تلاجة وغسالة.. رشاوى لـ«ستات العشوائيات»
تلاجة وغسالة.. رشاوى لـ«ستات العشوائيات»
![أم سيد](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/17109725661444944131.jpg)
أم سيد
للمرأة بشكل خاص أهمية كبيرة عند المرشحين، ليس فقط لأنها تمثل 49% من القاعدة الانتخابية، ولكن أيضاً لكونها العنصر الأبرز فى طوابير الانتخابات.
بعض المرشحين يرون أن غياب الوعى السياسى والظروف شديدة القسوة التى يعانى منها سكان العشوائيات تجعل تلك المناطق أرضاً خصبة لرشاواهم الانتخابية، ويجعل صوت المرأة الانتخابى هناك صيداً سهلاً يتسابقون فيما بينهم للحصول عليه.
تجولنا فى منطقة «بطن البقرة» بمصر القديمة، بيوت متهالكة ووجوه نال الفقر منها، أطفال يلهوون ونساء يعمل أغلبهن فى جمع وفرز القمامة، بينما تعمل أخريات فى بيع الخضار والمخلل، سألناهن عن أنواع الرشاوى التى تقدم إليهن فى مواسم الانتخابات، وجاءت الإجابات شديدة التنوع.
«هنجهز لك بنتك»، «هندفعلك مصاريف مدرسة العيال»، «هنقوّم لجوزك محامى»، «هنشترى لأولادك هدوم المدرسة»، تلك بعض النماذج لأنواع الرشاوى الانتخابية التى يعرضها المرشحون على الناخبات هناك طمعاً فى أصواتهن، تبدأ الحكاية كما ترويها آية ذات العشرين عاماً بأن يختار المرشح سيدة من المنطقة يكون معروفاً عنها شعبيتها الجارفة أو أنها مصدر ثقة بين الأهالى هنا، ثم يطلبون منها أن تكون وسيطاً بيننا وبينه، ثم يطلبون منها أن تقنع كل واحدة منا بأنها ستساعدها فى أمر ما، تضيف «آية»: «يعنى البنات اللى قدى مثلاً بتقولهم أسعار جهاز العرايس غالية عليكم احنا علينا الغسالة والتلاجة بس هاتوا صور بطاقاتكم عشان نعرف لجانكم الانتخابية وتروحوا تنتخبوا المرشح بتاعنا»، وتنهى قائلة: «احنا غلابة قوى، عاملين زى الغريق بنتعلق فى قشاية، وكل المرشحين عارفين إن أسهل حد يشتروه هما الغلابة».
تجلس «أم سيد» على الأرض فى مساحة لا تزيد على 3 أمتار وأمامها طاسة مليئة بالزيت موضوعة فوق وابور صغير، تنتظر المرأة الخمسينية حتى يسخن الزيت ثم تضع فيه شرائح الباذنجان الذى تقوم بتخليله بعد ذلك وبيعه لأبناء المنطقة، تقول «أم سيد»: «توفى زوجى بعد أن تمكن منه المرض وترك لى بنات «على وش جواز» وقبل الانتخابات تأتى الوسيطة التى تعمل لصالح مرشح معين وتعرض علىَّ مساعدتى فى تجهيز بناتى، وفى كل مرة أذهب لأعطى لهم صوتى ولا يعطوننى أى شىء».
أما «أم كريم» عرضت عليها وسيطة أحد المرشحين أن تدلى بصوتها لصالحهم مقابل غسالة أوتوماتيك، تقول السيدة الأربعينية «أنا بنتخبهم عشم فى ربنا، أنا بناتى أيتام وكنت محتاجة الغسالة دى عشان أجهز بيها بنتى، وبعد ما إديتهم صوتى ما أخدتش منهم حاجة، وبرغم كده البنات اتجوزوا عشان ربنا أكرم من أى حد».
«عبايات لستات المنطقة» كانت تلك هى إحدى الرشاوى الانتخابية التى قدمت للناخبات فى المنطقة مقابل الإدلاء بصوتهن، تقول «أم ملك»: «لما كانوا بيوزعوا العبايات رحت عشان آخد واحدة بس مالحقتش، بس قدرت آخد شنطة مدرسة لبنتى وهى فرحت بيها قوى عشان كان نفسها فى شنطة جديدة للمدرسة»، تضيف «أم ملك»: «حتى مصاريف المدرسة بيقولوا لنا هندفعها لعيالكم بس تروحوا تدوا صوتكم ونشوف الحبر الفسفورى على إيديكم الأول».
قبل أن نغادر المنطقة طلبت منا إحدى السيدات هناك أن نتوسط لها عند أحد المرشحين حتى يدفع لها نفقات أتعاب محام لمساعدة زوجها الذى تم القبض عليه بعد أن تعثر فى سداد أقساط ثلاجة اشتراها لتجهيز ابنته، كما فعلوا من قبل مع زوج جارتها فى الانتخابات الأخيرة، ولكن خيبة أمل كبيرة نالت منها بعد أن علمت أننا مجرد صحفيين ولسنا وسطاء لمرشحين وتركتنا وذهبت وهى تتمتم: «ربنا يبعت».