روايح الشهر الكريم.. «دواوين» العائلات تحيي ليالي رمضان «إنشاد وذكر وتلاوة القرآن»

روايح الشهر الكريم.. «دواوين» العائلات تحيي ليالي رمضان «إنشاد وذكر وتلاوة القرآن»
يتميز شهر رمضان بخصوصيته وطقوسه المتنوعة فى مختلف محافظات مصر، عادات وتقاليد ترتبط بالشهر الكريم يتوارثها الأبناء جيلاً بعد جيل، يبدأون الإعداد لها قبل حلول شهر الصيام، لعل من أبرز الطقوس التى ترتبط بهذا الشهر، إحياء ليالى رمضان فى دواوين العائلات، وفى بعض بيوت وقصور الثقافة، من خلال الاستعانة بفرق الإنشاد الدينى، وعقد حلقات الذكر وتلاوة القرآن، لتضفى مزيداً من الأجواء الروحانية، التى ترتبط بشهر الصيام والقرآن، بالإضافة إلى تعزيز روح المحبة والترابط بين أبناء العائلة الواحدة وغيرهم، كما تحرص مختلف الطرق الصوفية على إقامة حلقات الذكر فى ساحات ومحيط مقامات الأولياء الصالحين، مثل السيدة زينب فى القاهرة، وعبدالرحيم القناوى فى قنا، والسيد البدوى فى طنطا بمحافظة الغربية.
ففى محافظة قنا، تنتشر مشاهد الإنشاد الدينى فى مختلف القرى والنجوع، وفى بعض الأحياء بالمدن، وتبدأ بعد الانتهاء من أداء صلاة التراويح، حيث يتجمع الأهالى حولها حتى وقت السحور، وتتضمن حلقات ذكر، تتخللها فقرات إنشاد فى مدح الرسول، وتقديم بعض القصائد، التى تثلج قلوب الحاضرين، وعادةً لا تخلو دواوين العائلات الكبيرة من حلقات الإنشاد الدينى، التى يحرص عدد كبير من المواطنين على إقامتها أو حضورها للاستمتاع بالأجواء الروحانية التى تتميز بها عن غيرها من الفنون الأخرى.
وقال محمود القبانى، أحد أبناء محافظة قنا، إن دواوين العائلات الكبرى فى مركز قفط، جنوب المحافظة، عادةً ما تكون عامرة بحلقات الإنشاد الدينى فى ليالى رمضان، التى يتجمع فيها أبناء العائلة مع أهالى القرية والمحبين، وأضاف لـ«الوطن» أن «الإنشاد الدينى موروث وجدناه منذ قديم الأزل، يتم إحياؤه فى الدواوين»، حيث تحرص العديد من العائلات على حجز المنشدين والسماعات قبل أيام من حلول شهر رمضان، كما أكد أن الليالى الرمضانية تتميز بطقوسها الخاصة لدى كثير من العائلات، حيث تبدأ بتلاوة القرآن الكريم، ثم تقديم بعض القصائد وفقرات الإنشاد الدينى، ثم حلقات الذكر. ومن محافظة مطروح، قال محمد حمدى، مدير عام فرع ثقافة مطروح، إن هناك العديد من المنشدين وفرق الإنشاد الدينى، التى تحرص على تنظيم فقرات ابتهالات دينية فى قصر ثقافة مطروح، وفى نادى مطروح الاجتماعى، ضمن أمسيات ليالى رمضان، والتى يستمتع بها الأهالى، وسط إقبال كبير من جانب الأسر، وسط أجواء مبهجة، تتخللها فقرات لفرق الفنون الشعبية، ومقطوعات موسيقية، كما يتم استقبال بعض الفرق الفنية والمنشدين من مختلف المحافظات، لإثراء الحياة الثقافية فى شهر رمضان، بمدينة مرسى مطروح.
وفى المنيا، تشهد قرى ومراكز المحافظة، خلال شهر رمضان، إقامة حفلات الإنشاد الدينى وحلقات الذكر، التى تعد من العادات المتأصلة فى الريف، حيث يجتمع الأهالى بعد صلاة التراويح فى الدواوين والبيوت، لتعزيز الروابط الاجتماعية والروحانية، وقال جمال غانم، أحد أهالى قرية «زهرة»، بمركز المنيا، إن شهر رمضان يعد فرصة ثمينة لالتقاء الأهالى، وتعزيز الترابط بينهم، حيث يتم فتح الدواوين بعد صلاة التراويح، لإقامة سهرات دينية تشمل حلقات الإنشاد الدينى وتلاوة القرآن الكريم، مما يعكس الأجواء الروحانية الفريدة التى يتميز بها الشهر الكريم.
وأشاد سمير توفيق، مدير مدرسة بالمعاش، بمظاهر الترابط الأسرى وصلة الرحم، التى تتعزز خلال شهر رمضان، مؤكداً أن هذه الحلقات الدينية تسهم فى تعزيز القيم الاجتماعية والدينية بين الأهالى، فيما أوضح حاتم عبدالسميع، أحد أبناء القرية، مدى حب الأهالى لحفلات الإنشاد الدينى وحلقات الذكر، التى تعتبر جزءاً لا يتجزأ من تقاليد رمضان فى الريف، حيث تجمع بين الروحانيات والبهجة، كما تعيد إحياء قيم الأصالة والتقاليد التى تربط بين الأجيال، واعتبر أن السهرات الدينية تُعد نموذجاً للتمسك بالعادات والتقاليد الرمضانية، التى تعبر عن الهوية الثقافية والدينية للمجتمع الريفى فى مصر.
وفى القليوبية، أكدت الهيئة العامة لقصور الثقافة أنه يتم تنظيم العديد من الفعاليات الثقافية والفنية بفرع ثقافة القليوبية، ضمن برنامج وزارة الثقافة، منها إحياء الليالى الرمضانية، التى تتضمن فقرات إنشاد دينى.
وكذلك، تشهد محافظة سوهاج، خلال شهر رمضان الكريم، العديد من السهرات الرمضانية، والتى تتضمن الإنشاد الدينى والابتهالات وقراءة القرآن، وهى عادة سنوية يحرص عليها أهالى المحافظة، من مركز طما شمالاً، إلى مركز البلينا جنوباً، وقال محمد أحمد، البالغ من العمر 60 عاماً، المقيم فى مركز المنشاة، جنوب المحافظة: «منذ ولادتى، أنا وعائلتى نحافظ كل عام فى شهر رمضان، على إقامة السهرات الرمضانية، حيث تتم تلاوة القرآن الكريم، وحلقات الإنشاد الدينى والابتهالات».
وأضاف على أبوالعزم، المقيم فى مركز المراغة، شمال سوهاج: «نحرص خلال شهر رمضان على تنظيم سهرة دينية، تتضمن الإنشاد والابتهالات وقراءة القرآن، إلى جانب توزيع الحلوى والمشروبات على الضيوف وأفراد العائلة»، فيما أشار كمال خالد، البالغ من العمر 80 عاماً، مقيم بمركز جهينة، شمال غرب المحافظة، إلى أن عائلته تحرص سنوياً على استقدام المنشدين والمبتهلين لإلقاء الإنشاد الصوفى، خلال الليالى الرمضانية، وتابع بقوله إن «هذه العادة مستمرة منذ سنوات، حيث يجتمع حولنا المئات من الكبار والصغار، من أبناء العائلة والعائلات المجاورة، لمشاركتنا هذه الليالى المباركة التى تبعث الفرحة، وننتظرها بشغف كل عام».
وفى أسيوط، تتميز ليالى شهر رمضان المبارك بالأجواء الاحتفالية فى دواوين العائلات بالمدن والقرى، وسط أجواء روحانية مفعمة بالإيمان والمحبة، حيث يحتفل الأهالى بإحياء ليالى الشهر الكريم من خلال الإنشاد الدينى، وتُعد هذه التجمعات جزءاً من تقاليد عريقة، تضرب بجذورها فى تاريخ المنطقة، حيث يجتمع الأهل والجيران فى الدواوين، لسماع الأناشيد والتسبيحات، التى تعكس روحانية الشهر الفضيل.
وفى الدقهلية، أكد المايسترو عادل الفقى، مسئول فرقة الإنشاد الدينى فى «تمى الأمديد»، أنه تم تنظيم عدة حفلات دينية خلال شهر رمضان الكريم فى استاد المنصورة، بحضور أعداد كبيرة من المواطنين، تضمنت تقديم الأناشيد الدينية، وأضاف أن حلقات الإنشاد الدينى تضفى الكثير من البهجة والراحة النفسية لدى المواطنين والشباب، طوال الشهر الكريم، وتأتى هذه الحفلات ضمن برنامج الهيئة العامة لقصور الثقافة لإحياء ليالى رمضان.
وفى شرم الشيخ، بجنوب سيناء، يشهد المسرح الصيفى، التابع لقصر ثقافة مدينة الطور، عروضاً للإنشاد الدينى والتواشيح والابتهالات الدينية، ضمن ليالى رمضان الثقافية، بتنظيم من الهيئة العامة لقصور الثقافة، وقالت منيرة فتحى، مدير فرع ثقافة جنوب سيناء، لـ«الوطن»، إن هذه الفعاليات تقام بصفة مستمرة طوال شهر رمضان، داخل قصور ثقافة شرم الشيخ ودهب وطور سيناء، وتتضمن تقديم عروض فلكلورية وإنشاد دينى، مشيرةً إلى أنه يجرى تنفيذ العديد من الفعاليات فى مدينة شرم الشيخ، خارج قصر الثقافة، فى منطقة السوق القديم.
وكذلك، تحرص الطرق الصوفية فى شمال سيناء، على إقامة حلقات الإنشاد الدينى والتواشيح بشكل دائم، وقال عرفات خضر، شيخ الطريقة «الشاذلية العلاوية» بشمال سيناء، إنه يتم تنظيم حفلات الإنشاد الدينى عادةً بعد «حلقات الذكر»، التى تحرص بعض الطرق الصوفية على إقامتها مرتين أسبوعياً، أو فى المناسبات المختلفة، فيما قال مصطفى أبوفردة، أحد شيوخ طريقة «أبو العزائم»، إنه يتم عقد حلقات الإنشاد الدينى بشكل دائرى، كما أشار مصطفى فايز، أحد أبناء العريش، إلى أنه يتم تدريب الشباب على بعض فنون الإنشاد الدينى فى قصور الثقافة، مثل تواشيح «النقشبندى»، وغيره من عمالقة الإنشاد الدينى فى مصر، ويتم تقديمهم فى الاحتفالات الدينية بمختلف قصور الثقافة فى شمال سيناء.