الحاجة لصحوة في منظومة الرياضة

أميرة خواسك

أميرة خواسك

كاتب صحفي

انتهت دورة الألعاب الأولمبية فى باريس لعام ٢٠٢٤ بما لها وما عليها، شاركت فيها مصر ببعثة مكونة من ١٤٨ لاعباً ولاعبة أساسيين و١٦ احتياطيين، وقد شاركت البعثة المصرية فى ٢٢ رياضة، كان من المتوقع أن تعود البعثة المصرية بعدد من الميداليات يتراوح بين ست إلى عشر ميداليات، ولكنها عادت بثلاث ميداليات فقط.

هذه النتيجة المحدودة جداً والمتواضعة والمخيبة للآمال هى نتاج وانعكاس لحال الرياضة فى مصر، الذى لا يخفى على أحد، وأعتقد أنه قد آن الأوان لمواجهة ما يحدث داخل الاتحادات والأندية الرياضية من عشوائية وانتقائية وفى بعضها فساد.

لقد حمل المصريون آمالاً كبيرة مع هذه البعثة، خاصة فى البدايات حين حقق فريق كرة القدم نتائج إيجابية فى المباريات التى أهلته للدور قبل النهائى، ثم كانت النتيجة المخزية فى مباراته مع المغرب والتى لم يسبق لها مثيل، والتى أرجعها البعض لإرهاق اللاعبين وعدد الإصابات.

ثم ما حدث فى فريق كرة اليد، وقد كان من المفترض أن تتحقق معه نتائج ملموسة، خاصة أن المنتخب المصرى لكرة اليد قد سجل من قبل مستويات عالمية تشير إلى تقدم هذه الرياضة فى مصر.

أما اللعبات الفردية، فالحقيقة أن بها من الحكايات والمهازل ما يجب أن يتم التحقيق فيه على أعلى مستوى، خاصة بعد أن ظهر الكثير من السلبيات التى أوصلتنا إلى هذه النتيجة المخزية، منها عدم وجود مدربين برفقة اللاعبين، وعدم توفير المعسكرات اللازمة للتدريب، وعدم حصول اللاعبين على الدعم اللازم، وعدم حصول الكثيرين منهم على مستحقاتهم المالية.

لقد شاهدت فيديو لأحد المتسابقين المصريين بعد أن خسر وخرج من المنافسة، وهو يرد على منتقديه قائلاً: لماذا أهاجم وأنا حتى لم يتوفر لى مدرب واعتمدت على نفسى فى التدريب، ولم تتوفر لى أية ميزانية وكان دخلى المحدود هو ما أستخدمه لمواصلة بقائى؟

هذه مشكلة أخرى كبيرة، خاصة أن غالبية المشاركين فى هذه الألعاب الفردية هم من الطبقة المتوسطة، وربما يعتمد بعضهم على دخله من مكافآت الرياضة، وبدلاً من أن يتوفر لهم مقابل مُرضٍ يضطرون هم للصرف على أنشطتهم فتصبح النتيجة كما شاهدنا جميعاً لا تليق بمصر وبتاريخها الأولمبى.

إذاً هناك خلل كبير مسكوت عنه فى كثير من الألعاب يراه كل من يمارس نشاطاً رياضياً عن قرب، ويتعثر لأسباب كثيرة لا تهيئ له أية وسائل أو أجواء تمكنه من التفرغ للهدف الرئيسى، وهو تحقيق نتائج ناجحة، ناهيك عن آلية الانتقاء التى شابها الكثير من الشوائب، بداية من اللاعبة الحامل، والأخرى التى زاد وزنها، والثالث الذى تم القبض عليه متحرشاً وفى حالة سكر، بينما هناك المئات بل الآلاف من الشباب المصرى الجاد والواعد، الذين يتعرضون للظلم من أجل استبعادهم لأسباب عادلة أو حتى بدون أسباب وتفضيل من لا يستحقون.

لا بد من إجراء تحقيق جاد وعادل وعاجل، ليس فقط حول كل ما جرى فى دورة الألعاب الأولمبية فى باريس، ولكن فى المنظومة الرياضية كلها، وما يتعرض له الكثير من الرياضيين من ضغوط كبيرة وافتقاد العدالة وسوء الإدارة وسوء الاختيار والتنكيل بهم فى كثير من الأحيان، ولا بد أيضاً من صحوة لمنظومة الرياضة كلها، ولا بد من وقفة قوية تعيد للرياضة المصرية مكانتها، وتعيد لهؤلاء الشباب ثقتهم فى وطنهم وفى أنفسهم.