كانت النكسة زلزالاً حطم آمال وطموحات الأمة العربية. تجمعت أسبابها لكى تقطع طريق التنمية والتقدم واستكمال مسيرة التحرر والاستقلال. تكاتفت قوى الشر لكى تضرب مصر ضربة قاصمة وتركعها فى مواجهة الاستعمار والصهيونية. لم يكن هناك أى توقعات بحدوث النكسة وحتى إسرائيل نفسها لم تحلم بما تحقق لها من نصر على القوى العربية وتوسعها باحتلال أراض عربية أخرى واحتلال القدس وهو الحلم اليهودى والصهيونى، الذى عاش بداخلهم آلاف السنين. قادة إسرائيل لم تسع فرحتهم الكون وصرخوا فرحين بأن اليوم أخذوا القدس وغداً سيزحفون إلى بابل - تذكيراً بالسبى البابلى-.تمر ذكرى النكسة بطعم المرارة كل عام وصار يوم 5 يونيو عنوان الحزن والكآبة لدى كل عربى مخلص لوطنه. كانت النكسة طعنة غائرة فى جسد كل من عاش حلم الثورة والغد المشرق. مواطنون عرب كثر أصابهم المرض بعد النكسة وماتوا قهراً من الشعور بالهزيمة. لم تكن القوى الكبرى فحسب التى وقفت فى وجه الثورة المصرية وتوجهاتها الوحدوية ونضالها من أجل إعلاء القومية العربية.عاشت الأمة العربية ست سنوات صعبة بعد النكسة. نشط الجيش المصرى بعد أيام من وقوع النكسة وخاض حرباً استنزافية ضد العدو وكبده خسائر فادحة. رغم خسارة طائراتنا وأسلحتنا ومن قبلها جزء كبير من الجيش الذى انسحب من سيناء بدون تنفيذ قواعد الانسحاب المرعية، إلا أن الجندى المصرى كان السلاح الحقيقى لجيشنا وهو الذى عبر القناة فى أكتوبر 1973 بأبسط المعدات والأسلحة وحطم خط بارليف المنيع واقتحم الساتر الترابى وعائق مياه قناة السويس وأظهر للعالم أجمع أن المصريين يعيدون كتابة التاريخ بتحقيق أعظم انتصارات تلك الفترة. كانت النكسة درساً لا ينسى فى تاريخ مصر والأمة العربية، كما جاء أكتوبر نصراً لا ينسى فى تاريخنا العسكرى والقومى والسياسى. كان النصر بداية مرحلة جديدة لإعادة بناء الجيش المصرى بأحدث السبل وتزويده بأحدث أنواع السلاح. فى الاحتفال بنصر أكتوبر داخل قاعة مجلس الشعب قال الرئيس السادات: لقد أصبح للوطن درع وسيف. وقد تطور الدرع وتطور السيف ليصبحا أساطيل بحرية وجوية ومدرعات ومدافع وحاملات طائرات وصواريخ، وجنود هم خير أجناد الأرض.ذهبت النكسة ولن تعود، وسيبقى النصر للأبد عنواناً للعزيمة والإرادة المصرية التى فشلت القوى الاستعمارية فى هزيمتها.