أبناء الجاليات.. «ضيوف وليسوا لاجئين»

كتب: سمر صالح

أبناء الجاليات.. «ضيوف وليسوا لاجئين»

أبناء الجاليات.. «ضيوف وليسوا لاجئين»

اتخذت القيادة السياسية فى مصر موقفاً مختلفاً مع الجاليات المقيمة على أرضها، تمثل فى معاملتهم مثل المصريين وليسوا كـ«لاجئين» حسب توصية الرئيس عبدالفتاح السيسى.

وفى نوفمبر عام 2016، أكد الرئيس، على هامش محاضرة ألقاها بالأكاديمية العسكرية البرتغالية، عدم وجود معسكرات للاجئين على الأراضى المصرية، مشيراً إلى أن اللاجئين الموجودين بمصر والقادمين من دول المنطقة والقارة الأفريقية يعيشون بشكل طبيعى وسط المجتمع دون تمييز.

«إحنا مش بنقول عليهم لاجئين إحنا بنقول ضيوف».. هكذا وصفهم الرئيس، فى نقاش الطاولة المستديرة حول «سُبل تعزيز التعاون بين دول المتوسط فى مواجهة التحديات المشتركة»، ضمن فعاليات منتدى شباب العالم بشرم الشيخ فى نسخته الثالثة، فى ديسمبر 2019، مجدّداً ترحيبه بهم بقوله: «نتحمّل ضيافة ضيوفنا.. يقعدوا فى مصر ولا نتحمّل أمام التاريخ والإنسانية قتلهم».

مبادرات مجتمعية كثيرة انطلقت لدعم مصابى فيروس «كورونا» خلال فترة الأزمة، انصهرت فيها فوارق العرق والجنس واللون، ومشاهد إنسانية بين طرقات مستشفيات العزل كان أبطالها أطباء فى تخصّصات شتى من الجاليات الأجنبية المقيمة على أرض مصر، وفى خضم الأزمة التى واجهت العالم بأكمله كان هؤلاء كتفاً بكتف إلى جوار المصريين يدعمون جهود مكافحة الوباء.

«النخلانى»: الشعب المصرى قدم لأبناء اليمن الكثير.. و«أهل الكنانة» كلهم شهامة وكرم

من بين هؤلاء الأطباء برز الدور الإنسانى الذى قام به الطبيب اليمنى المقيم فى مصر، عبدالحكيم النخلانى، الذى كان فى حالة استعداد كامل على مدار اليوم فى مقر عمله كطبيب أطفال بمستشفى أبوالريش اليابانى، لم يتوانَ عن رعاية الأطفال الوافدين إلى المستشفى خلال فترة الوباء، كان يرى فيهم أطفال بلده الذين فرّقت الحرب بينهم وبين آبائهم، ويسعى بكل ما أوتى من قوة لإسكات بكاء أحدهم الذى يصرخ من التعب.

يرى الطبيب اليمنى فى ذلك رداً للجميل لأبناء الشعب المصرى الذى احتضنه هو وأسرته منذ أن استقر فى مصر عام 2015، وحسب حديثه لـ«الوطن» فإن الشعب المصرى قدم لأبناء اليمن الكثير من المواقف الطيبة منذ بداية وصولهم إلى أرض مصر: «أهل مصر كلهم شهامة وكرم وكان لازم أقوم بواجبى الإنسانى مع أطفالهم وقت الأزمة»، حسب تعبيره.

«السباعى»: أشعر أننى بين أهلى السوريين اللى اتحرمت منهم

قبل نحو تسع سنوات، اتخذ الشاب السورى «عصام السباعى» وأسرته من مصر مستقراً لهم بعد أن تركوا بلادهم، وسرعان ما التحق بكلية الطب جامعة القاهرة لإتمام رحلة تعليمه، مرت السنوات سريعاً واندمج الشاب العشرينى وأسرته وسط المصريين. ومع بداية الموجة الأولى لوباء «كورونا»، انضم «السباعى» صاحب الـ26 عاماً، إلى فريق أطباء مستشفى قصر العينى كممارس عام للمهنة بسنة الامتياز بالكلية، وخلال فترة عمله انسجم وسط الأطباء المصريين، وشعر بأن كل مريض يتعامل معه واحد من أبناء شعبه. يقول الشاب السورى عن العلاقة التى جمعته بالمصريين: «إحنا والمصريين كلنا واحد على أرض مصر، وكل مريض كنت باحس فيه حد من شعبى اللى اتحرمت منهم».

«إبراهيم»: تركت تشاد للإقامة فى «بلدى الثانى» وشجعت «الفراعنة» فى أمم أفريقيا

ومن تشاد الأفريقية الشقيقة، جاء محمد إبراهيم، للإقامة فى مصر منذ عشر سنوات، بحكم دراسته بالأزهر، وعمل هنا بعد التخرج، وصف مصر بـ«بلده الثانى» منذ وصوله إلى أرضها ولم يرَ من شعبها إلا معاملة طيبة، حسب قوله.

«وقت فوز مصر بتنظيم كأس الأمم الأفريقية 2019 كنت باشجع الفريق المصرى»، يقول الشاب التشادى، مؤكداً أن لديه العشرات من الأصدقاء المصريين بجانب أبناء الجاليات الأفريقية، حيث اندمج مع أفراد الشعب المصرى سريعاً: «مفيش اختلاف كبير فى الطباع والعادات بينا وبين المصريين».

فى صباح اليوم الأول من أبريل عام 2021، وفى أحد مراكز التطعيم بمدينة السادس من أكتوبر، جلس الشاب السورى أحمد حجازى، بصحبة عدد من أصدقائه المصريين فى انتظار الدور لتلقى الجرعة الأولى من لقاح «كورونا»، حسب رسالة وصلت إليه عبر هاتفه المحمول تخبره بالموعد: «رُحت وكان معايا أصحابى المصريين، ومافاتش ساعتين، وجه دورى فى التطعيم»، يروى الشاب السورى تجربته فى تلقى اللقاح فى مصر.

انتهى الشاب السورى من تلقى الجرعة الأولى من لقاح «سينوفارم» الصينى بسهولة، دون تعقيد فى الإجراءات، ودون تفرقة بين مصرى وجنسية أخرى، وحسب وصفه: «التعامل كان سهلاً جداً، ماكانش فيه فرق بين سورى أو مصرى، كله بالدور وبنظام شديد».

فى الأزمة الأخيرة التى عصفت بالسودان، ضرب أهالى قرى وادى كركر بالنوبة فى أسوان أروع مثال للكرم والشهامة فى مساندة السودانيين الذين تم إجلاؤهم من بلادهم عبر معبر «أرقين» الحدودى الفاصل بين مصر والسودان.

«الطاهر»: لم نشعر بأى غربة.. وبيوت أهل أسوان مفتوحة لأى سودانى

وحين اشتدت الأزمة وزادت أعداد الوافدين إلى محافظة أسوان، قرّر المسئولون عن المدرسة السودانية هناك فتح أبوابها لاستقبال الأسر السودانية بعد فرشها وتجهيزها لتصبح مكاناً مناسباً للإقامة كمحطة مؤقتة لحين تدبير أمورهم فى مصر، وكان «محمد الطاهر» واحداً من السودانيين الذين استقروا بالمدرسة عدة أيام بعد وصوله عبر معبر أرقين البرى. وبعد رحلة سفر شاقة وطويلة قطعها من الخرطوم إلى أسوان، تلقى الشاب السودانى ترحيباً من المصريين خفّف وطأة المعاناة عليه، وأزال رهبة الموقف من نفسه، حسب روايته لـ«الوطن».

سرعان ما اندمج الشاب السودانى مع أهل أسوان: «بيوتهم كلها مفتوحة لأى سودانى وقت الأزمة ومفيش شعور بالتفرقة بينا وبينهم»، وحسب قوله استطاع أن يدبّر أموره واستأجر بيتاً فى أسوان، ورغم مغادرته المدرسة إلا أنه لا يزال على تواصل مستمر مع المسئولين عنها، «مش ناسى وقفتهم معايا»، حسب قوله.


مواضيع متعلقة