«الوطن» ترصد «القوانين المُلحَّة» التى تنتظر مجلس النواب

كتب: ولاء نعمة الله

«الوطن» ترصد «القوانين المُلحَّة» التى تنتظر مجلس النواب

«الوطن» ترصد «القوانين المُلحَّة» التى تنتظر مجلس النواب

يواجه البرلمان المقبل، العديد من التحديات، ترتبط فى غالبيتها بالدور التشريعى، والقوانين التى ستتصدر أجندة جلساته ولجانه، خصوصاً أن الدستور تضمن فى الباب الخاص بالأحكام العامة والانتقالية عدداً من المواد، التى تُلزم البرلمان حال انعقاده بالبدء فى إعداد الكثير من التشريعات «المكملة للدستور» ومناقشتها وإصدارها.
ويأتى فى صدارة التشريعات الملحة، إعداد مشروع قانون متكامل للانتخابات، يُحدد على أساسه النظام الانتخابى، وشكل البرلمان المقبل، وبموجب الدستور فإن المادتين «٢٤٣، ٢٤٤» حددتا الفئات المميزة فى الانتخابات البرلمانية الحالية، فنصت المادة «٢٤٣» على أن تعمل الدولة على تمثيل العمال والفلاحين تمثيلاً ملائماً فى أول مجلس للنواب يُنتخب بعد إقرار هذا الدستور، وذلك على النحو الذى يحدده القانون. فيما نصت المادة «٢٤٤» على أن تعمل الدولة على تمثيل الشباب والمسيحيين والأشخاص ذوى الإعاقة والمصريين المقيمين فى الخارج، تمثيلاً ملائماً فى أول مجلس للنواب يُنتخب بعد إقرار هذا الدستور، على النحو الذى يحدده القانون، وهو ما يعنى أن هذه الفئات قد تفتقد ميزة التمثيل الملائم فى الانتخابات البرلمانية المقبلة.
ويُعد ثانى مشروعات القوانين التى تنتظر البرلمان، مشروع قانون العدالة الانتقالية، حيث تنص المادة «٢٤١» من الدستور على أن يلتزم مجلس النواب فى أول دور انعقاد له، بإصدار قانون للعدالة الانتقالية يكفل كشف الحقيقة، والمحاسبة، واقتراح أُطر المصالحة الوطنية، وتعويض الضحايا، وفقاً للمعايير الدولية، وعليه فإن وزارة العدالة الانتقالية التى يرأسها المستشار إبراهيم الهنيدى، بدأت فى إعداد أوراق ودراسات خاصة بإعداد مسودة مشروع متكامل للعدالة الانتقالية، ليتم عرضه على مجلس النواب المقبل.
واستندت الدراسات إلى تجارب بعض الدول الأفريقية فى تحقيق مبادئ العدالة الانتقالية، وتشمل مسودة المشروع تحديد أركان العدالة الانتقالية وفقاً للمعايير الدولية الواضحة، وهى كشف الحقيقة، والمحاسبة، وتعويض الضحايا، والمصالحة الوطنية، ووضع أكبر قدر من البدائل الممكنة أمام المشرع ليغير منها ما يشاء وفقاً لمقتضيات المجتمع المصرى، كما اقترح إنشاء جهاز متخصص كأحد الأجهزة المستقلة للقيام بهذا الدور.
ووضع المشروع آليات تحقيق المحاسبة من خلال الجرائم المنصوص عليها بالفعل، والمحاكم الجنائية العادية وفقاً للإجراءات المعتادة فى القوانين العقابية، وكذلك العمل على تحقيق المحاسبة من خلال آليات قانون إفساد الحياة السياسية القائم والمعمول به عن طريق محاكم الجنايات.

{long_qoute_2}


ومن القوانين التى تنتظر البرلمان، وفقاً للمادة «242» من باب الأحكام الانتقالية مشروع قانون جديد للإدارة المحلية، حيث تنص المادة على استمرار العمل بنظام الإدارة المحلية القائم إلى أن يتم تطبيق النظام المنصوص عليه فى الدستور بالتدريج خلال 5 سنوات من تاريخ نفاذه، دون إخلال بأحكام المادة (181) من الدستور، وعليه سيكون على البرلمان إعداد مشروع قانون متكامل لتنظيم الإدارة المحلية وانتخاباتها. ويلتزم البرلمان المقبل، بإصدار مشروع قانون مفوضية الانتخابات، وهو أحد مشروعات القوانين التى انتهت وزارة العدالة الانتقالية من إعداده، ورأت تأجيل عرضه على الحكومة لإصداره، حتى يأخذ فرصة أكبر فى النقاش والحوار داخل اللجان البرلمانية المختصة، وهو مشروع قانون ينظم عمل الهيئة التى ستتولى إدارة كافة الاستفتاءات والانتخابات الرئاسية والنيابية والمحلية، اعتباراً من تاريخ انتهاء أول انتخابات نيابية تجرى بعد العمل بالدستور.
وتنشأ «الهيئة الوطنية للانتخابات»، كهيئة مستقلة بميزانية مستقلة، ولا يجوز التدخل فى أعمالها، ولها الشخصية الاعتبارية، وتتمتع بالاستقلال الفنى والمالى والإدارى، وتختص بإدارة الاستفتاءات والانتخابات الرئاسية والنيابية والمحلية، على النحو الذى ينظمه القانون باستقلالية تامة وحيادية كاملة. وتختص الهيئة الوطنية بإعداد قاعدة بيانات الناخبين وتحديثها، واقتراح تقسيم الدوائر، وتحديد ضوابط الدعاية والتمويل، والإنفاق الانتخابى، والإعلان عنه، والرقابة عليها، وتيسير إجراءات تصويت المصريين المقيمين فى الخارج، وغير ذلك من الإجراءات حتى إعلان النتيجة، على النحو الذى ينظمه القانون.
ويجرى الاقتراع والفرز فى الاستفتاءات والانتخابات، التى تجرى خلال السنوات العشر التالية للعمل بالدستور، والتى تنتهى فى السابع من يناير 2024، تحت إشراف كامل من أعضاء الجهات والهيئات القضائية.
ويتصدر إعداد مشروع قانون اللائحة الداخلية لمجلس النواب، عمل البرلمان فى أولى جلسات انعقاده، ووفقاً لما تضمنه نظام العمل بالدستور الجديد، خصوصاً بعد إلغاء مجلس الشورى المعروف بـ«الغرفة الثانية للبرلمان»، فإنه يتوجب إضافة فصول جديدة لتنظيم العلاقة بين البرلمان ورئيس الجمهورية والحكومة، ومن أبرز المواد التى يجب تنظيمها بموجب اللائحة الجديدة آليات سحب الثقة من رئيس الجمهورية، وتشكيل الحكومة، وإجراءات سحب الثقة منها حال عدم حصول برنامجها على موافقة أغلبية البرلمان، إضافة إلى حقوق وواجبات أعضاء البرلمان بموجب الدستور، وحالات إسقاط العضوية، بما فيها تغيير الصفة الحزبية.
وبموجب المادة 3 من الدستور، التى تنص على أن مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية، فقد ألزم المشرع الدستورى البرلمان ضمن أحكام باب المواد الانتقالية بالدستور، بسرعة إصدار بعض القوانين فى أول دور انعقاد له، منها قانون تنظيم بناء وترميم الكنائس، بما يكفل حرية ممارسة المسيحيين لشعائرهم الدينية.

{long_qoute_1}


ووفقاً للواقع، فإن هناك لجنة حكومية مشكلة بالفعل من وزارتى العدل والعدالة الانتقالية، لإعداد مسودة مشروع قانون تنظيم دور العبادة، والأحوال الشخصية لغير المسلمين، ونظراً للإشكاليات العديدة التى تواجههما بسبب اعتراض الكنيسة على بعض المواد، فإن العمل عليهما ما زال مستمراً، تمهيداً لعرضهما على البرلمان المقبل فور تشكيله.
من جانبه، أكد الدكتور صلاح فوزى، أستاذ القانون الدستورى وعضو لجنة العشرة لتعديل الدستور، أن المشرع الدستورى، عندما خصص باباً كاملاً فى الدستور للأحكام العامة والانتقالية، كان حريصاً على حث «البرلمان» على سرعة إصدارها، لأهميتها وحاجة المجتمع لها، وإن كان التأخر فى إصدارها لا يسبب أى عوار أو إشكالية للبرلمان. وأضاف «فوزى»: «الدستور فيما يتعلق بالرقابة على دستورية القوانين واللوائح، لم يتضمن نصاً يخول للمحكمة الدستورية العليا، الرقابة على (المشرع) حال إغفاله إصدار التشريعات المطلوبة أو المكملة للدستور، وهو ما يتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات، ووفقاً للوضع الحالى لا توجد أية مشكلة إذا لم يتمكن البرلمان لسبب أو لآخر من إصدارها مع انعقاد جلساته».
وتابع «فوزى»: «أمام البرلمان المقبل ضرورة حتمية فى إصدار بعض التشريعات من أبرزها إقرار اللائحة الداخلية لمجلس النواب، التى تنظم إجراءات العمل داخله من الناحية التشريعية والرقابة والاتفاقيات الدولية، وتنظم العمل الفنى للبرلمان ولجانه، ونفس الحال ينطبق على مشروعى العدالة الانتقالية ودور العبادة لغير المسلمين، لأهميتهما للمجتمع».
وحول مشروعى قانون الانتخابات البرلمانية، وإنشاء الهيئة الوطنية للانتخابات، أوضح «فوزى» أنه لا مشكلة فى تأخر إصدارهما لنهاية الدورة البرلمانية، لأن مدة الدورة البرلمانية 5 سنوات، وبالتالى لسنا فى حاجة إلى إصدارهما مع بداية انعقاد المجلس، خصوصاً أن الانتخابات الرئاسية المقبلة، ستجرى فى ٢٠١٨، وانتخابات البرلمان فى ٢٠٢٠، ونفس الحال ينطبق على مشروع قانون الإدارة المحلية.
ووفقاً لما أثير حول المادة «٢٣٧» من الدستور، التى تنص على أن «تلتزم الدولة بمواجهة الإرهاب، بكافة صوره وأشكاله، وينظم القانون أحكام وإجراءات مكافحته، قال الدكتور صلاح فوزى، إن كل ما أثير عن مخالفة الدولة للدستور وإصدارها القانون فى غياب البرلمان، لا أساس له من الصحة، فالأصل أن المادة الدستورية تنظم دور الدولة فى مواجهة الإرهاب بكافة صوره، لكنها لم تلزم البرلمان بإصدار قانون الإرهاب، وبالتالى فإن كل ما يثار عن وجود عوار دستورى يشوب إصدار الرئيس للقانون لا أساس له من الصحة.
وأشار إلى أن الدستور فيه الكثير من المواد الواردة ضمن فصلى المقومات الاقتصادية والاجتماعية تحتاج إلى إعداد تشريعات متوازنة أو إجراء تعديلات تشريعية على القوانين الحالية، وعلى رأسها التشريعات المتعلقة بالمنظومة الصحية والتعليمية فى مصر، لافتاً إلى أنه بموجب الدستور فإن لكل مواطن الحق فى الصحة والرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التى تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافى العادل. كما ألزم الدستور الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للصحة لا تقل عن 3% من الناتج القومى الإجمالى، تتصاعد تدريجياً حتى تتفق مع المعدلات العالمية. وإقامة نظام تأمين صحى شامل لجميع المصريين يغطى كل الأمراض، وينظم القانون إسهام المواطنين فى اشتراكاته أو إعفاءهم منها طبقاً لمعدلات دخولهم. ويجرم الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان فى حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة.
وأشار علاء عبدالمنعم، عضو البرلمان السابق، إلى أن هناك إشكالية خطيرة أمام البرلمان المقبل، وهى مراجعة كافة القوانين التى صدرت فى غيابه، مستنداً فى ذلك إلى نص المادة «١٥٦» من الدستور، وتنص على أنه إذا حدث فى غير دور انعقاد مجلس النواب ما يوجب الإسراع فى اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، يدعو رئيس الجمهورية المجلس لانعقاد طارئ لعرض الأمر عليه، وإذا كان مجلس النواب غير قائم، يجوز لرئيس الجمهورية إصدار قرارات بقوانين، على أن يتم عرضها ومناقشتها والموافقة عليها خلال 15 يوماً من انعقاد المجلس الجديد، فإذا لم تعرض وتناقش أو إذا عرضت ولم يقرها المجلس، زال بأثر رجعى ما كان لها من قوة القانون، دون حاجة إلى إصدار قرار بذلك، إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها فى الفترة السابقة، أو تسوية ما ترتب عليها من آثار.
وتابع «عبدالمنعم»: «لا أحد ينكر أننا واجهنا طيلة غياب البرلمان سيولة فى إصدار القوانين، ووفقاً للدستور فإن القوانين التى صدرت دون حاجة إليها هى قوانين غير دستوريه وعلى رأسها قانون الخدمة المدنية، وبالتالى فإن البرلمان عليه دور كبير فى مراجعة تلك القوانين المهمة التى صدرت فى غياب البرلمان خلال ١٥ يوماً وإلا سقطت بقوة القانون.


مواضيع متعلقة