مستقبل الإسلام السياسى

كتب: عثمان محمود مكاوى

مستقبل الإسلام السياسى

مستقبل الإسلام السياسى

كان متوقعا حصول حزب الحرية والعدالة على أعلى عدد من المقاعد البرلمانية فى أول انتخابات برلمانية (شعب وشورى) شفافة ونزيهة بعد قيام ثورة 25 يناير 2011. أما غير المتوقع فهو حصول حزب النور الذى أسسته الدعوة السلفية على المركز الثانى فى الوقت الذى حصلت فيه قوى أخرى ليبرالية ويسارية على ربع مقاعد البرلمان. مفاجأة حصول حزب النور على تلك المقاعد كانت بسبب عدم اشتغال مرشحيه بالعمل السياسى. بل إن مؤسسى الحزب أنفسهم لم يدخلوا غمار العمل السياسى من قبل ولم يتحدثوا فى الشأن العام فكيف حصلوا على تلك الأصوات؟! يجيب عن ذلك بعض العالمين ببواطن الأمور بأن الأجهزة الأمنية فى نظام مبارك قد أتاحت لهم الظهور الإعلامى وحرية الدعوة بشرط عدم خوض العمل السياسى وعدم انتقاد النظام، بل والوقوف معه فى أى ظرف يحتاجهم فيه. وقد أدوا المهمة ببراعة أثناء الثورة فى الثمانية عشر يوما. لعلك تتذكر فتوى عدم الخروج على الحاكم ولو جلد ظهرك. وقد ترك لهم النظام السابق الحرية وعدم المساس بهم وذلك لجذب الشباب نحوهم ولسحب البساط من تحت جماعة الإخوان المسلمين أصحاب المشروع السياسى الكبير. نعود لسؤالنا: كيف حصد حزب مثل حزب النور نشأ بعد سقوط النظام ببضعة أشهر لم يمارس أعضاؤه السياسة من قبل هذه الأصوات؟! السبب الرئيسى والأساسى هو استغلال الدين فى التنافس السياسى؛ فنحن كثيرا ما شاهدنا وسمعنا شيوخ الفضائيات وخطباء المنابر يدعون الناخبين إلى التصويت لمن سيطبق شرع الله وانتشرت نغمة بين الناس عنهم بأنهم «ناس بتوع ربنا». أيضا نال حزب الحرية والعدالة جزءا من هذه الدعوات واستغلال الدين الذى قد نهى عنه فقهاء وعلماء دين أزهريون عندما صرح العديد منهم بأن استغلال دور العبادة فى الترويج لمرشح أو تيار معين حرام شرعا؛ لأن دور العبادة أُنشئت من أجل العبادة وليس للتنافس السياسى. كما صرنا نسمع اتهامات من بعض دعاة الفضائيات وبعض خطباء المساجد بأن الليبراليين واليساريين هم أناس يبتعدون عن منهج الله وأنهم يريدون نشر الرذيلة والزنا ويبيحون زواج المثليين!! بل إن أحد الدعاة قال إنه لا يجوز الانضمام لحزب الدستور الذى أسسه الدكتور البرادعى لأنه حزب كافر! بنجاح الرئيس مرسى ووصوله إلى سدة الحكم شعرت تيارات كثيرة من الإسلاميين، سواء المتشددون الذين يمارسون العنف أو بعض المتشددين فى الآراء ولا يمارسون العنف المادى.. اعتقدوا أن الأمر استتب لهم وأن الرئيس صار منهم فبدأوا يفعلون ما يحلو لهم ويتهمون الشرفاء بغير دليل. آية ذلك العنف الذى تمارسه الحركات الجهادية فى سيناء وقد أحسن الرئيس مرسى فى مواجهتهم. وهناك من يسيئون لكل من ينتقد الرئيس مرسى وكأنه هو المفوض للدفاع عن الرئيس وذلك مثل السب والشتم والاتهامات الباطلة التى طالت العديد من الفنانين لمواقفهم السياسية المختلفة مع الرئيس مرسى، مما جعل أحد الدعاة يكيل الاتهامات لبعض الفنانات وآخر وصف الفنانين بالداعرين والداعرات وآخر حقّر من شأن المعارضين للرئيس بقوله إنهم صراصير يستحقون الدهس تحت الأحذية!! ناهيك عن بعض جرائم القتل التى ارتُكبت باسم الدين وبحجة تغيير المنكر، انتهاءً بالتصريحات التى أدلى بها بعض قادة الجماعة الإسلامية فيها التهديد والوعيد مثل تصريح محمد صلاح بأن «الجماعة الإسلامية ستنزل الميدان وتقاتل على تطبيق الشريعة ولو تطلب ذلك إراقة دماء» وتصريح المهندس عاصم عبدالماجد بضرورة «حشد الملايين فى الميادين للجهاد بالنفس والمال فى معركة نصرة الشريعة» واتهام الشيخ عبدالآخر حماد للأزهر بأنه «لا يرغب فى تطبيق الشريعة الإسلامية» وكانت تلك التصريحات سببا فى إزعاج المجتمع المصرى. مصدر الإزعاج والرعب هنا ليس لتطبيق الشريعة -حاشا لله- إنما لتلك اللغة التهديدية الدموية التى أكدت أن العنف ما زال فى عقيدتهم لم ينبذوه بعد. وحين رأى العديد من المصريين أفعال هؤلاء المتشددين وتصريحات البعض المخيفة ندموا على تصويتهم للدكتور مرسى ولتيار الإسلام السياسى عامة. كما كان للأفعال غير الأخلاقية التى مارسها بعض من ينتسبون للإسلام السياسى أكبر صدمة لمن اختارهم؛ فهؤلاء الذين صدعونا صباح مساء عن التدين والعفة وأنهم هم الذين يمثلون الإسلام الصحيح! إذ هم يجنحون إلى الرذيلة والكذب والاتهامات الباطلة التى يلقونها على من يخالفهم الرأى. كما رأى العديد من المصريين أنه لا يوجد اختلاف كبير بين الحزب الوطنى السابق الذى قامت الثورة من أجل إسقاطه وحزب الحرية والعدالة من عدة زوايا، أهمها: اتباع حزب الحرية والعدالة مبدأ تشويه الخصوم السياسيين مثلما كان يفعل نظام مبارك. خير دليل على ذلك هو اتهام القيادى البارز بحزب الحرية والعدالة الدكتور عصام العريان لليساريين بأنهم خونة وعملاء ويقبضون من الخارج، وهذا هو نفس اتهام النظام السابق لمن كان يعارضه، وللأسف حين دعا اليسار الدكتور العريان لتقديم أدلته على تلك الاتهامات لم يبرز أى دليل بل وتراجع عن ذلك الاتهام فيما بعد. الزاوية الأخرى هى عدم احترام أحكام القضاء، وذلك عندما أعاد الرئيس مرسى مجلس الشعب مرة أخرى ثم تبين له خطأ ذلك فتراجع تحت الضغط. وأيضا ما قام به مؤخرا من تعيين النائب العام عبدالمجيد محمود سفيرا للفاتيكان على غير رغبته وتصريح النائب العام بأنه سيظل فى عمله وهذا حق أعطاه له القانون إلى أن تنتهى مدته القانونية. وذلك جعل المستشار طارق البشرى، إسلامى التوجه، يصرح بأن «قرار مرسى عدوان على السلطة القضائية لم يحدث فى تاريخ مصر». ينبغى أن تدرك أحزاب الإسلام السياسى، ومن قبلها دعاة الفضائيات الموالون لها، أن الثورة لم تقُم من أجل أن يطلق المصريون لحاهم أو تنتقب النساء أو من أجل حذف مشهد عاطفى ساخن فى مسلسل تحطيم التماثيل، أو بسبب وقوف شاب مع فتاة على الكورنيش فى ساعة عصارى أو الفصل بينهما فى مدرجات الجامعة.. إنما قامت الثورة من أجل أربعة مطالب نادت بها (عيش وحرية وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية). أخبار متعلقة: خلاص رُوحى إنسان عربة الترحيلات تشرب لك كاس؟ عودةُ آمون! صوت الغلابة بروفايل: معتز الإمام.. الريشة التى توازى القلم نقطة النهاية من أسباب البكا حبيبة بجد الرسالة بروفايل: على سطحه الشفاف يتحول «الزجاج المعشق» إلى لوحة فنية