غزة.. الجرح المفتوح

جميع القنوات التليفزيونية تبث مشاهد ما يجرى فى غزة من جرائم وحشية ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطينى بالقطاع إلى درجة أن عدد شهدائه خلال نحو ثلاثة أشهر اقترب من ثلاثين ألف شهيد، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى عشرات الآلاف من المصابين وعدد غير معروف من المدفونين تحت الأنقاض، حيث استهدفت إسرائيل المبانى المدنية بهيستيرية حقيقية.

ويشاهد العالم أجمع دولة تتحجج بمحاربة الإرهاب، معتبرة أن مقاومة احتلالها إرهاب يستحق التدمير، وأيضاً يستحق قصف المستشفيات ومهاجمتها لقتل المرضى والمصابين الذين يعالجون فيها.

والغريب أن الولايات المتحدة الأمريكية التى تتشدق ليلاً ونهاراً بحمايتها لحقوق الإنسان، ومع ذلك فهى تعتبر كل جرائم إسرائيل «دفاعاً عن النفس» ولا تشعر بأى تأنيب ضمير حيال الأطفال، حتى الرضع والخدج منهم، باعتبار أنهم إرهابيون كما تؤكد الدولة الصهيونية التى جاهر الرئيس الأمريكى جو بايدن وكذلك وزير خارجيته بلنكن بأنهما صهاينة وأنهما مع إسرائيل التى تمدها الولايات المتحدة بجميع أسلحة الدمار لإنفاذ مهمة القضاء على أبناء قطاع غزة.. ولا شك أن كل من يحمل قلباً إنسانياً يعتريه ألم موجع وهلع إنسانى، وهو يتابع مشاهد سقوط الضحايا وسط صمت عالمى مريب، تقف وراءه بل وتفرضه واشنطن.

إن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتن ياهوه، يؤكد يوماً بعد يوم مخططه بتفريغ غزة من أبنائها، وصور له خياله المريض أن مصر ستقبل تهجير أبناء القطاع تهجيراً قسرياً إلى شبة جزيرة سيناء، وهو ما رفضه بأعلى صوت الرئيس عبدالفتاح السيسى معلناً أن ذلك خط أحمر!!!

ازداد النتن ياهوه سعاراً خاصة بعد أن نزع الصمود الفلسطينى الأسطورى القناع الصهيونى وكشف للعالم بأسره أن أبناء غزة، الذين ليس لديهم جيش، فندوا بصمودهم البطولى أكذوبة «الجيش الذى لا يقهر» والذى يتابع الجميع، العدو والصديق، خيبة هذا الجيش الذى يتكون من جنسيات مختلفة ولا تربطه بأرض فلسطين إلا الأساطير المضللة التى بررت بها بريطانيا جريمتها بتهجير الصهاينة، حيث لم يرضخ اليهود الذين لا يؤمنون بالصهيونية لمطالب ومغريات الحركة الصهيونية بالهجرة إلى فلسطين، استناداً إلى الأكذوبة البريطانية البشعة بأنها أعطت شعباً بلا أرض أرضاً بلا شعب.

وكانت بداية احتلال جزء من فلسطين الفصل الأول فى جريمة وهم تشكيل إمبراطورية صهيونية من الفرات إلى النيل واختراع أساطير من طراز أرض الميعاد، هيكل سليمان، وكلها ذرائع كان القصد منها تخريب الوطن العربى والسيطرة على شعبه وثرواته، إضافة إلى مخطط فرق تسد، الذى أسست بموجبه بريطانيا جماعة الإخوان المسلمين.

وقد آل هذا الإرث الإجرامى إلى الولايات المتحدة الأمريكية. والغريب أن الدولة الصهيونية وكذلك راعيتها أمريكا، قد خسرتا الرهان واتضحت الصورة لدى شعوب كثيرة كانت تصدق الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل وتتعاطف معها.

وإذا كانت المأساة الفلسطينية الرهيبة قد أدمت قلوب أسر الضحايا وأبناء الوطن العربى، إضافة بالطبع إلى شعوب أخرى هالتها الوحشية الإسرائيلية، فقد أدى الصمود الفلسطينى والموقف المصرى الناصع برفض التهجير الذى كان القصد منه تصفية القضية الفلسطينية إلى تغيير الصورة.

فقد كتب هذا الصمودالصفحة الأولى فى زوال إسرائيل ككيان محتل غاصب، وعاد الأمل فى تنفيذ حل الدولتين، دولة فلسطينية وأخرى إسرائيلية تدرك أن المشروع الإمبراطورى الصهيونى قد ولى إلى غير رجعة.. وأن المطالبة بدولة عنصرية بادعاء أنها وعد من الله قد ثبت بطلانها، لأن الدين لله والوطن للجميع، وهو هنا لجميع أبنائه وليس لأصحاب ديانة معينة.

ومن ثم فإننا لسنا فى حرب دينية مع اليهود، بدليل أننا عشنا قروناً، مسلمين ومسيحيين ويهوداً دون أى فوارق ولكننا نرفض تماماً الاستيلاء على أراضينا فليس هناك أغلى من الوطن.