د. سامي فوزي يكتب: أعظم رسالة رجاء للعالم

كتب: الوطن

د. سامي فوزي يكتب: أعظم رسالة رجاء للعالم

د. سامي فوزي يكتب: أعظم رسالة رجاء للعالم

أتقدم بخالص التهاني إلى شعب مصر الحبيب بمناسبة عيد الميلاد المجيد في هذا الموسم المبارك، نتأمل في رسالة السيد المسيح، نور العالم، الذي يبدد الظلام ويمنح الأمل والرجاء وسط التحديات.

إن الميلاد ليس مجرد ذكرى تاريخية، بل هو تأكيد أن النور أقوى من الظلام، وأن السلام والرجاء يتجددان حتى في أصعب الأوقات. نسأل الله أن يملأ قلوبنا بنوره وسلامه ليضىء طريقنا جميعاً.

نستقبل العام الجديد 2025 برجاء متجدد أن يكون عاماً مليئاً بالخير والبركة لوطننا الغالي، وأن نتحد جميعاً في بناء مستقبل مشرق تسوده المحبة والسلام.

حقيقة الميلاد ونحن نحتفل به هذا العام، هي التي أعلنها السيد المسيح عن ذاته: «أنا هو نور العالم. من يتبعنى فلا يمشي في الظلمة، بل يكون له نور الحياة» (يوحنا 8: 12).

كان شعب الله في القديم يعاني ظلمة شديدة، مجتمع ملىء بالاضطرابات، وسط هذه الظلمة الحالكة السواد يعلن الله وعداً عظيماً: «نور سيأتي ليبدد الظلام، مَلك سيحكم بالسلام والعدل».

في العهد القديم، كانت هناك إشارات إلى النور الإلهي مثل ظهور الله لموسى في العليقة المشتعلة، والنور كان يقود شعب الله في البرية من خلال عمود النار بالليل وسحابة مضيئة في النهار، في بيت لحم، منذ أكثر من ألفي عام، بدأ نور صغير يضىء. هذا النور، هو مولد السيد المسيح، الذى غيّر العالم ولا يزال يغيره حتى اليوم.

في الميلاد، لم يرسل الله نوراً عابراً فقط؛ أرسل ابنه الوحيد ليكون نوراً دائماً، ليكشف حقه وحبه للعالم. فيكون ميلاد المسيح هو أعظم رسالة رجاء للعالم، وإعلان أن النور الإلهى قد أتى ليبدد ظلام الخطية واليأس. فالمسيح هو النور الذى لا ينطفئ، النور الذى يرشدنا ويقودنا إلى الحياة الأبدية.

وكتب لويس في كتابه «أدهشني الفرح» عن اختباره في معرفة الله: «لوقت طويل، كنت أعتقد أن العالم مظلم، وأن الحياة لا معنى لها. كنت مثل رجل في غرفة مظلمة، لا أستطيع رؤية شىء ولا أستطيع العثور على طريق للخروج».

وفي إحدى الليالي، وبينما كان يتحدث مع صديقه المقرب، تحدّثا عن المسيح وعن مفهوم الحق في الإنجيل. كانت الشعلة التي أضاءت قلب لويس، وأدرك أن المسيح هو النور الذي كان يبحث عنه، وتُعد قصته ليست فقط عن رجل تغيرت حياته، لكنها تعكس حقيقة الميلاد ونحن نحتفل به هذا العام، ما أعلنه السيد المسيح عن ذاته: «أنا هو نور العالم. من يتبعني فلا يمشي في الظلمة، بل يكون له نور الحياة» (يوحنا 8: 12).

غيَّر النور حياة لويس وأخرجه من ظلمة الإلحاد والفراغ، وهذا ما يفعله الله معنا، جاء المسيح إلى عالمنا في الميلاد ليبدد الظلام الروحي فتكون رسالة العيد هذا العام أن يسوع هو نور العالم في عالم ملىء بالظلمة التى تحيط بالبشر جميعاً، فنور العالم، هو السيد المسيح. إذ يعد هذا الوقت الذي نفتحه فيه قلوبنا لنعلن مجده ونرى كيف يغير هذا النور حياتنا.

الظلمة المحيطة بالإنسان لا يمكن أن تنتصر لأن المسيح موجود فهو النور الذى يبدد الخوف، يشفي القلوب، ويملأ حياتنا بالسلام. وعد المسيح لنا واضح: «أنا معكم»، حتى في أصعب الأوقات، لأنه رئيس السلام.

فرسالة الميلاد رسالة نور تجعلنا نتأمل في حياة ومعاناة السيدة العذراء التى لم تجد مكاناً لتضع فيه وليدها سوى حظيرة البقر «مزود»، وكيف أدى رسالته، وإلى أى مدى وصل؟ حتى نتذكر صاحب العيد، وهو السيد المسيح، إذ جاء المسيح نور العالم كاشفاً عن كل ظلمة وفي السنة الجديدة نطلب فيها أن ينير الله حياتنا، إذ كان عام 2024 مليئاً بالأحداث المؤلمة ورأينا أحباءنا في غزة الذين يعانون حتى اليوم وفي لبنان والسودان وسوريا، وأملنا ورجاؤنا أن تنتهي كل هذه الصراعات فليس هناك معنى لإراقة الدماء، والصراع الذي يحدث في كل المناطق نتمنى أن ينتهي ويعيش الجميع في سلام وأمان، فرسالة العيد رسالة سلام للجميع ومنهم المهمشون والفقراء.

نرفع قلوبنا بالصلاة لفخامة رئيس الجمهورية والقيادات الوطنية أن يمنحهم الله الحكمة والقوة لتحقيق العدالة والسلام، كما نشكر فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر وقيادات المؤسسات الدينية على جهودهم في نشر التسامح وتعزيز الوحدة الوطنية.

نصلي أيضاً من أجل قداسة البابا تواضروس الثاني وغبطة البطريرك إبراهيم إسحق والدكتور القس أندريا زكي وغبطة البطريرك ثيودروس الثاني، شاكرين الله على روابط المحبة التي تجمعنا. نسأل الله أن يجعل هذا العيد مصدر فرح وبركة لكل الكنائس.

كل عام وأنتم بخير، ومصر دائماً في أمان وسلام.

*رئيس أساقفة إقليم الإسكندرية للكنيسة الأسقفية الأنجليكانية


مواضيع متعلقة