بروتوكول هانيبال.. شفرة إسرائيل لقتل أسراها (1)

عماد فؤاد

عماد فؤاد

كاتب صحفي

فى السابع من أكتوبر الماضى (2023) احتجز مقاتلو حركة حماس (15) رهينة فى أحد منازل مستوطنة «بئيرى»، خلال «عملية طوفان الأقصى».

فى ذلك اليوم دارت معركة شرسة بين قوات الجيش الإسرائيلى والمسلحين الفلسطينيين، ثم جرت المفاوضات بين الجانبين، لكنها انتهت بمقتل جميع من كان فى المنزل، وتم توجيه الاتهامات إلى مقاتلى حماس بقتل الرهائن باستثناء امرأتين.

وبعد مرور أسبوع واحد على الهجوم، أدلت إحداهن، وتُدعى «ياسمين بورات» بشهادة مختلفة لصحيفة «هآرتس»، وقالت إنها بعد ساعات من تبادل إطلاق النار، خرجت رفقة أحد مقاتلى حماس.

وأخبرت قوات وحدة «اليمام» التابعة للجيش الإسرائيلى أن بالمنزل 14 رهينة آخرين، غير أن الجنرال «براك حيرام»، قائد الوحدة، أمر الدبابات بإطلاق قذائفها على المنزل، الذى احترق بمَن فيه، ولم ينجُ أحد من الرهائن، وكان من بينهم طفلان.

وتكرر الأمر نفسه فى الأماكن التى اشتبك فيها جيش الاحتلال مع مقاتلى حماس، حيث قصفت الدبابات والطائرات المنازل والتجمعات البشرية، ومن بينها الحفل الموسيقى الذى أُقيم قرب غزة ليلة هجوم «طوفان الأقصى»، ولم يمنع الجيش الإسرائيلى وجود المستوطنين بمَن فيهم النساء والأطفال.

شهادة المستوطنة الإسرائيلية «بورات» سلطت الأضواء على قيام الجيش الإسرائيلى بتطبيق «بروتوكول هانيبال» فى كل معاركه.

و«بروتوكول هانيبال» أو «توجيه هانيبال» أو «آلية هانيبال»، كلها مسميات لبروتوكول عسكرى يسمح للجيش الإسرائيلى بتنفيذ هجمات لمنع أسر جنوده واستخدامهم ورقة للمساومة، حتى وإن اضطر لقتلهم، وهو ما يصفه البعض بـ«الملاذ الأخير» لجيش الاحتلال.

ومنذ أيام كشف تقرير لجنة الأمم المتحدة التى تحقق فى هجوم حركة حماس على إسرائيل وحرب غزة، عن وجود «مؤشرات قوية» على استخدام الجيش الإسرائيلى «بروتوكول هانيبال» عدة مرات خلال الهجمات فى غزة، لمنع مقاتلى «حماس» من اختطاف الإسرائيليين.

ووثقت اللجنة تصريحا لأحد أفراد طاقم دبابة إسرائيلية أكد أنه طبَّق «بروتوكول هانيبال» بإطلاق النار على مركبة اشتبهوا أنها تنقل جنوداً مختطفين.

أشار تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية إلى سعى إسرائيل منذ سنوات لوضع حد لعمليات أسر جنودها وإجبارها على تقديم تنازلات كبيرة وغير متوازنة.

ولفتت الصحيفة إلى ما حدث (عام 2011)، عندما اضطرت إسرائيل إلى الإفراج عن أكثر من (1000) أسير فلسطينى مقابل الجندى الإسرائيلى «جلعاد شاليط»، الذى أسرته حركة حماس (عام 2006).

وبرر «بنيامين نتانياهو»، رئيس الحكومة الإسرائيلية وقتها، إبرام هذه الصفقة «غير المتوازنة» بالقول إن الشعب الإسرائيلى «فريد من نوعه»!

وعقب حادث اختطاف «شاليط»، أدخل رئيس الأركان الإسرائيلى السابق «بينى جانتس» تعديلاً على «بروتوكول هانيبال»، بحيث يسمح للقادة الميدانيين بالتصرف مباشرة دون انتظار توجيه أو إذن من قادتهم بتفعيل البروتوكول.

وأرسى «جانتس» بهذا التعديل قاعدة جديدة فى جيش الاحتلال تم تعريفها باسم «مبدأ التأثير المزدوج»، ووفقاً لهذه القاعدة فإن الأثر السيئ، وهو مقتل الجندى الأسير بالخطأ نتيجة تفعيل «هانيبال» أمر «مقبول أخلاقياً» كأثر جانبى لمحاولة الإقدام على «عمل صائب»، وهو إيقاف الخاطفين، وللحديث بقية.