محلل سياسي فلسطيني: مطلوب تحرك دولي موحد لمواجهة تل أبيب وتسليم ملف التفاوض لمصر والجامعة العربية

محلل سياسي فلسطيني: مطلوب تحرك دولي موحد لمواجهة تل أبيب وتسليم ملف التفاوض لمصر والجامعة العربية

محلل سياسي فلسطيني: مطلوب تحرك دولي موحد لمواجهة تل أبيب وتسليم ملف التفاوض لمصر والجامعة العربية

أكد الدكتور محمد جودة، الكاتب والمحلل السياسى الفلسطينى، أن الاحتلال الإسرائيلى يواصل ارتكاب الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولى الإنسانى فى قطاع غزة، فى تجاهل وخرق واضح لاتفاقيات وقف إطلاق النار التى سبق التوصل إليها، حيث يتعمد جيش الاحتلال استهداف المدنيين وتدمير البنية التحتية، مع غياب تحرك دولى فعّال لوقف حرب الإبادة الجماعية التى يتعرض لها الشعب الفلسطينى، وفيما يلى تفاصيل الحوار.

■ من يمكنه إيقاف «نتنياهو» وإسرائيل عن الاستمرار فى إثارة التوتر بالمنطقة؟

- فى ظل هذا التصعيد الهمجى يظهر أن المؤسسة السياسية الإسرائيلية محكومة اليوم بمنظور أمنى توسعى لا يعترف بحقوق الفلسطينيين، بل يسعى لإخضاعهم بالكامل، ولذلك فإن التعويل على تغيير داخلى فى إسرائيل بات أمراً غير واقعى فى ظل انحياز المجتمع نحو التطرف، ويبقى الأمل معقوداً على تحرك دولى جاد يبدأ بضغط سياسى واقتصادى من قبَل الدول المؤثرة، مروراً بتفعيل آليات المحاسبة الدولية، وليس انتهاءً بتنسيق عربى وإسلامى رادع يوقف هذه الإبادة والمقتلة والجنون الإسرائيلى فى غزة، وفى تقديرى أنه لا يمكن إيقاف آلة القتل الإسرائيلية إلا بتحرك دولى موحد، وضغط عربى وإسلامى مشترك، وموقف واضح من القوى الإقليمية، وفى القلب من ذلك الدور المصرى المحورى، وأى رهان على تغيير المواقف الأمريكية أو الإسرائيلية دون ضغط حقيقى وملموس سيبقى مجرد أوهام.

■ كيف تعلق على الاستهدافات الإسرائيلية والجرائم التى لا تتوقف منذ انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة

- منذ انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة، دأبت إسرائيل على مواصلة ارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولى الإنسانى، وعمليات تطهير عرقية ممنهجة بحق الفلسطينيين فى غزة، وسط صمت دولى مُخزٍ، وعجز المنظومة الدولية عن كبح جماح آلة الحرب الإسرائيلية، وما نشهده اليوم فى القطاع ليس مجرد عمليات عسكرية، بل إبادة حقيقية، ومجازر دموية، وتجويع ممنهج، وجرائم حرب تستهدف المدنيين، وتدمر البنية التحتية، وتضرب بعرض الحائط كل الاتفاقيات السابقة والجهود الدولية لوقف إطلاق النار، كما أن استمرار هذا العدوان يكشف بوضوح نية الاحتلال فرض وقائع جديدة على الأرض بالقوة، سواء عبر محاولات التهجير القسرى، أو تفريغ غزة من سكانها، أو تقويض أى أفق لحل سياسى عادل وشامل فى اليوم التالى.

«الرهان» على الموقف الأمريكى «أوهام».. ومحاولات تجزئة الحل تؤدى إلى التصعيد

■ هل تتوقع أن يتخذ الرئيس الأمريكى دونالد ترامب موقفاً قوياً تجاه نتنياهو فى المستقبل؟

- من حيث الموقف الأمريكى فإن الرهان على أن يتخذ دونالد ترامب مستقبلاً موقفاً حازماً ضد نتنياهو يبدو ضعيفاً ومستبعداً، نظراً للعلاقة الوثيقة التى جمعت الرجلين خلال الفترة الأولى من حكم ترامب، والتى تخللها اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل، وشرعنة للمستوطنات، وصفقة القرن، التى سعت لتصفية القضية الفلسطينية، ولذلك فإن أى تغيير محتمل فى الموقف الأمريكى مرهون ليس فقط بتغير فى القيادة، بل أيضاً بضغط داخلى أمريكى، وتزايد التيارات الرافضة للدعم غير المشروط لإسرائيل.

■ كيف ترى ردود الفعل المصرية على الانتهاكات الإسرائيلية والمقترح الأخير بشأن غزة؟

- فيما يتعلق بالمقترح المصرى الأخير لوقف إطلاق النار أعتقد، ورغم موافقة حماس على هذا المقترح، أن ذلك غير كافٍ، ويتطلب من حماس موقفاً أكثر وضوحاً بتخليها عن الحكم فى قطاع غزة، والتوقف عن إعطاء إسرائيل مبررات لاستمرار هذه الإبادة، وتسليم ملف التفاوض والرهائن إلى مصر وجامعة الدول العربية، فما يجرى فى القطاع لم يعد مجرد عدوان للقضاء على حماس، بل عدوان لمسح وشطب الشعب الفلسطينى كله فى غزة، ولذلك يجب إنقاذ ما تبقى من سكان القطاع، ووقف شلال الدم والإبادة الجماعية، والتصدى لمخططات إسرائيل الهادفة لتهجير السكان وترحيلهم القسرى إلى خارج القطاع.

يجب أن يكون هناك موقف فلسطينى ثابت لا يقبل التأويل بأنه لا مكان للفلسطينيين سوى على أرضهم

■ كيف يمكن إقامة دولة فلسطينية وسط كل هذا العنف؟

- يجب على الولايات المتحدة والمجتمع الدولى الضغط على إسرائيل للاعتراف بحقوق الشعب الفلسطينى وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يوليو عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف، ويجب أن يكون هناك موقف فلسطينى موحد وثابت ولا يقبل التأويل بأنه لا مكان للفلسطينيين سوى على أرض فلسطين، والضغط على المجتمع الدولى وعلى الولايات المتحدة لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية التى تعترف بحق الشعب الفلسطينى بإقامة دولته على أرضه، ولا بد من تطبيق قرارات القمة العربية التى صدرت فى المملكة العربية السعودية بإقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل، كشرط لتحقيق السلام والتطبيع بين الدول العربية وإسرائيل.

الدور المصرى الواضح

يظهر الدور المصرى اليوم أكثر وضوحاً وفاعلية فى مواجهة المخططات الإسرائيلية، فمصر، التى تربطها حدود مباشرة مع قطاع غزة، تعتبر أمن القطاع واستقراره جزءاً من أمنها القومى، ورفضت القاهرة مراراً وتكراراً أى مشروع يهدف إلى تهجير سكان غزة أو تصفية القضية، وفى كل مرة تُطرح فيها مبادرات إسرائيلية تفتقر للواقعية تأتى الردود المصرية حاسمة، لا لحلول تُفرض بالقوة، ولا لمخططات تهدد استقرار المنطقة، وفيما يتعلق بالمقترحات الأخيرة بشأن غزة، فإن الموقف المصرى الرافض لها يعكس ثباتاً فى السياسة المصرية الخارجية تجاه فلسطين، فالقاهرة تُدرك أن أى محاولات لتجزئة الحل أو تغييب الفلسطينيين عن تقرير مصيرهم لن تؤدى إلا إلى مزيد من التصعيد والانفجار.


مواضيع متعلقة