحة الإرهاب؟
- نحن مع أى جهد قومى عربى أو إسلامى إقليمى أو دولى لمكافحة الإرهاب؛ ولكننا نعتقد أن مثل هذه المشاريع يجب أن تدرس جيداً وتوضع لها الهياكل والأهداف والسياسات والاستراتيجيات حتى لا تتحول إلى أدوات للمحاور ولا تكون مدخلاً للاستقطابات السياسية إقليمياً ومحلياً، فالأمن القومى العربى يستحق كل جهد لحمايته وصيانته، وهو يتعرض اليوم لكل أشكال الانتهاك والتهديد، إقليمياً ودولياً. ومن واجبنا حمايته على أن يحفظ للدول العربية سيادتها ويضمن لها عدم التدخل فى شئونها الداخلية.
■ مسئولية كبيرة أن تتولى مهمة الأمن فى العراق حالياً.. كوزير للداخلية كيف تصفون لنا حجم مسئوليتكم وأعباء هذا المنصب عليكم شخصياً؟
- مسئوليتنا فى وزارة الداخلية مسئولية خطيرة وكبيرة؛ لأن الأمن هو مسئوليتنا الأكبر والأخطر، وهو التحدى الذى يجب أن نستجيب له، بما تمليه علينا مسئوليتنا القانونية والإنسانية والأخلاقية، فنحن فى سباق مع الزمن من أجل أن نضمن حياة آمنة لكل العراقيين فى كل شبر من أرض العراق، وأن نصون حرمة ودم ومال وعرض كل عراقى وعراقية ونضمن حرية وكرامة وأمن العرقيين جميعاً بدون تمييز على أساس عرقى أو دينى أو طائفى. من ناحية الأعباء، فأنتم تعلمون الظروف التى يمر بها العراق منذ عام 2003، فالمنظمات الإرهابية والجماعات المتطرفة استباحت دماء العراقيين وبناهم التحتية، وعملت على إعاقة استقرار الديمقراطية وسيادة القانون، وهى تستهدف الجميع بلا استثناء. فنحن نواجه جرائم الإرهاب والجرائم المنظمة والانحرافات السلوكية والاجتماعية، ونسعى بكل جهد عبر سياسات وخطط واستراتيجيات نأمل أن تتكامل من أجل بلوغ درجة الاستقرار الكامل والأمن المجتمعى.
■ وكم مرة تعرضتم لمحاولة اغتيال؟
- من يتحمل المسئوليات الجسام عليه أن يستعد لكل المخاطر وأن يضع نفسه فى خدمة الشعب والوطن، ونحن منذ تصدينا للنظام الدموى المستبد كنا جزءاً من المشروع الوطنى الرامى إلى تحقيق الحكم الرشيد والإنسانى، وهدف مقدس كهذا الهدف يستحق منا كل التضحيات والجهود ولا يهم بعدها الحديث عن استهدافات الأعداء أو محاولات الاغتيال.