في ذكرى وفاة طه حسين.. سوزان بريسو نقطة التحول في حياة عميد الأدب العربي

في ذكرى وفاة طه حسين.. سوزان بريسو نقطة التحول في حياة عميد الأدب العربي
«من دونك أشعر فعلًا بأني ضرير، لأني معك قادر على استشعار كل شيء وعلى الاختلاط بالأشياء التي تحيط بي»، بهذه الكلمات أعرب طه حسين عن حبه وانتمائه لزوجته التي لازمته على مدار 60 عامًا، ولم تفارقه يومًا حتى فارق الحياة بأكملها، إنه عميد الأدب العربي، الذي كان يمتلك عقدة من الكثير من الأشياء بسبب فقد بصره، منها تناول الطعام أمام الجميع، لتساعده زوجته في استعادة هذه الثقة مرة أخرى.
حكاية طه حسين وزوجته سوزان بريسو
يتزامن اليوم الذكرى الـ51 على رحيل الأديب المفكر طه حسين، حسب ما جاء في كتاب «معك» لزوجته الفرنسية سوزان بريسو، حيث ولد في 28 أكتوبر، وعاشت معه حياته حتى وفاته، وقال طه حسين عنها إنّها في أول الأمر كانت تتعاطف معه كونه شاب كفيف وبعد فترة أخذ في قلبها محل كبير حتى أعلنت لأسرتها أنّها ترغب في الزواج من الشاب المصري الكفيف القادم من ثقافة وبيئة مختلفتين، وعلمته في خِضم ذلك الكثير ووقفت معه إلى أن فارق الحياة.
عقدة طه حسين من تناول الطعام
كان الكاتب طه حسين منذ الصغر الصبي الصغير الذي لا يرى من العالم سوى عتمته، وزرع فيه كرهًا نحو كل ما يجعله يشعر بأنه ينقصه شيء ما، فبحسب ما عبر في مذكراته «الأيام»، أنّه أحس أنّ لغيره عليه فضلًا، وأنّ إخوته وأخواته يستطيعون فعل ما لا يستطيع، وأنّ أمه تأذن لأخوته بفعل أشياء تحظرها عليه، وكان ذلك يحفزه ويجعله يحزن حزنا عميقا، ذلك أنه سمع إخوته يصفون ما لا علم له به، فعلم أنّهم يرون ما لا يرى».
وإضافة إلى ذلك حكى أنّه عندما كان يأكل ذات مرة مع أخواته بيديه ضحكوا عليه، فقرر أن يأكل وحيدًا منذ ذلك الحين، ووصف حينها أنّه شعر في أعماق نفسه بالحزن الشديد: «حرم على نفسه ألوان اللعب والعبث وكل شيء، وكل ما يكلفه عناء ويعرضه للضحك أو الإشفاق»، فإن كان فقد عينيه بسبب الجهل، وانقلبت عليه مواجع مرضه بسبب الجهل، فكيف يتعامل معه الآخرون، حتى أتت زوجته وحولت كل مخاوفه إلى عزيمة وإصرار.
حل عقدة الأكل أمام الناس
حرم نفسه من الأكل بالملعقة حتى لا يكون مثار شفقة الآخرين أو تندرهم، فكان ظنه أنّهم سيسخرون من الضرير الذي تتعثر يده في طريقها لدسِّ التفاحة داخل فمه، بحسب ما وصفت «سوزان»: «كان دومًا يعزف عن ذلك، لأنه كان لا يريد أن يسمح لأحد بالتندر عليه» حتى ساعدته في تخطي هذا الأمر معبرة: «كان كلٌّ منا يُكمل الآخر، لم أشعر بأي اختلاف بيننا في طريقة التفكير، وهناك أشياء صغيرة كانت تقابلنا في الطريق كنا نهذبها كما يفعل البستاني مع أشجار الحديقة»، وظلَّت تتصرَّف كما لو أنّه لم يرحل عنها، وحافظت على كل طقوس حياتيهما، واستمرت في العناية بكتبه وحاجياته حتى لفظت أنفاسها الأخيرة.