سر الفزع الإسرائيلي من الأنفاق

عماد فؤاد

عماد فؤاد

كاتب صحفي

بين وقت وآخر تُفجر إسرائيل -عبر الإعلام العبرى- وجود أنفاق بين مصر وغزة، وتزعم تهريب الأسلحة من خلالها إلى حركة حماس.

عادت قضية أنفاق غزة إلى الضوء مجدداً، مع بداية العدوان الإسرائيلى الهمجى على القطاع، وخرجت وسائل إعلام محسوبة على التيار الدينى المتشدد فى إسرائيل، من بينها موقع «بحدرى حرديم» الذى زعم من خلال تقرير نشره يوم 13 من نوفمبر الماضى (2023) أن معظم الأسلحة لدى «حماس»، ومن بينها أسلحة متطورة وأخرى مضادة للدبابات، تم تهريبها من مصر عبر الأنفاق.

وصار الحديث عن «غزة الأخرى» القابعة تحت الأرض، فى صورة شبكة الأنفاق التى تغطى مختلف مناطق القطاع، والتى أطلق عليها الإعلام الغربى اسم «مترو غزة».

إسرائيل لا تمل من «الشوشرة» حول موضوع الأنفاق، ومصر لا تمل أيضاً من الرد -وبمنتهى ضبط النفس- والتأكيد أن إسرائيل لم تقدم دليلاً واحداً على وجود أنفاق (عاملة) على الحدود مع غزة، وأنها تستغل الأنفاق (المغلقة) فى إطار المغالطات المتعمدة لتحقيق أهداف سياسية، ولإيجاد مبرر لاستمرار عدوانها الهمجى، وممارسة مزيد من القتل والإبادة للفلسطينيين.

وقالت مصر أيضاً فى يناير الماضى، من خلال ضياء رشوان -رئيس الهيئة العامة للاستعلامات آنذاك- إنه فى إطار جهود مكافحة الإرهاب فى سيناء، تمت تقوية الجدار الحدودى مع قطاع غزة الممتد لـ(14) كيلومتراً، عبر تعزيزه بجدار خرسانى طوله (6) أمتار فوق الأرض، و(6) أمتار تحت الأرض، فأصبح هناك 3 حواجز بين سيناء ورفح الفلسطينية، يستحيل معها أى عملية تهريب، لا فوق الأرض ولا تحت الأرض.

المخاوف الإسرائيلية من الأنفاق قائمة فى كل الأحوال -سواء كانت مغلقة أو قيد التشغيل- وسبق أن نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلى عن مسئول أمنى (لم تسمِّه) أن «تل أبيب» تخطط لبناء جدار تحت الأرض مضاد للأنفاق على محور صلاح الدين (فيلادلفيا) بين قطاع غزة ومصر، ووفقاً لهيئة البث الإسرائيلية، قال «يوآف جالانت»، وزير دفاع العدو الصهيونى، خلال جلسة سرية لمجلس الحرب: «إن إسرائيل تبحث إنشاء حاجز متطور معزَّز بوسائل تكنولوجية للحد من تهريب الأسلحة من سيناء إلى قطاع غزة».

ويتكرر السيناريو بين المزاعم الإسرائيلية والردود المصرية، وسيتكرر طالما ظلت مخاوف «تل أبيب» قائمة، وبعيداً عن الأسباب المعلنة، كشف موقع «nziv» الإخبارى الإسرائيلى، عن السبب الحقيقى لمخاوف قادة الكيان الصهيونى من الأنفاق.فى شهر مايو الماضى، نشر الموقع العبرى تقريراً إخبارياً، تصدَّره السؤال: «هل ساعدت مصر فى إنشاء أنفاق غزة لتكون مؤهَّلة للمساعدة فى الهجوم علينا؟».

تحت هذا السؤال (الخبيث) زعم موقع «nziv» وجود علاقة بين أنفاق غزة والجيش المصرى، كما زعم أنه فى بداية الحرب (العدوان) على غزة، تم اكتشاف فتحة ضخمة لنفق فى شمال القطاع يسمح للمركبات بالمرور من خلاله، وأشار الموقع إلى أن البُعد الآخر الذى لم يؤخذ بعين الاعتبار هو الجانب العسكرى لهذه الأنفاق المنتشرة على طول الحدود المصرية مع غزة، حيث يمكن استخدام الأنفاق كـ«اختصار مهم» للجيش المصرى للوصول إلى قلب إسرائيل.

واختتم الموقع العبرى تقريره كما بدأ بسؤال آخر: «ماذا سيحدث لو خرجت غداً فرقة من الجيش المصرى من نفق فى شمال غزة فى منتصف الليل، وتوجهت نحو تل أبيب وقواعدنا الجوية هناك؟».. وأضاف: «وقتها سيكون ما حدث فى 7 أكتوبر مجرد عبث أطفال».

الثابت أن كل ما تواجهه إسرائيل من مخاطر (سواء كانت مزعومة أو حقيقية) هى بالنسبة لها تدخل فى إطار تناقضاتها الثانوية مع الآخرين -كل الآخرين- ويظل تناقضها الرئيسى مع مصر هو الحقيقة المؤكدة التى تؤرقها على مدار الساعة.. ونقطة ومن أول السطر.