مثقفون: «30 يونيو» ثورة شعبية لم نشهد مثلها وكانت معركة لاسترداد الهوية

كتب: إلهام الكردوسي

مثقفون: «30 يونيو» ثورة شعبية لم نشهد مثلها وكانت معركة لاسترداد الهوية

مثقفون: «30 يونيو» ثورة شعبية لم نشهد مثلها وكانت معركة لاسترداد الهوية

أجمع العديد من المثقفين على أن ثورة 30 يونيو، قامت لإسقاط حكم الإخوان واستعادة الهوية الوطنية التى حاول نظام الحكم الإخوانى السطو عليها خلال العام الذى تولوا فيه حكم البلاد، وأشار المثقفون إلى أبرز مظاهر السطو التى تعرضت لها مصر خلال الفترة الحرجة، مؤكدين أننا كنا قبل 30 يونيو تحت حكم جماعة تسعى إلى تحويل دولة عريقة مثل مصر، إلى مجرد ولاية فى خلافة أكبر من وجهة نظرهم خلافة إسلامية، لكن الواقع أنه كان عملاً مخابراتياً لصالح دول أجنبية بهدف إسقاط الدولة المصرية، وهو ما اتضح خلال التحقيقات والمحاكمات التى توجهت لقادة الإخوان بالتجسس والعمل لصالح دول أجنبية.

الكاتب حمدى البطران، قال إن ثورة 30 يونيو أنقذت البلد من كارثة محققة كنا نتجه نحوها، وهى كارثة أن نكون مجتمعاً محكوماً بحكومة دينية لا تفهم طبيعة الشعب المصرى الذى تمتد حضارته لأكثر من 7 آلاف سنة، مشيراً إلى أن مصر بلد زراعى يرمى البذور فى باطن الأرض ثم يعبد الله على طريقته الخاصة، ولا يطيق أن تفرض عليه سلوكاً معيناً ووجهاً واحداً للدين.

وأضاف لـ«الوطن»: «مرت على هذا الشعب فترات حدث فيها تغييب لهذه الثقافة المصرية السمحة لصالح أيديولوجيات مثل الشيوعية والرأسمالية، وفى فترة مبارك بدأت الرأسمالية فى التوحش، ثم رأينا مظاهر الأصولية الدينية متمثلة فى إطالة اللحى وظهور الجلباب، وبرزت على السطح التيارات الدينية بالتوازى مع حيرة الشباب عن الوجهة الأنسب له وهو ما أثر على الهوية المصرية قبل 30 يونيو».

وتابع: «فى عصر مبارك حدث تسريب للأفكار الدينية المعبرة عن التيار الوهابى للشعب المصرى، وتغلغل الفكر الدينى كان يحدث بإلحاح، إذ عاد المصريون من عملهم بالخارج بمسالك ومظاهر دينية لم يكن يعرفها الشعب المصرى وغير ملائمة لطبيعة الشعب المصرى، وبعد وصول الإخوان إلى قمة السلطة تنبه الشعب المصرى، فخرج مختلف فئاته فى ثورة 30 يونيو لاستعادة الهوية الوطنية بمساندة سياسية».

وقال «البطران»: «30 يونيو عملت خارطة سياسية للخروج من مستنقع الإخوان، والثورة تهتم بالنشاط الاقتصادى وشق الطرق وإنشاء الكبارى والمدن الجديدة وغيرها من المشروعات المهمة فى البلد، ونتمنى أن يكون مواكباً لهذه التحركات مشروع ثقافى على مستوى بعيد لرفع الوعى ودعم فكر ثورة 30 يونيو، الفكر اليسارى واليمينى والدينى».

وأشار إلى أن الرئيس السيسى نفذ العديد من المشروعات ونتمنى من القائمين على الثقافة تقديم أفكار على المستوى نفسه تساند البناء والمشروعات، لكن لا تزال 30 يونيو فى حاجة إلى مشروع ثقافى موازٍ لإبراز الجانب الإيجابى فى الثقافة المصرية وهو جانب التعايش، من أجل دعم المشروع السياسى ومواصلة تنفيذ المشروعات الاقتصادية وتنفيذ خطط البناء وإشاعة ثقافة العمل والانتماء والحفاظ على مشروعات الدولة وصيانة المال العام.

وقال سامح فايز، الباحث فى شئون الإسلام السياسى: «لكى نفهم ما قدمته ثورة 30 يونيو فى استعادة الهوية الوطنية، علينا أن نبدأ بفهم فترة رؤية تنظيمات الإسلام السياسى لمفاهيم مثل الثقافة والفنون والوطن والانتماء والأرض، وسنجد أنه فى جميع أدبيات الإسلام السياسى لا يوجد معنى لكلمة الوطن بالحدود، بل هم يرون أن الحدود والأوطان مجرد مخططات ومؤامرة على العالم الإسلامى وعلى دولة الخلافة الإسلامية (مشروعهم وحلمهم)، بل تصل رؤيتهم إلى أنه لا بد من كسر فكرة هذه الحدود الموضوعة لاستعادة دولة الخلافة المزعومة».

وأشار الباحث فى شئون الإسلام السياسى إلى أن جماعات الإسلام السياسى تعيش فى ماضٍ سحيق ولا تستطيع إدراك أن العالم يتطور ويتغير، ونحن نذكر الفيديو الشهير لمشهد تقطيع جوازات السفر وحرقها أمام الكاميرات، لتنظيم داعش لما حكم سوريا والعراق. وأضاف: وفى عام حكم الإخوان اتضحت هذه الأفكار على أرض الواقع من خلال تعاملهم مع الثقافة والفنون، من منع كتب وأقلام، وهى مسائل تم توثيقها، ولذلك كان أول تحرك فى 30 يونيو هو تحرك المثقفين، لأن الثقافة تعنى هوية ووعى الشعب بالكامل، أى أن الجماعة كانت تحارب وعى الشعب وثقافته، والتى لا تعنى أى شىء بالنسبة لهذه الجماعة بالمناسبة، لأن انتماءاتها وولاءاتها لمشروع وهمى اسمه الخلافة.

وأكد «فايز» أن ثورة 30 يونيو استعادت مصر ووصلت بها إلى الصورة التى نراها حالياً، لأن الثورة أنقذت مصر من دولة على مشارف خسارة كل شىء؛ هويتها وانتماءاتها، لصالح ميليشيا وجماعة أقرب إلى الطابور الخامس داخل الدولة، وصل بها الأمر إلى استضافة قتلة الرئيس المصرى السادات فى الاحتفال بذكرى حرب أكتوبر، وهو الاحتفال الذى أقيم فى استاد القاهرة فى 2012، بحضور طارق الزمر، لتأتى بعدها ثورة 30 يونيو لكسر الأوهام التى كرس لها الإسلام السياسى لاستعادة دولة على مشارف حرب أهلية بلا أمن ولا اقتصاد ولا وعى ولا ثقافة.

وتابع: «بدأنا نرى أحاديث عن فتح الحدود للفلسطينيين فى سيناء وقطر ستحصل على مشروعات ضخمة فى قناة السويس، كما كانت تخرج وثائق خطيرة جداً من مكتب رئيس الجمهورية، لدول أجنبية وهى قضايا تنظر حالياً وصدر فى بعضها أحكام، وجاءت 30 يونيو ثورة شعبية لم نشهد مثلها على مدار 100 عام، من حيث عدد المشاركين عن وعى بخطورة ما يهدد الشخصية والهوية المصرية، وملايين من المشاركين فى مشهد الثورة كانوا يشاركون للمرة الأولى فى عمل سياسى، لأن المسألة لم تكن لها علاقة بالعمل السياسى بقدر ما كان لها علاقة بهوية وأرض ووطن على وشك الضياع».

وقال الباحث فى شئون الإسلام السياسى: «تمكنت ثورة 30 يونيو من إسقاط مخطط الإخوان الإرهابى فى غضون ثلاثة أيام»، لافتاً إلى أن التاريخ الأهم هو ليس 30 يونيو فقط ولكن 3 يوليو، وهو يوم استجابة القوات المسلحة لإرادة الشارع المصرى، لأنه من دون هذه الاستجابة كنا سندخل فى حرب أهلية، فلم يكن الموقف يحتمل وقوف المؤسسة العسكرية على الحياد، خاصة أن الانتصار كان سيكون للإسلاميين لأنهم القوة الأكثر تنظيماً والقوة التى تملك السلاح ودعماً أجنبياً وتملك المظلومية أيضاً، والثورة أنقذت مصر من التورط فى حرب أهلية، ولولا بيان المؤسسة العسكرية فى 3 يوليو 2013 ما كانت مصر لتستطيع الحفاظ على الدولة بمعنى الأرض والهوية والانتماء، ويكفى أن ننظر إلى المحيط الإقليمى من حولنا لكى نفهم ما كان يُراد بنا، إذ نجحت هذه المخططات حولنا وفشلت فى مصر بسبب 30 يونيو و3 يوليو».


مواضيع متعلقة