كلمة الرئيس و«أكتوبر ليس خطبًا إنشائية»!

أحمد رفعت

أحمد رفعت

كاتب صحفي

لخصنا بمقال الأمس كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى ذكرى حرب أكتوبر المجيدة والتى كانت «رسائل الانتصار والمجد» و«دروس النصر» و«إحياء ذكرى الأبطال والشهداء» وأن «أكتوبر ليس خطب وعبارات إنشائية» و«القدرة على التخطيط مع التنفيذ المحكم» و«حدود مصر لا يستطيع تهديدها أحد ولن يستطيع تهديدها أحد»، وقلنا إن هذه النقاط متصلة ببعضها وذات علاقة عضوية متشابكة، وناقشنا أمس أيضاً «دروس النصر» وقلنا إنها ترتبط ارتباطاً كبيراً وموضوعياً بالتخطيط الجيد للمهام الكبرى عامة والمعارك الحربية خاصة، ومرتبطة أيضاً بالتنفيذ الجيد للتخطيط الذى يتم ليتحول إلى واقع على الأرض.

اليوم نناقش كيف أن أكتوبر والاحتفال به يجب ألا يكون «خطب وشعارات إنشائية».. فعندما نستخدم تعبير «روح أكتوبر» فإننا نتحدث عن القدرة على تحقيق المستحيل وإنجاز المهام الصعبة الكبرى التى يظن الكثيرون أن من المستحيل تحقيقها وأنها ربما احتاجت إلى معجزات إلهية أو عسكرية لتتحقق.. ولكن عندما يتحول ذلك اليوم إلى فعل على الأرض وواقع نتلمسه نكون حققنا فعلياً «روح أكتوبر» دون تحويلها إلى خطب أو أغانٍ أو على الأقل دون الاكتفاء بتحويلها إلى ذلك وحده فعودة سيناء مثلاً كانت ستبقى على الورق وبلا فائدة فعلية لو لم تتم التنمية الكبيرة الحادثة الآن.. التى لا تترك مجالاً إلا وأطلقت فيه طاقاتها كلها سواء الطرق والكهرباء والمياه والصرف الصحى والإسكان والصحة والبنية التحتية والصناعة والتعليم ودور العبادة والزراعة والمياه والسياحة وتحلية المياه والصيد والمنازل البدوية والجامعات الخاصة والأهلية وغيرها وغيرها، وقد تناولناه سابقاً وسنتناوله لاحقاً حتى يتيقن الجميع مما جرى على أرضنا المقدسة بسيناء الحبيبة التى تعود الآن عملياً وفعلياً بعد انتظار دام أربعة عقود!

وتحتاج التنمية فى سيناء إلى استمرار الحديث عنها، ليس للتغنى بما يجرى وإنما لفهمه واستيعابه حيث يحقق ليس فقط أحد أحلام وأمنيات المصريين وإنما أيضاً يحقق خطط تأمين الحدود المصرية على محاورها الخطرة وتحقيق الأمن القومى المصرى بالصورة المثالية التى نريدها.

يجب أن يدرك المصريون بل والعرب جميعاً أن الأمن القومى المصرى يبدأ من أبعد من سيناء، كما يقول خبراء الاستراتيجيات، لكن حدودنا هناك ظلت مطمعاً لكل أعداء مصر ممن تعاملوا مع سيناء طوال آلاف السنين، إنها «يد مصر الموجوعة» التى يتم الضغط عليها عند أى أزمة.. والحل فى حمايتها ليس فقط بالقوة المسلحة وإنما بتأمينها إلى الأبد بزرعها بالبشر، وهو ما يجرى الآن من خلال تجهيز الأرض لسكن وإقامة عدة ملايين من أبناء مصر بما يستحيل معه تهديدها وبما يجعل أى أحمق يفكر فى العدوان على سيناء أن يفكر آلاف المرات من العدوان على أرض يقيم بها الملايين، بخلاف الماضى التى كانت سيناء فيها أرضاً واسعة ممتدة المساحة إلى واحد وستين ألف كيلومتر مع عدد قليل من السكان لم يصلوا حتى اليوم إلى المليون فى المحافظتين، اليوم تتأهل سيناء لاستيعاب الملايين ممن سيحتاجون مياهاً للشرب وكهرباء للإنارة وطرقاً للسير عليها وبيوتاً يسكنونها ومرافق يستفيدون منها ودور عبادة يؤدون فيها شعائرهم، وكل ذلك وغيره يتم وعلى أفضل وأكبر وأسرع ما يكون!

أكتوبر «ليس خطبًا وشعارات إنشائية» فعلاً.