خبراء يوضحون أضرار انسحاب المكتب الهولندي من "سد النهضة" والبدائل

كتب: سلوى الزغبي

خبراء يوضحون أضرار انسحاب المكتب الهولندي من "سد النهضة" والبدائل

خبراء يوضحون أضرار انسحاب المكتب الهولندي من "سد النهضة" والبدائل

أعلن المكتب الاستشاري الهولندي "دلتارس" المكلف بتنفيذ دراسات سد النهضة الإثيوبي انسحابه من تنفيذ الدراسات الفنية، بعد عمل استغرق 5 أشهر تقريبا.

وذكر المكتب، في بيان نشره على موقعه الرسمي باللغة الإنجليزية، أنه لن يستمر في تنفيذ الدراسات لشعوره بأن الشروط الموضوعة بواسطة اللجنة الوطنية الثلاثية والمكتب الفرنسي "بي آر إل" لا تعطي ضمانة لإجراء دراسات بحيادية عالية وجودة.

وترصد "الوطن" آراء خبراء المياه في الأضرار التي قد تقع على مصر نتيجة انسحاب المكتب الاستشاري، والبدائل المقترحة لحل الأزمة، وكيفية تفادي الأخطاء.

قال الدكتور نادر نور الدين، خبير الموارد المائية، إن المكتب الهولندي أقدم وأعرق أكثر من المكتب الفرنسي، كما أن لديه سابقة أعمال في السدود عكس نظيره الفرنسي، الذي يعمل لأكثر من 10 سنوات في عدد من المشاريع الزراعية مختلفة بإثيوبيا.

وأوضح نور الدين، أن مصر بانسحاب المكتب الهولندي عادت لنقطة الصفر، لأن بهذا الشكل ستكتب إثيوبيا التقرير كما تشاء لعلاقتها بالمكتب الفرنسي الذي وكلت له إخراج الرأي النهائي، حيث وضعت اللجنة الوطنية لسد النهضة الإثيوبي المشكلة من 12 خبيرا دوليا من مصر وإثيوبيا والسودان، في بداية تشكيل المكتبين، عددا من الشروط الموضوعية من بينها إسناد تنفيذ الدراسات بنسبة 70% للمكتب الفرنسي والباقي للهولندي، إضافة إلى تنفيذ الدراسات خلال 11 شهرا، على أن يشترك المكتبين في إعداد التقرير الفني، ويرسل المكتب الهولندي تقريره فقط للفرنسي، والأخير هو الذي يكتب التقرير النهائي بمفرده.

وأشار إلى إمكانية أخرى، وهي النظر في العروض الـ7 التي كانوا يفاضلون بينها في السابق، وبعد اختيار المكتب الثاني يظل يعمل لمدة 15 شهرا كما يقول الاتفاق، وبالتالي ستكون انتهت المرحلة الأولى من بناء السد في أكتوبر من العام المقبل أي بعد 12 شهرا فقط، يكون المكتب الفني يستمر في ممارسة عمله، موضحًا أن المرحلة الأولى ستكون بداية توليد الكهرباء، حيث تستعد إثيوبيا لتخزين مياه الفيضان القادم في يونيو المقبل، ما يعني حجزها لـ14 ونصف مليار متر مكعب من مياه النيل، وكل ذلك سيكون قبل أن ينتهي المكتب الاستشاري الجديد من عمله.

وتابع خبير الموارد المائية: "لا بد من لجوء مصر إلى مجلس الأمن والاتحاد الإفريقي، لأن إثيوبيا خالفت القانون الدولي وأقامت سدا بلا دراسات، مشيرا إلى أن الدراسات أيضا دورها استشاري غير ملزم، ومؤكدا ضرورة إنهاء عمل الوفد المصري الحالي الذي يقوم بالتفاوض ووضح لجنة أخرى متعددة التخصصات، حيث تضم أستاذ قانون دولي، ودبلوماسي، وخبراءري وممثل للقوات المسلحة، وشخصا قادرا على مخاطبة الإعلام الخارجي، لتعلن مصر بذلك أنها رافضة لـ"التسويف" الإثيوبي وإعلان أن الأزمة تمس الأمن القومي مثلما حدث في لجنة استرداد طابا، التي ضمت وفدا متعدد التخصصات.

وفي السياق نفسه، أشار محمد نصر علام، وزير الري الأسبق، إلى خطورة أخرى هو عدم وجود مرجعية تستند إليها مصر إذا رفضت ما سسيقوله المكتب الاستشاري، لوجود بند في وثيقة إعلان المبادئ التي تم توقيعها بين مصر والسودان وإثيوبيا تنص فيما معناه "توزيع المياه بشكل عادل ومنصف بين الدول الثلاث"، مشيرا إلى أنه بسبب تلك المدة من الممكن أن يؤخذ من مصر مليارات متر مكعب من حصتها وتقول إثيوبيا بأن ذلك هو التوزيع العادل، فلا توجد ضوابط لهذا التوزيع والبند "مطاطي"، إلى جانب نص الإعلان على وجوب موافقة الدول الثلاث.

وتابع أن المكتب الهولندي لديه خبرة كبيرة في مجال تداعيات السدود على دول الأنهار المشتركة، وأن إخضاع الأمر للمكتب الفرنسي وحده ستكون النتائج غير مضمونة وغالبا ستكون للصالح الإثيوبي للمشاريع المشتركة بينهما، وأنه في حال فتح باب المناقصة من جديد لمكاتب استشارية أخرى، أو اللجوء لمكتب من المرشحين السابقين، سيستغرق عملهم وقتا طويلا.

وعن الحلول التي من الممكن أن تلجأ لها مصر، هو أن يبادر الرئيس عبدالفتاح السيسي بعقد اجتماع للقمة الثلاثية ويطالب إثيوبيا بوقف بناء السد عند انتهاء المرحلة الأولى وعدم تنفيذها عمليا لحين الانتهاء من الدراسات والاتفاق على شكل توزيع المياه، وفي حالة رفض الجانب الإثيوبي تقترح مصر الإتيان بوسيط دولي يحكم فيما بينهم وإذا رفضت يتم اللجوء للتحكيم الدولي، وإذا تكرر الرفض تعلن مصر فشل المفاوضات ويُكثف الجهد الدبلوماسي المصري ورفع الأمر إلى مجلس الأمن، مستكملا أن الذهاب إلى مجلس الأمن قد لا يؤدي إلى إيقاف إثيوبيا عن مخطط السدود الإثيوبية، لانحياز بعض الدول لها، ولكنه سيحفظ حق مصر في اتخاذ ما تراه مناسبا في الوقت المناسب للحفاظ على حقوقها.

يذكر أنه في 2 أبريل 2015، انعقدت الجلسة الأولى للجولة الرابعة لمفاوضات سد النهضة الإثيوبي، واستمرت 6 ساعات متصلة بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وسط أجواء إيجابية برئاسة وزراء المياه بمصر وإثيوبيا والسودان، وبمشاركة أعضاء اللجنة الوطنية الثلاثية المؤلفة من 12 خبيرا، لاختيار المكتب الاستشاري الدولي من بين المكاتب الـ4 المرشحة لتنفيذ الدراسات الفنية للمشروع الإثيوبي، طبقًا لخارطة الطريق المتفق عليها في أغسطس الماضي بالخرطوم.

وكان من المفترض أن يكون 12 أغسطس الماضي، هو اليوم النهائي للمهلة التي حددتها اللجنة الفنية لسد النهضة، للمكتبين الاستشاريين لتسليم العرض الفني، طبقا للخارطة التي اتفق عليها وزراء الري والمياه بالدول الثلاث في الخرطوم، على أن يدرس الخبراء في كل دولة من الدول الثلاث، العرض الفني لمدة أسبوع، ليعقد بعدها الجولة الـ8 لاجتماعات اللجنة الفنية لسد النهضة في أديس أبابا، في 20 أغسطس، ولكن تم التأجيل لـ5 سبتمبر، ولم ينتهي المكتب من دراساته.


مواضيع متعلقة