مصطفى عمار يكتب: مصر الدولة الوحيدة التي لم تتخلَّ عن فلسطين أبداً.. وعلى العالم أن يخجل من تواطئه

مصطفى عمار يكتب: مصر الدولة الوحيدة التي لم تتخلَّ عن فلسطين أبداً.. وعلى العالم أن يخجل من تواطئه

مصطفى عمار يكتب: مصر الدولة الوحيدة التي لم تتخلَّ عن فلسطين أبداً.. وعلى العالم أن يخجل من تواطئه

منذ عام 1948 وحتى اليوم، حملت مصر على عاتقها مسئولية الدفاع عن القضية الفلسطينية، فى الوقت الذى تبدلت فيه المواقف وتغيرت التحالفات، لكنها ظلت الدولة الوحيدة التى لم تتاجر بالقضية، ولم تستغلها لخدمة أجندات سياسية، بل خاضت الحروب من أجلها، وقدمت الشهداء، وتحملت الضغوط، وأصرت على أن تكون صوت فلسطين فى المحافل الدولية. وفى عام 2023، عندما أدارت أغلب دول العالم ظهرها لسكان قطاع غزة، كانت مصر وحدها التى فتحت معبر رفح، وأدخلت المساعدات، وتحركت دبلوماسياً، وواجهت التهديدات، فى موقف يستحق أن يخجل منه العالم بأسره.

منذ اندلاع الحرب الأخيرة على قطاع غزة، لم يتوقف الجسر الإنسانى المصرى عن العمل، حيث أدخلت مصر مئات الآلاف من الأطنان من المساعدات الإنسانية والطبية، إلى جانب استقبالها الجرحى وعلاجهم فى مستشفياتها. فى الوقت الذى انشغل فيه المجتمع الدولى بالمراوغات السياسية، كانت الشاحنات المصرية تجتاز معبر رفح يومياً، حاملة الغذاء والدواء والوقود، دون انتظار لمزايدات أو شعارات زائفة.

لم تكتفِ مصر بالمساعدات الإنسانية، بل قادت الجهود الدبلوماسية لإنهاء الصراع، حيث تحركت القاهرة على جميع المستويات، بدءاً من الرئيس عبدالفتاح السيسى، مروراً بأجهزة الدولة المختلفة، وصولاً إلى القنوات الدبلوماسية السرية والعلنية. وخلال الأشهر الماضية، شهدت القاهرة عشرات الاجتماعات الأمنية والدبلوماسية، حيث زارتها وفود إسرائيلية وفلسطينية وأمريكية وأوروبية، فى محاولة للوصول إلى وقف إطلاق النار، وتجنيب المدنيين المزيد من الدمار.

استقبلت مصر عشرات الوفود من مختلف الأطراف، سواء للتفاوض بين حماس وإسرائيل، أو لتحقيق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية نفسها. كما عقد الرئيس السيسى عدة قمم عربية ودولية، كان آخرها مؤتمر القاهرة للسلام، حيث وجه رسالة واضحة للعالم: «لن نقبل بتهجير الفلسطينيين، ولن نسمح بتكرار نكبة جديدة على أرض مصر أو غيرها».. هذه الرسالة كانت بمثابة صفعة لكل من تواطأ أو سعى لفرض حلول غير عادلة.

فى ظل التضليل الإعلامى الذى مارسته كبرى القنوات العالمية، لعب الإعلام المصرى، وعلى رأسه قناة «القاهرة الإخبارية»، دوراً محورياً فى نقل الحقيقة، حيث وثّق جرائم الاحتلال الإسرائيلى بالصوت والصورة، ورصد أعداد القتلى والجرحى وفق مصادر رسمية، وكشف للعالم حجم الدمار الذى لحق بالمدنيين. هذا الدور لم يكن مجرد تغطية إخبارية، بل كان معركة إعلامية نجح فيها الإعلام المصرى فى كسر الرواية المضللة، وهو ما أدى إلى انقلاب الشعوب الغربية على حكوماتها، بعد أن اكتشفت حجم الأكاذيب التى تعرضت لها.

منذ اللحظة الأولى، كان الموقف المصرى واضحاً: لا لتهجير الفلسطينيين من غزة، لا طوعاً ولا قسراً. ورغم الضغوط الهائلة التى تعرضت لها القاهرة، سواء عبر التهديدات المباشرة أو المحاولات الدبلوماسية الناعمة، فإن الرد المصرى جاء حاسماً على لسان الرئيس السيسى: «التهجير مرفوض، ولن يحدث على حساب مصر».. موقف لم يكن مجرد تصريحات، بل تُرجم إلى تحركات فعلية، حيث عززت مصر وجودها على الحدود، وأكدت أنها لن تسمح بفرض واقع جديد يُهدد أمنها القومى.

لم يكن رفض التهجير مجرد قرار سياسى، بل كان موقفاً شعبياً تجسّد فى المظاهرات والوقفات السلمية التى خرجت فى مختلف المحافظات المصرية، دعماً للرئيس السيسى والقوات المسلحة، ورفضاً لأى مخطط يستهدف تصفية القضية الفلسطينية على حساب مصر. هذه التظاهرات كانت رسالة للعالم بأن مصر، قيادةً وشعباً، تقف صفاً واحداً فى وجه أى محاولة لفرض حلول ظالمة.

على الرغم من الاستفزازات المستمرة من قِبَل إسرائيل، سواء عبر التصريحات العدائية أو الحملات الإعلامية الموجهة ضد مصر، فإن القاهرة التزمت بالحكمة وضبط النفس، إدراكاً منها أن أى انزلاق نحو صدام عسكرى لن يخدم سوى أجندات تريد إشعال المنطقة. ومع ذلك، فإن إسرائيل تدرك جيداً أن استفزاز مصر ليس خياراً حكيماً، لأن تحولها إلى طرف مباشر فى الصراع سيكون كارثياً عليها.

على الرغم من أن مصر لم تهدد إسرائيل يوماً، ولم تسعَ إلا للحفاظ على أمنها القومى، فإن تل أبيب تعيش حالة من القلق الدائم من القوات المصرية الموجودة فى سيناء. هذا القلق ليس نابعاً من تهديد مصرى مباشر، بل من معرفة إسرائيلية راسخة بأن الجيش المصرى، إذا اضطر إلى الدفاع عن أمنه، فلن يتردد لحظة واحدة.

فى عالم يعج بالزعامات الانتهازية، يقف الرئيس السيسى بموقف أخلاقى واضح: دعم الحق الفلسطينى، رفض التهجير، السعى نحو حل الدولتين، والعمل على استقرار المنطقة. هذا الموقف لا يخدم مصر فقط، بل يصب فى مصلحة العالم بأسره، لأن استمرار الصراع يعنى المزيد من الفوضى والتطرف والإرهاب. على المجتمع الدولى أن يخجل من تواطئه، وأن يدرك أن الاستماع لمصر ورئيسها هو الخطوة الأولى نحو حل عادل ومستدام.

منذ عقود، أثبت الجيش المصرى أنه ليس مجرد قوة عسكرية، بل مؤسسة وطنية متجذرة فى وجدان الشعب، يقف خلفها الملايين، ويؤمن قادتها بأن الدفاع عن الوطن هو عقيدة راسخة. من حروب 1956 و1967 و1973، إلى الحرب ضد الإرهاب فى سيناء عام 2014، ظل الجيش المصرى حاضراً فى كل معركة، جاهزاً لأى تهديد، ومستعداً لحماية أمنه القومى مهما كان الثمن. وخطابات وزير الدفاع المصرى ورئيس الأركان تؤكد باستمرار هذه الجاهزية، والتلاحم القوى بين القيادة السياسية والقوات المسلحة.

من لا يدرك قيمة وقوة الجيش المصرى لا يعرف شيئاً عن مصر. ومن يظن أن بإمكانه فرض واقع جديد على حساب مصر، فهو لا يفهم التاريخ. هذه الدولة، التى تحملت مسئولية الدفاع عن فلسطين طوال 76 عاماً، لن تتخلى عن موقفها اليوم. ومن يعتقد أن بإمكانه لىّ ذراعها، فهو واهم. مصر كانت وستظل رقماً صعباً فى المعادلة، شاء من شاء وأبَى من أبَى.

العالم قد ينسى، لكن مصر لا تنسى… والموقف المصرى سيظل شاهداً على من وقف مع الحق، ومن اختار أن يكون فى صف الباطل.


مواضيع متعلقة