مأساة «إسلام»: أنا ابن مين فى مصر؟

مأساة «إسلام»: أنا ابن مين فى مصر؟
- أقسام الشرطة
- إعادة فتح
- الرئيس عبدالفتاح السيسى
- الضغط النفسى
- الطب الشرعى
- العثور على
- القرى والنجوع
- المعهد الأزهرى
- اليوم الدراسى
- بنى آدم
- أقسام الشرطة
- إعادة فتح
- الرئيس عبدالفتاح السيسى
- الضغط النفسى
- الطب الشرعى
- العثور على
- القرى والنجوع
- المعهد الأزهرى
- اليوم الدراسى
- بنى آدم
- أقسام الشرطة
- إعادة فتح
- الرئيس عبدالفتاح السيسى
- الضغط النفسى
- الطب الشرعى
- العثور على
- القرى والنجوع
- المعهد الأزهرى
- اليوم الدراسى
- بنى آدم
- أقسام الشرطة
- إعادة فتح
- الرئيس عبدالفتاح السيسى
- الضغط النفسى
- الطب الشرعى
- العثور على
- القرى والنجوع
- المعهد الأزهرى
- اليوم الدراسى
- بنى آدم
{long_qoute_1}
قصة حياة مليئة بأحداث مشوقة ومثيرة، تصلح لأن تكون فيلماً أو مسلسلاً رمضانياً، ربما يفوق ما تعرض له «إسلام جمعة حسن مصطفى» فى حياته خيال المؤلفين وكتاب الدراما، شاب تعرض للخطف عندما كان رضيعاً، نشأ فى أحضان أم قاسية اكتشف فيما بعد أنها ليست أمه بل السيدة التى خطفته من أسرته، سجنت الأم «المزيفة» بسبب جرائم الخطف التى ارتكبتها فى حق أطفال كثيرين، وخرج الابن «الضال» إلى الشارع باحثاً عن أهله ليصطدم بدنيا أخرى أسوأ من التى كان يعيش فيها، دنيا لم ترحم وحدته وعجزه، إذ تلقفته عدة أسر اعتقدت أنه ابنها «المخطوف» وبعد أن عاش مع كل منها عدة سنوات وصلت مع إحدى الأسر إلى 22 عاماً، اكتشف أن كل هذه الأسر لا تمت له بأى صلة.. والدليل تحليل الـ«DNA».
من شرق مصر إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها، جاب «إسلام» محافظات مصر بحثاً عن أهله، رحلة شاقة عمرها عشرات السنوات، ومع ذلك لم يفقد الأمل، يبحث عن أهله وفى اعتقاده أن أهله أيضاً يبحثون عنه، وفى الأفق يحلق حلم ربما يتحقق عندما يلتقى الطرفان ويسجلان نهاية سعيدة للدراما التى يعيشها، يعيش «إسلام» حالياً فى مركز طوخ بمحافظة القليوبية، ورغم زواجه وإنجابه ثلاثة أطفال فإنه لم يتخل عن رحلته الأهم فى حياته وهى العثور على أهله، حتى أصبحت حياته مقتصرة على الترحال والتجوال، لدرجة أن سائقى سيارات الميكروباص المتجهة إلى الأقاليم عرفوا قصته وتعاطفوا معه وأطلقوا عليه «الرحالة» و«الغريب».
{long_qoute_2}
مأساة «إسلام» بدأت منذ عام 1994 عندما استيقظ هو وأسرته المكونة من خمسة أفراد، على دقات شديدة على باب المنزل الكائن بقرية صقل بالعريش، أصابته وإخوته ووالدته بفزع شديد، فتحت الأم الباب وصرخت عندما وجدت أمامها أفراداً من الشرطة يبحثون عن طفل رضيع تعرض للاختطاف منذ أيام قليلة، وبتفتيش المنزل وجدوا الطفل المخطوف، فصرخت الأم «عزيزة السعداوى» فى وجه الشرطة «ولادى.. ولادى»، فما كان من الشرطة إلا أن أخذت الأسرة إلى قسم شرطة شمال العريش: «جلسنا فى القسم أنا وأمى وأخى هشام بينما تحفظت الشرطة على أخى الأصغر محمد، وبعد ساعات حضرت أسرة مُتلهفة لرؤية رضيعها، وعندما وقعت عينا أحد أفرادها على محمد تلقفه وقال (أيوه ده ابننا اللى اتخطف)، ما جعل الشرطة تحقق فى أمرى أنا وأخى هشام».
تحقيقات وتحريات للبحث عن هوية «إسلام» وشقيقه «هشام»، لم تستغرق طويلاً، لتفاجئ السيدة الأربعينية الجميع باعتراف خطير، وهو أن الثلاثة ليسوا أبناءها وأنها عاقر، وبعد الضغط عليها تذكرت المكان الذى خطفت منه «هشام» الأخ الأوسط لـ«إسلام»، بينما لم تتذكر المكان الذى خطفت منه «إسلام»، لمضى 11 عاماً على واقعة اختطافه: «الشرطة حبست أمى، أقصد الست اللى خطفتنى، وهشام رجع لأهله وأنا خلونى فى القسم سنة ونص، مش عارف أنا موجود ليه ولا باعمل إيه»، منذ ذلك اليوم لم ير «إسلام» الراحة: «كنت عايش زى خلق الله وفجأة قالوا لى لا ده أبوك ولا دى أمك ولا دول إخواتك، كنت بقعد بالساعات أعيّط لحد ما أنام على الأرض فى الحبس، أقول فى نفسى يا بخت هشام اللى لقى أهله وسافر لهم إسكندرية، ومحمد الصغير اللى أهله دوروا عليه لحد ما لقوه».
{long_qoute_3}
حالة «إسلام» النفسية السيئة وبكاؤه المتواصل داخل محبسه، جعل رجال الشرطة يتداولون قصته، وأصبح أهل العريش كلهم يتحاكون بقصته، ما جعل بعضهم يشفق عليه ويقرر تبنيه، منهم يوسف هجرس، مدرس لغة عربية بمدرسة «حميدان الخليلى الابتدائية» الذى عرض على قسم الشرطة تبنى «إسلام»: «أخدنى بالفعل 3 شهور وصرف عليَّا وأكلنى وشربنى وفى الآخر زهق وسلمنى تانى للقسم»، تلاه يوسف إسماعيل عطوة، مدير المعهد الأزهرى، الذى تبناه لمدة لم تزد على 6 شهور، بسبب تعاطفه معه: «برضه قعدت معاه 6 شهور وبعد كده سلمنى للقسم واتخلى عنى»، واصل «إسلام» تعليمه من داخل الحجز، كان فى الصف الرابع الابتدائى، وكان فرد من الشرطة يصطحبه إلى المدرسة ليتلقى دروسه ويعود فى نهاية اليوم الدراسى إلى قسم الشرطة: «كنت بقعد أذاكر أول ما أرجع على طول عشان الحجز بالليل ضلمة، والضباط لما شافوا الموضوع مُكلف كل يوم خروج ودخول، قعدونى وطلعولى شهادة نجاح فى نهاية سنة رابعة وخلاص».
{left_qoute_1}
لم يرق أمر «إسلام» لكثير من حكماء ومشايخ العريش، الذين اعتبروا مكوثه فى القسم طيلة عام ونصف العام غير قانونى، ما دفع الشرطة إلى استخراج شهادة وفاة باسم «إسلام سعيد سلامة العيدى»، ومنحه اسماً بديلاً وإعطائه لأحد المشايخ ليتبناه بمعرفته الخاصة، وبالفعل تبنته أسرة أحد المشايخ إلا أنها أساءت معاملته وسرعان ما أعادته مرة أخرى إلى الشرطة، والشرطة بدورها أودعته فى إحدى دور الأيتام بمدينة بورسعيد، وبعد مرور فترة فوجئت دار الأيتام بشخص يدعى عبدالله مرعى عبدالله، من قرية الصوامعة محافظة سوهاج، يطلب من الدار لقاء الطفل «إسلام»، بدعوى أن لديه طفلاً تعرض للاختطاف منذ 12 عاماً، ويشك فى أن يكون هذا الطفل هو «إسلام»: «عم عبدالله جه وقعد معايا وقالى يا ابنى أنا ابنى فى نفس التوقيت اللى انت اتخطفت فيه ونفسى ألاقيه، واللى بينى وبينك تحليل، لو طلعت ابنى هيبقى عيد، وهعوضك عن كل اللى شفته فى حياتك، ولو مش ابنى مش هقدر أتبناك وبعد ما عملنا التحليل للأسف مطلعتش ابنه»، مضيفاً: «كان نفسى يطلع أبويا.. أصله راجل بتاع ربنا وأطيب واحد فى كل اللى قابلتهم وعشت معاهم».
{left_qoute_2}
حالة من الحزن والقهر خيمت على «إسلام» الذى ضل طريقه للعثور على أهله، لم تدم هذه الحالة طويلاً، إذ جاءه الفرج من حيث لا يدرى ولا يحتسب، شخص يدعى جمعة حسن مصطفى وزوجته صباح إبراهيم رمضان، المقيمان بقرية شما، مركز أشمون، محافظة المنوفية، جاءا إلى الدار وطلبا رؤية الطفل «إسلام»، بعد علمهما بأنه من مواليد 1982 وأنه اختطف على يد سيدة بدعوى أن لديها ابناً ولد فى التوقيت نفسه وتعرض أيضاً للاختطاف على يد سيدة: «طبعاً دار الأيتام أخطرت شرطة بورسعيد بالأمر، وبعد أيام من الجدل، قررت الشرطة تسليمى للأسرة التى عشت معها حوالى 3 سنوات، وكانت الحياة تسير على ما يرام حتى اندلعت المشاكل التى أنهت علاقتى بالأسرة». يروى «إسلام» سبب الخلاف بقوله: «فى يوم طلب منى أبويا أو اللى كنت أعتقد أنه أبويا إنى أنزل الورشة عشان أساعده فى الشغل، ومن يومها وهو اتغير معايا ضرب وتوبيخ قدام الناس لحد ما هربت منه وعشت فى الشارع ونمت تحت الكبارى»، ما كان يحزن «إسلام» أن هذه الأسرة لم تسأل عنه ولم ينشغل بالها عليه ما اضطره إلى العودة إليها: «رجعت لهم وكنت بروح المدرسة بالنهار وأرجع أشتغل فى الورشة لحد بالليل، وخدت دبلوم صنايع وتزوجت فى نفس العقار وخلفت طفلة سميتها إيناس، وبعدها حصلت مشاكل بين أمى ومراتى، وحكت لها أمى على حكايتى وقصة خطفى، ففوجئت بمراتى تترك المنزل وتحصل على حكم بالطلاق وتختفى هى وبنتى اللى معرفش عنها حاجة وخايف مصيرها يكون زى مصير أبوها».
رغبة «إسلام» فى الاستقرار جعلته يفكر فى الزواج مرة أخرى، إلا أن والده رفض الأمر، ما جعل الشاب يفكر فى الزواج رغماً عن أسرته، وبالفعل تزوج وجاء بزوجته الجديدة إلى شقته فى بيت والده، وعادت الخلافات بين الزوجة والأم، الأمر الذى دفع «إسلام» لاصطحاب زوجته والذهاب إلى منزل أسرتها للمكوث فيه، ما جعل الأم تتهم «إسلام» بجحود القلب وبأنه ليس ابنهم، وهو ما جعل الشك يدب فى قلب الأب وفكر فى إجراء تحليل الـ«DNA» لقطع الشك باليقين وجاءت المفاجأة لتؤكد أن «إسلام» الذى عاش معهم 22 عاماً ليس ابنهم: «دلوقتى أبويا اللى عشت معاه 22 سنة مطلعش هو كمان أبويا وطبعاً رافع عليَّا قضية إنكار نسب وأنا بطاقتى باسمه ومش عارف أعمل إيه ولا أروح فين».
رحلة التنقل بين أسرة وأخرى، جعلت الشاب الثلاثينى، يصر على البحث عن أسرته، ذهب إلى أقسام الشرطة لمساعدته، إلا أنها لم تهتم بمشكلته، واعتبرتها غاية فى الصعوبة، خاصة بعد مرور سنوات طويلة على واقعة اختطافه: «رحت قسم العريش اللى قبضوا فيه على أمى عزيزة وسألتهم عنها وقلت لهم عايز أقابلها عشان هى الوحيدة اللى عارفة أنا مين وخطفتنى من أى مكان، رفضوا يخلونى أقابلها، هى الأمل الوحيد ليَّا فى الدنيا إنى ألاقى أهلى، وعلى فكرة لما قبضوا عليها لقوا فى بيتها شهادات ميلاد فاضية مش عارف هى كانت بتخطف وتبيع ولا بتشغل العيال، واشمعنى احنا اللى اتبنتنا وكتبتنا على اسم زوجها».
{left_qoute_3}
تسجيل عام 1982 فى شهادة ميلاد «إسلام»، جعله يفكر فى الترحال بين القرى والنجوع، بحثاً عن أسر فقدت أبناءها فى تلك السنة، سافر بالفعل إلى عدة قرى وقابل مشايخها وكبارها، فما كان منهم إلا أن يقوموا بالبحث عن أسر تتطابق حالتها مع حالة الشاب الثلاثينى ويقوموا بالاتصال به، للذهاب لمقابلة تلك العائلات ومعرفة مدى تطابق حالته معها، ومن بين تلك الحالات التى طرق بابها أسرة فايز عبدالنبى، فى قرية حلوة مركز بنى مزار محافظة المنيا، الذى طالبه هو الآخر بعمل تحليل «DNA»، لإثبات ما إذا كان ابنه أم لا: «الحاج فايز ابنه اللى تاه من سنى وأنا عملت التحليل ولحد دلوقتى تقرير الطب الشرعى مطلعش».
لم تكن أسرة «فايز» الوحيدة التى طرق بابها، إذ إن أسرة بكر عايش، بشبين الكوم محافظة المنوفية، هى الأخرى لديها طفل خطف يوم ولادته من مستشفى شبين الكوم، عمره الآن تجاوز الثلاثين عاماً، ما جعل أسرة «عايش» تتوقع أن يكون «إسلام» هو طفلهم الذى خطف منذ 30 عاماً: «أنا متعلق بقشة وهما كمان لسه عندهم أمل عيالهم يرجعولهم، وعلى فكرة أنا برضه عامل تحليل ولسه نتيجته ماطلعتش».
بخلاف الضغط النفسى الذى يعانيه «إسلام» يعانى أيضاً من ضغط مادى بسبب الأموال التى ينفقها فى السفر لمسافات طويلة للبحث بين الأسر فى الصعيد والدلتا، بالإضافة إلى التكاليف التى يتحملها بمفرده فى إجراء الفحوصات، إذ إن بعض الأسر تشفق عليه وتتقاسم معه مصاريف التحاليل بينما يرفض البعض الآخر، بدعوى أن «إسلام» هو من يبحث عن أسرته وهو فى حاجة للإنفاق لا هم: «كان عندى موتوسيكل بعته، وبعت دهب مراتى، وفيه ناس بتتبرع لى، مش مهم كل ده المهم أوصل عشان أنا بيصعب عليَّا ولادى لما بيسألونى يا بابا هو انت واحنا ولاد مين؟».
محاولات البعض للنيل من إصرار الشاب الثلاثينى، ومطالبته بالتوقف عن البحث عن أسرته، لم تنل من عزيمته، فهو يؤمن بأن الإنسان دون عزوة ليست له قيمة، مؤكداً أنه سيواصل البحث عن أسرته مهما جار عليه الزمن أو طال به العمر: «ساعات بيجيلى ناس 3 الفجر يقولوا لى إحنا أهلك، وأركب معاهم ومعرفش هما مين ونسافر آخر الدنيا وفى الآخر ميطلعوش أهلى، بس أنا نفسى أعيش زى الناس، أنا متعلم ومتجوز بس نفسى أعرف أنا مين وأعتقد ده أبسط حقوقى على الدولة، يعنى الرئيس عبدالفتاح السيسى لو أمر بإعادة فتح التحقيق أهلى هيظهروا، على الأقل الشرطة تجبر عزيزة على الاعتراف بأنى ابن مين، لو مش عشان خاطرى يبقى عشان خاطر يوسف وعبدالرحمن ولادى وبنتى اللى معرفش هى كمان فين».
مأساة «إسلام» جعلته يتعاطف مع كل طفل يراه بين يدى متسولة، وأحياناً يقف أمام المتسولات فى الشارع ويطلب منهن إعادة الأطفال الذين بحوزتهن إلى أهاليهم حتى لا يواجهوا نفس المصير الذى يواجهه وهو ما جعل بعضهن يتهمنه بالجنون: «رغم كل اللى شفته واللى قابلته عمرى ما فقدت الأمل إنى أعيش بنى آدم، ومطلعش بلطجى ولا حرامى ولا معقد وأعمل فى الأطفال اللى اتعمل فيَّا، أنا نفسى أساعد الأطفال والأهالى إن ولادهم يرجعوا لهم، يا رب ما حد يدوق اللى أنا دقته فى حياتى».
- أقسام الشرطة
- إعادة فتح
- الرئيس عبدالفتاح السيسى
- الضغط النفسى
- الطب الشرعى
- العثور على
- القرى والنجوع
- المعهد الأزهرى
- اليوم الدراسى
- بنى آدم
- أقسام الشرطة
- إعادة فتح
- الرئيس عبدالفتاح السيسى
- الضغط النفسى
- الطب الشرعى
- العثور على
- القرى والنجوع
- المعهد الأزهرى
- اليوم الدراسى
- بنى آدم
- أقسام الشرطة
- إعادة فتح
- الرئيس عبدالفتاح السيسى
- الضغط النفسى
- الطب الشرعى
- العثور على
- القرى والنجوع
- المعهد الأزهرى
- اليوم الدراسى
- بنى آدم
- أقسام الشرطة
- إعادة فتح
- الرئيس عبدالفتاح السيسى
- الضغط النفسى
- الطب الشرعى
- العثور على
- القرى والنجوع
- المعهد الأزهرى
- اليوم الدراسى
- بنى آدم