«خناقة» في مجلس الحرب الإسرائيلي
كل المؤشرات تؤكد أن الداخل فى إسرائيل فى وضع حرج للغاية، الخلافات زادت، الصراع احتدم، مظاهرات عائلات الأسرى والرهائن تملأ كل الميادين فى تل أبيب وأمام الكنيست وأمام وزارة الدفاع وأمام منزل بنيامين نتنياهو بل أنها وصلت إلى القدس، المعارضة مُشتعلة وتُطالب بإجراء إنتخابات مُبكرة وتولى "لئيد لابيد" تشكيل الحكومة الجديدة، «بينى جانتس» - عضو مجلس الحرب - مازال غاضباً من سلوك «نتنياهو» الذى ينفرد بالقرار، أمريكا غاضبة من نتنياهو وتراه غير عابئاً بإعادة الأسرى، استقالات متوالية من قيادات كبرى فى الجيش الإسرائيلي، التهرب من أداء الخدمة العسكرية وصل للذروة، البيانات الرسمية تؤكد الآتى: كل بين فى إسرائيل أصبح به جندى إما تُوفي أو أصيب أو مُتهرِب من الخدمة العسكرية، إسرائيل تشهد أعلى نسبة نزوح منذ عام 1948، الاقتصاد الإسرائيلي ينزف والبطالة تزداد.
ووصلت لأرقام غير مسبوقة وزادت نسبة الشباب الذين تقدموا بطلبات للحكومة للحصول الى إعانة بطالة، آلاف المصانع توقفت خاصة فى «منطقة عسقلان» المعروف عنها أنها منطقة صناعية بها مصانع متخصصة فى إنتاج الأجهزة التكنولوجية الحديثة، السياحة وصلت لأدنى مستوياتها، تم عمل تهجير عائلات كثيرة كانت تُقيم فى شمال إسرائيل تحسباً لإشتعال الصراع مع حزب الله وهذا التهجير كَلف الحكومة الإسرائيلية مبالغ مالية طائلة إضافة إلى تسكينهم فى مخيمات مخصوصة لهم فى الجنوب تكلفت مبالغ مالية أكثر، كل هذا يحدث والصراع داخل مجلس الحرب الإسرائيلي أصبح مؤشراً على عدم قدرة نتنياهو على الاستمرار على كرسى رئاسة الوزراء.
إذن الداخل به اضطرابات، والاقتصاد يشهد كوارث، والسياسة وصلت لمرحلة ما قبل السقوط، والكل يُدرك إن نتنياهو يعيش فى آخر أيامه فى منصبه، وهذا يؤكد أن الوضع فى إسرائيل سيشهد تحولات دراماتيكية قادتنا إليها كل هذه المعطيات التى سردناها، لكن أخطر ما تواجهه إسرائيل تلك الصدامات المتوالية بين وزراء حكومة الحرب، ومؤخراً عرض «يوآف جالانت» - وزير الدفاع فى حكومة الحرب الإسرائيلية - أربعة خيارات لسيناريو ما بعد الحرب فى غزة أثناء إنعقاد جلسات المجلس منذ 48 ساعة وهو ما عرضه للهجوم العنيف من قبل عدد من وزراء مجلس الحرب، كانت «قناة12» الإسرائيلية - المعروفة بتأييدها لنتنياهو - قد كشفت عن حدوث خناقة داخل مجلس الحرب بعد عرض «جالانت» لـ4 سيناريوهات سيئة لقطاع غزة بعد الحرب أسماها «أربعة خيارات سيئة لمستقبل غزة»، وذكرت «قناة 12» أن «جالانت» رتب الخيارات الأربعة من الأسوأ إلى الأقل سوءاً وقال: «الخيار الأول»: هو أسوأ خيار على الإطلاق ويتلخص فى «بقاء سلطة "حركة حماس" في أعقاب الحرب».
«الخيار الثانى»: هو ثاني أسوأ خيار ويتلخص فى «اضطرار إسرائيل لفرض نظام حكم عسكري على القطاع غزة عقب الحرب»، حيث أن هذا الخيار سيُكلف إسرائيل الكثير من أرواح جنودها إلى جانب خسارة موارد وطاقات عسكرية كبيرة ستسحب من رصيد جاهزية الجيش على الحدود الشمالية وفي الضفة الغربية.
«الخيار الثالث»: أن يشهد «قطاع غزة» حالة من الفوضى تدفع المجتمع الدولي لبذل موارد طائلة فيه وتقوده نحو الانشغال المفرط بالقطاع.
«الخيار الرابع»: وهو الأقل سوءاً - على حد قول «جالانت» - هو حكم «قطاع غزة» بواسطة كيان آخر محلي غير «حركة حماس».
وبحسب ما كشفته «قناة 12» الإسرائيلية فإن ما عرضه «جالانت» سبب لغطاً كبيراً داخل مجلس الحرب، حيث هاجمه الوزيران «ياريف ليفين» والوزيرة «ميري ريغيف» بشدة، وأكدا أن هذا الخيار الرابع، أي الاستعانة بالسلطة الفلسطينية وتكليف عناصر محلية كخيار حتمي "مرفوض وغير مقبول" وأحتدم الحديث بينهما وبين "جالانت" ووصلت لدرجة العِراك والصدام وتبادل الإتهامات والصوت العالى وقالا له : بهذه الخيارات أنت في الواقع تُعيد السلطة الفلسطينية .. فما كان من "جالانت" أن رد قائلاً : كل من يقول ( لا ) للخيارات التى طرحتها لسيناريو ما بعد الحرب من دون أن يأتي ببديل آخر فإنه يختار أحد الخيارات الثلاثة الأخرى ، من يدفع الثمن اليوم بسبب غياب القرار السياسي في هذا الصدد هُم "جنود الجيش"
.. أليس بهذا كل المُشاحنات والإنشقاقات والإنقسامات يحق لنا القول بأن الوضع الداخلى فى إسرائيل شديد التعقيد ويُنذر بأمواج عاتية ستأتى للإطاحة بقادة هذه الحكومة والتى تعتبر الأسوأ على الإطلاق