ساعات الحسم في «اجتماع القاهرة»
«القاهرة» محط أنظار العالم، الكُل يكتم أنفاسه، وسائل الإعلام العالمية تكتب عن «القاهرة» التى أتى إليها مسئولون رفيعو المستوى من (أمريكا وإسرائيل وقطر) لوضع اللمسات الأخيرة لاتفاق وشيك بين إسرائيل وحركة حماس، فالجميع ينتظر ماذا سيحدث خلال الأيام القليلة القادمة، إنها ساعات الحسم، بعد أن استطاعت «القاهرة» تجميع الفُرقاء ووضع لبنة جديدة لاتفاق مُحتمل بُنى على مفاوضات باريس التى أقيمت منذ ما يقرب من أسابيع قليلة.
«القاهرة» بها الحلول لكل تعقيدات المشهد الحالى المتمثل فى المواجهات المتبادلة بين إسرائيل وحماس، وبها المبتدأ والخبر للقضية الفلسطينية، وبها المعطيات والنتائج لحل نهائى للقضية الفلسطينية، وبها العقل والتفكير والمنهج والمنطق القادر على مساندة القضية الفلسطينية، ولديها توجُهات لا يمكن أبداً تجاهلها، ولديها ثوابت لا يمكن أبداً إنكارها، ولديها ثقل لا يتوافر فى أى عاصمة أخرى.
فمنذ البداية عرضت «القاهرة» مبادرة عبارة عن ورقة لتشكيل إطار عام لحل عادل وشامل للأوضاع فى فلسطين ويشمل حلاً مبدئياً قابلاً للنقاش بين كافة الأطراف.. كالآتى (وقف إطلاق النار - تبادل الأسرى والرهائن المحتجزين - إدخال المساعدات - تشكيل حكومة تكنوقراط - إعادة الإعمار - والدخول فى مفاوضات لحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية).
دارت فى الأجواء بعض السُحُب، شد وجذب لدى حركة حماس والفصائل الفلسطينية، ونقاشات ومواءمات فى «تل أبيب»، جولات مكوكية لمسئولين مصريين جابوا معظم عواصم العالم الفاعلة للمشاركة فى إقناع الأطراف بالإطار العام للمبادرة، نالت «القاهرة» ثناءً وتقديراً من الكثيرين من أصحاب النيات السليمة الذين يريدون الخير للفلسطينيين، وفى نفس الوقت حصلت «القاهرة» على بعض الهجوم من الذين لديهم غُصة فى قلوبهم من الدور الفاعل المصرى فى المواجهات التى تفجرت بين إسرائيل وحماس منذ (٧ أكتوبر المنقضى).. لكن «القاهرة» تعوَّدت على التحمل وأصرت على موقفها الداعم لإنقاذ غزة التى دُمرت وتمت تسويتها بالأرض وتم تشريد شعبها، دأبت «القاهرة» على إنقاذ أهالى غزة بكل ما أوتيت وأدخلت مساعدات ضخمة ساهمت فيها بنصيب الأسد وصل لحوالى (٨٠ ٪) من حجم المساعدات التى دخلت لقطاع غزة، مساعدات غذائية ودوائية ووقود وملابس وبطاطين وكافة احتياجات سيدات وفتيات وأطفال غزة.
واجهت «القاهرة» تعنت الجانب الإسرائيلى، ورفضت كافة أشكال التصعيد ونددت بقصف المستشفيات والمدارس ومقرات المنظمات الدولية، ساهمت «القاهرة» فى كشف إسرائيل على حقيقتها أمام العالم حينما دعت كبار مسئولى العالم للتوجه إلى معبر رفح لرؤية العدد المهول من الشاحنات التى ينتظر الدخول لقطاع غزة لكن إسرائيل ترفض وتتعنت وتتلكأ وتُصر على تفتيش الشاحنات وتضييع الوقت لكى لا تمر شاحنات أكثر، شهد لنا جوتيرش الأمين العام للأمم المتحدة ووكيله «مارتن جريفيث» ووزراء ومسئولون ونواب برلمانات العالم الذين ذهبوا إلى معبر رفح.. لم تعبأ «القاهرة» بهجوم تل أبيب أو صحف وفضائيات لها توجهات تتعارض مع توجهاتها، لم تفقد «القاهرة» الأمل وأصرت على ضرورة وقف إطلاق النار وإنقاذ غزة ووقف القصف والمجازر اليومية التى تتم بلا رحمة أو ضمير أو إنسانية.
رفعت «القاهرة» صوتها، زادت لهجتها تجاه العدوان الإسرائيلى، وخلال اليومين الماضيين فوجئ العالم بمصدر مصرى مسئول رفيع المستوى يؤكد أن «القاهرة» تتابع الأوضاع فى رفح عن كثب وتؤكد أنها مستعدة لكل السيناريوهات.. هنا كانت اللحظة الفارقة، خرج الرئيس الأمريكى جو بايدن وأكد أن هناك جولة مهمة من المفاوضات ستشهدها «القاهرة» مع الإسرائيليين والأمريكان والقطريين لدرجة أنه أعلن عن أن هناك تفاهمات قوية ومؤكدة على هُدنة (٦) أسابيع وعملية تبادل للأسرى، وانعقد الاجتماع -فى ظل متابعة غير مسبوقة من كافة وسائل الإعلام العالمية- كان الجميع ينتظر ولم يهدأ أحد لكن الجميع اطمأن حينما خرج مصدر مصرى مسئول رفيع المستوى ليقول: هناك تفاؤل فى المفاوضات.
يحق لنا القول: إن «القاهرة» لا يمكن أن تقف موقف المتفرج، «القاهرة» فاعلة وبقوة وتُدير الأمور بكل حكمة ورويّة لخدمة القضية الفلسطينية، ولن تسمح أبداً بتهجير الفلسطينيين من أراضيهم فهذا بالنسبة لها (خط أحمر) لا يمكن الاقتراب منه، وكُلنا نعلم أن (القاهرة) حينما ترسم الخط الأحمر يكون هذا بمثابة خط أحمر وعين حمراء -فى نفس الوقت- وهذا الخط الأحمر والعين الحمراء خرجا فى الوقت المناسب.