د. محمد العقبي يكتب: كيانات ثورة 30 يونيو
![د. محمد العقبي](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/18170470581580891169.jpg)
د. محمد العقبي
إن الثورات نشاط اجتماعي سياسي، ينفردُ به الإنسانُ ولا يمكنه أن يكتملَ إلا إذا توافق مع العقل الجمعي، حيث ارتبطت الثورات بتغيير الأوضاع القائمة وبناء وتشكيل واقع جديد اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً، وتختلف سرعة هذا التغيير حسب الهدف منه والأدوات المتاحة لتحقيقه، وفي كل الظروف والتجارب التاريخية تأتي كل ثورة بأدواتها التي تمكنها من صناعة التغيير المنشود، وفي ذلك اختارت ثورة 30 يونيو أن تبني كيانات ومؤسسات جديدة تمكنها من تحقيق أهدافها، وتسهم فى إحداث تغييرات إيجابية فى كل من المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، حتى يتم التغيير بشكل ناعم متّسق لا يُؤثر على استقرار الأوضاع السائدة بقدر ما يخلق من داخلها واقعاً أفضل يحقّق أهداف الثورة ومصلحة الوطن، وكانت هذه الكيانات تعبّر عن عناوين رئيسية فى كتاب الثورة.
فثورة 30 يونيو التى قامت ضد الإخوان المسلمين الذين حاولوا أخونة الدولة وتهميش كل القوى السياسية وفرض أشخاص لديهم خلفيات إرهابية، ولطّخت أيديهم بدماء المصريين، كان لا بد من خلق كيان سياسى تشاركى يجمع كل الأحزاب المصرية، ويكون حاضنة سياسية جامعة لكل شباب الأحزاب المصرية، ويصبح هو الأداة الفاعلة فى إنهاء الإقصاء أو محاولات السيطرة على العمل السياسى من فصيل دون آخر.
فكانت تنسيقية شباب الأحزاب الحاضنة الجامعة لشباب السياسيين.
ولكن هل كل شباب مصر هم شباب الأحزاب؟ بالطبع لا.. فكان لا بد من إنشاء كيان لم يسبق أن عرفته الدولة المصرية من قبل، وهو الأكاديمية الوطنية للتدريب، ومن قبلها منتدى شباب العالم، بهذا المنطق خلقت ثورة يونيو كيانات تعيدُ بناء المجتمع المصرى سياسياً من خلال سد الثغرات وخلق البيئة الصحيحة لإحداث تغيير وفق رؤية طموحة، وانتقلت هذه الرؤية إلى بناء كيان أكبر وأقوى لتطوير المجتمع المدنى ويكون مظلة جامعة لكل الجمعيات الفاعلة، لذا فتم إنشاء «التحالف الوطنى للعمل الأهلى». ولم يكن بناء التحالف الوطنى للعمل الأهلى فى الفضاء، وإنما كان على أرضية صلبة تكونت مع إطلاق المبادرة الرئاسية «حياة كريمة»، التى شهدت فى مرحلتها الأولى دوراً فاعلاً للمجتمع المدنى، ثم عظمت مؤسسات الدولة من مخرجات هذه المبادرة، لتصبح مشروعاً قومياً سيُكلف الدولة أكثر من 2 تريليون جنيه، وليستفيد منه أكثر من 50 مليون مواطن مصرى بشكل مباشر.
وبدأت ثورة يونيو وكياناتها التى أعتبرها كيانات الضرورة، لأنها نشأت تحت وطأة احتياج المجتمع المصرى بمفهومه الواسع، لسد ثغرات كثيرة، لذلك نجحت مبادرة «ابدأ» لتطوير الصناعة، وستنجح مبادرة «ازرع» وما سيظهر من كيانات جديدة من رحم ثورة 30 يونيو، ليسد احتياجاً أو يملأ فراغاً أو يُلبى مطلباً أساسياً لتطوير الدولة المصرية.