أحمد حامد دياب يكتب: من القومية العربية للاحتلال.. نشكركم على حسن تعاونكم معنا
أحمد حامد دياب
يتباهي الكثيرون من جيلنا بما مررنا به، من أحداث صعبة وثورات، وأزمات «نشفت» عظامنا، وقوت ارادتنا، وكنا الجيل الذي حارب الإرهاب وقهره في سيناء ومرمغ أنف الداعشيين في التراب وقطع رقابهم وجعل سيناء مقبرة لهم، كما كانت لكل مَن فكر في الاساءة لسيادة وكرامة الفراعنة.
ليس هذا فحسب، ولكن يٌحسب لجيلنا أنه الجيل الذي بكى على الدرة، وظل لأيام وأيام في الإذاعة المدرسية يلعن الاحتلال ويندد بجرائمه ويغني ويحلم بـ «الحلم العربي» ويستنهض الهمم بـ «الضمير العربي» ويتفاعل مع أفلام ناجي العلي وأشعار محمود درويش، ويردد في نكاته «خالتي بتسلم عليك».
وأفتخر شخصيًا بمظاهرة نظمتها أنا وزملائي في المدرسة الإعدادية تنديدًا بالعدوان ودعمًا للانتفاضة استعنا خلالها بورقة «مجوز» من نصف كراسة رسم وبعلبة ألوان مائية «من الغالية» رسمنا بلون واحد علم الاحتلال الذي كان يقطر دمًا وحرقناه ودوسنا على بقياه بأقدامنا وألسنتها تهتف بنصرة فلسطين، وعشنا وكبرنا على كره الظلم والبغي متمثلًا في الاحتلال الذي قتل طفل في سننا «كان شايل ألوانه وكان رايح مدرسته».
تغيرت الظروف وكبرنا قبل أواننا وشابت رؤسنا ولحانا، تلى جيلنا عدد من الاجيال التي نصفها بأجيال التيك توك والألعاب الإلكترونية بعد جيل «البلي والسبع طوبات» حيث كان أغنى طفل في جيلنا لديه كمبيوتر صخر جلبه له والده الذي يعمل في العراق منذ الثمانينات، وكان فخر لأي طفل أن يصادقه.
كان الجيل الجديد، أو كنا نظن، أنه لا يأبه للقضية الفلسطينية، ولا يكره الصهاينة، حتى رأينا أحد الرموز الفنية لهذا الجيل والذي يقتدي بيه الشباب كأسطورة وعمدة يصافح أحدهم دون أن يكون الغضب على قدر هذا الجرم، وظننا جميعًا أن القضية ماتت خاصة مع موجة التطبيع الشعبي التي اجتاحت بعض الدول التي تنطق العربية.
كان هذا ظننا، ولكن كانت إرادة الله أن يخيب هذا الظن، وأن يحيي الله هذه القضية مرة أخرى، ليعلم الجيل الجديد الحكاية ويسمع القصة وتتجدد بذور الكراهية في قلوب الجيل الجديد، كراهية الظلم والبغي وقتل النساء والاطفال ومرتكبي الجرائم التي تأنفها النفس البشرية وترفضها كل الأديان والشرائع سماوية ووضعية.
أقول وبكل صدق للاحتلال «نشكركم على حسن تعاونكم معنًا» فقد رويتم القصة للأجيال الجديدة، وأعادتم الرواية كاملة، فصبرا وشاتيلا تجددت في المستشفى المعمداني ومخيم جباليا، ومحمد الدرة بعث الله روحه في الطفل يوسف «أبيضاني وحلو وشعره كيرلي».
نشكرهم على تجديد المشاعر تجاه العدو الحقيقي، ونشكرهم على دروس القومية العربية التي منحتموها لأطفالنا، ونشكرهم أنهم علموا الأجيال الجديدة أن يحبوا أوطانهم، ويمجدوا جيوشهم صاحبة التاريخ الناصع، وأن يحافظوا على بلادهم، وأن قضيتهم القومية "أن يكونوا قد الدنيا".ويقيننا أن فلسطين ستعود يومًا لا ريب فيه لأن الحق اسم من أسماء الله سبحانه وتعالى والباطل شيطان بغي مهما طال عمره فهو زهوق، وبالأمس قصف الطفل الدبابة بالحجارة، وكبرت يمينه حتى أمسك «أر بي جي» فقسمها نصفين من المسافة صفر، لأجل هذا وبهذا ولهذا ستعود فلسطين كاملة، وستصبح هذه الأزمات صفحات من التاريخ وسيكون لنتن ياهو وشارون وجولد مائير صفحة جوار هولاكو والكونت رينو شاتيو أرناط، هذا وعد الله ولن يخلف الله وعده..وتحيا مصر.