رفعت رشاد يكتب: الكوميديا في رمضان
رفعت رشاد يكتب: الكوميديا في رمضان
برز مسلسل أشغال شقة جدًا ضمن مسلسلات شهر رمضان مثالا على الكوميديا الراقية التي استطاعت أن تحقق النجاح رغم محدودية تكاليف إنتاجها، مما يطرح تساؤلات حول معايير الجودة الحقيقية في الدراما.
حيث باتت بعض الأعمال تميل إلى الإثارة المفتعلة والسطحية في الطرح، مما أفقدها العمق الدرامي والتأثير الاجتماعي المطلوب.
وسط هذا الجدل، استطاع مسلسل أشغال شقة جدًا أن يبرز كعمل كوميدي متميز، يجمع بين الذكاء الدرامي وخفة الظل دون اللجوء إلى الإسفاف أو التهريج المبتذل.
يتميز المسلسل بتقديم كوميديا تعتمد على المواقف الحياتية البسيطة والحوار الذكي، مستغلًا أماكن محدودة للتصوير مثل الشقة ومكان العمل، وهو ما يعكس قدرة صناع العمل على تحقيق تأثير كبير بموارد محدودة.
الكوميديا الراقية ليست مجرد إضحاك، بل نوع من الفن الدرامي الذي يعتمد على بناء شخصيات متماسكة، وسيناريو محكم، ولغة حوار ذكية، بعيدًا عن النمطية والابتذال. ومن أهم معاييرها الذكاء في الطرح بتقديم مواقف كوميدية تعكس تناقضات الحياة بطريقة ساخرة دون تصنع.
كما أنها تقدم التوازن بين الضحك والرسالة وتقديم الضحك مع مضمون يحمل قيمة فكرية أو اجتماعية. وفي الأعمال الكوميدية الراقية تتطور الشخصيات ولا يكتفى بالكاريكاتورية السطحية، أو اللجوء إلى النكات السطحية أو الإيحاءات المبتذلة.
للكوميديا الراقية تأثير كبير على المجتمع، حيث تسهم في التخفيف من التوتر الاجتماعي، وتعكس قضايا الإنسان بأسلوب ساخر يجذب الانتباه دون تصادم حاد. كما أنها تؤدي دورًا هامًا في النقد الاجتماعي، حيث تساهم في تسليط الضوء على القضايا المسكوت عنها بأسلوب ممتع وغير مباشر.
في ظل الانتقادات المتزايدة للدراما الرمضانية، يظل مسلسل أشغال شقة جدًا نموذجًا للكوميديا الراقية التي تستطيع أن تحقق نجاحًا جماهيريًا دون الحاجة إلى ميزانيات ضخمة أو اللجوء إلى المبالغة في الأداء.
الكوميديا الراقية فن رفيع يمكن أن يكون أداة للتوعية والإصلاح، إذا ما تم تطبيق معاييرها الدرامية بشكل صحيح.
