"دير شبيجل": "أمير الظلام" أنشأ "داعش" وفقا لأفكار "جورج أورويل"

"دير شبيجل": "أمير الظلام" أنشأ "داعش" وفقا لأفكار "جورج أورويل"
توضح الوثائق التي نشرتها صحيفة "دير شبيجل" الألمانية بخصوص بداية تكون تنظيم "داعش" الإرهابي على يد حجي بكر، أن المخبرين أو الجواسيس الذين اعتمد عليهم «بكر»، مثل أولئك الذين فى «تل رفعت»، كانوا فى أوائل العشرينات من عمرهم وبعضهم لا تتجاوز أعمارهم 16 أو 17 عاماً. وشملت كذلك المعلومات المطلوب جمعها مجالات أخرى مثل المسائل المالية والرعاية والمدارس ووسائل النقل ووسائل الإعلام. لكن الوظائف الرئيسية وفق الخطة تشمل أعمال المراقبة والتجسس والخطف والقتل. وكانت الخطة تقوم منذ البداية على القيام بالأعمال المخابراتية بالتوازى حتى على مستوى المحليات. وجاء توزيع المهام من خلال إدارة المخابرات العامة ويتولاه «أمير الأمن» للإقليم الذى هو فى الوقت ذاته مسئول عن أمراء المقاطعات الخاضعة للإقليم.
وتقول الصحيفة: «تبدو أفكار الصحفى والروائى البريطانى جورج أورويل نموذجاً للأفكار التى قام عليها التنظيم فى العراق، وهى ذاتها الأفكار التى سار عليها نظام صدام حسين، حيث تشير إلى أن يكون الكل تحت الرقابة وهو ما يمكن وصفه بأنه «جنون العظمة»، فالأجهزة الأمنية منتشرة فى كل مكان وكانت أفكار «بكر» مجرد تعديل لما تعلمه فى الماضى من نظام صدام، أن تكون الأجهزة الأمنية منتشرة فى كل مكان حتى أولئك الذين يقودون أجهزة المخابرات والتجسس ليسوا على يقين من أنهم لا يخضعون للمراقبة هم الآخرون. هى مثل ما وصفه الكاتب العراقى كنعان مكية فى كتاب جمهورية الخوف».
وفى عام 2010، جعل «بكر» ومجموعة صغيرة من ضباط المخابرات فى نظام صدام حسين، أبوبكر البغدادى أميراً لتنظيم الدولة الإسلامية ولاحقاً جعلوه الخليفة. وكان السبب فى ذلك أن «البغدادى» سيمنحهم غطاءً أو وجهاً دينياً وفقاً لهم.
ويتحدث الصحفى العراقى هشام الهاشمى عن «حاجى بكر» الذى كان يطلق عليه «العقيد سمير» والذى كان زميلاً لابن عمه فى قاعدة «الحبانية» الجوية فيقول: «بكر كان وطنياً قومياً وليس إسلامياً. كان ذكياً للغاية وحازماً ولوجيستياً ممتازاً، لكن عندما أصدر الحاكم المدنى للعراق بول بريمر، الذى عينته قوات الاحتلال، مرسوماً بحل الجيش العراقى عام 2003، صار العقيد بائساً ومن العاطلين عن العمل». وتقول المجلة: «جرة قلم من الولايات المتحدة سلبت من الآلاف من الضباط السنة المدربين تدريباً جيداً رزقهم وخلقت أمريكا بهذا أعداءها الأكثر ذكاءً والعداوة المريرة لها».
وتضيف: «سر النجاح يكمن فى الجمع بين الأضداد، الجمع بين المعتقدات المتعصبة لمجموعة ما والحسابات الاستراتيجية لمجموعة أخرى». وتابعت: «بكر أصبح تدريجياً واحداً من القادة العسكريين المسئولين فى العراق، واحتجز عام 2006 فى سجن للجيش الأمريكى فى معسكر بوكا فى أبوغريب، لكنه نجا من موجات الاعتقالات والسجن والقتل التى كانت تمارسها القوات الأمريكية والوحدات الخاصة من القوات العراقية والتى كانت تهدد بالأساس مؤسسى تنظيم الدولة الإسلامية. وكان السجن بالنسبة له وعدد من أصحاب الرتب العسكرية البعثيين فرصة للسيطرة على دائرة صغيرة من الجهاديين. واستفادوا من سجن معسكر بوكا فى تأسيس شبكة كبيرة من الاتصالات، وكان القادة الكبار يعرفون بعضهم منذ فترة طويلة».
وتقول الصحيفة: «فى عام 2010، بدت فكرة هزيمة الحكومة العراقية عسكرياً بلا جدوى، لكن التنظيم الكبير عمل فى الخفاء من خلال العمليات الإرهابية». وتضيف: «وعندما اندلعت الانتفاضة ضد نظام بشار الأسد فى سوريا لمس قادة التنظيم فرصة بحلول عام 2012 فى استغلال الوضع فى شمال سوريا الذى خرجت منه قوات النظام وبقيت ألوية عسكرية للمعارضة السورية وهى جزء من المزيج الفوضوى فى الشمال وكلها فى حالة ضعف، ما يعطى الفرصة لمجموعة منظمة بشكل محكم من ضباط سابقين أن تستغل ذلك لصالحها».