عدم المغالاة في تكاليف الزواج «الحل».. خبراء: تجنب تدخل الأقارب في شئون الحياة الزوجية ضرورة مُلحَّة

كتب:  منة الصياد

عدم المغالاة في تكاليف الزواج «الحل».. خبراء: تجنب تدخل الأقارب في شئون الحياة الزوجية ضرورة مُلحَّة

عدم المغالاة في تكاليف الزواج «الحل».. خبراء: تجنب تدخل الأقارب في شئون الحياة الزوجية ضرورة مُلحَّة

المغالاة فى كل ما يخص تكاليف الزواج، بداية من شراء الشبكة حتى الانتهاء من التجهيزات الأخيرة الخاصة بالزيجة، سمة باتت توجد عند العديد من الأسر خاصة أهل العروس، ظناً منهم أنهم عندما يتبعون هذا الأمر يحافظون على ابنتهم ويصونون كرامتها مع ضمان عيشها حياة هنيئة فيما بعد، لكن النتائج عادة ما تأتى عكس التوقعات، سواء بظهور المشكلات مع الطرف الآخر وفسخ الخطوبة، أو وقوع العديد من الخلافات بين العروسين عقب إتمام الزواج، فيما قد تجد بعض الأمهات بمرور الوقت من الغارمات، ومن هنا تندلع أزمة كبيرة قد تصل إلى الزج داخل السجن فى بعض الأحيان.

«هالة»: تعزيز مكانة العروس وأسرتها وسط المحيطين بهم يثقل كاهل الطرفين

الدكتور رشاد عبداللطيف، أستاذ تنظيم المجتمع بجامعة حلوان، علق على أزمة مغالاة بعض الأسر فى تكاليف الزواج، موضحاً أنه كى يتم تجنبها والحد من انتشارها مثلما حدث خلال السنوات القليلة الماضية، يجب الأخذ فى الاعتبار ثلاثة أمور مهمة قبل إتمام الزيجة، أولها، وجود مبدأ الصراحة بين الطرفين، أى أهل العريس والعروس، والكشف عن القدرة المادية للطرفين بشكل واضح، لأنها تمنع وقوع العديد من المشكلات فيما بعد، «كل ما يكون الأسرتين فيه بينهم صراحة، ده بيؤدى لتدعيم الروابط وتقويتها بشكل كبير بينهم». وأشار إلى أن الأمر الثانى يتمثل فى مراعاة أسرة العروس الظروف الاقتصادية وإمكانات الطرف الآخر، خاصة إذا ارتضوه زوجاً لابنتهم، مستطرداً: «إذا كان الإنسان وثقنا فيه وارتضيناه زوجاً لابنتنا، لازم نراعى الظروف الخاصة بيه».

فيما جاء ثالث الأمور وأهمها على حد وصف «عبداللطيف»، تجنب تدخل الأقارب فى شئون الزواج بين الطرفين، لأن هذا يخلق مساحة كبيرة من نشوء الخلافات إلى جانب الاتجاه لبناء المقارنات فيما يخص تجهيزات الزواج، والحرص دائماً على شراء الأفضل فقط دون مراعاة الظروف الاقتصادية للطرف الآخر.

أما فيما يخص الشباب والفتيات، وجّه أستاذ تنظيم المجتمع بجامعة حلوان، مجموعة من النصائح للشباب والفتيات المقبلين على الزواج، وهى زيادة القرب من الله سبحانه وتعالى، والشعور بالرضا دائماً، إلى جانب الصراحة مع النفس وعدم النظر لما يعلو الإمكانيات الخاصة، «مايبصش لحاجة أعلى ومايحسش نفسه قليل»، واختتم «عبداللطيف» نصائحه بضرورة البحث عن البساطة دائماً وتجنب تقليد المحيطين دائماً فلكل شخص إمكانياته الخاصة التى تختلف من حالة لأخرى.

فيما علقت شيماء صبح، استشارى العلاقات الأسرية على تلك الأزمة، موضحة أن للزواج جوانب وأبعاداً اجتماعية ومالية ونفسية وقانونية، ولتجنب الوقوع فى أزمة المغالاة فى تكاليف الزواج، من المفترض مراعاة الموضوع والتفكير المتكامل، والنظرة الشاملة والمتكاملة التى تشمل أسرتى الزوج والزوجة، لما له من تأثيرات حياتية على حاضر ومستقبل العائلتين فيما بعد. وأوضحت أن الميل للتفاخر أصبح سمة العديد من الأسر فى الوقت الحالى، وكذلك حب المظاهر، وهو ما يؤدى إلى حدوث مشكلات عند محاولة الارتباط بين العروسين، أو عقب هذا الارتباط فى حالة عقده رسمياً.

ولفتت «شيماء» إلى أن وجود أعداد كبيرة من الغارمين والغارمات داخل السجون، يؤكد هذا الأمر والحرص على المغالاة فى تكاليف الزواج دون النظر إلى ما يعقب هذا من أزمات فادحة قد يكون الآباء أيضاً ضحاياها فى نهاية المطاف، وذلك بسبب اضطرار بعض الآباء إلى شراء قطع أثاث وأجهزة مبالغ فى قيمتها المادية بهدف التفاخر والتقليد الأعمى للغير فقط، ومن ثم تحدث الخلافات فى إحدى مرحلتى ما قبل عقد القران أو بعد عقده.

ونصحت «صبح» بضرورة الالتفات إلى التفكير العقلانى والنظرة الشاملة والمتكاملة، التى تفيد فى عدم حدوث تلك المشكلات، ولا يصح مطلقاً أن تخضع الأسر وخاصة الأمهات لأى أفكار أو مظاهر سواء من جانب أسرة الزوج أو الزوجة خاصة بالمغالاة فى تكاليف الزواج، معقبة: «الزواج مش مجرد فرحة مؤقتة ومبكرة بدون استعداد مالى مناسب أو إمكانيات اقتصادية كافية للأسرتين».

وبشأن أسباب انتشار ظاهرة المغالاة فى تكاليف الزواج، كشفت الدكتورة هالة حماد، استشارى الطب النفسى والعلاقات الأسرية، عما أدى إلى شيوع هذه الأزمة، وهى تفكير المجتمع بشكل مادى، والتركيز فقط على قيمة العروس وما ستقدمه لأهل الزوج من إمكانات وكذلك العكس صحيح، إلى أن أصبح الوضع أشبه بالتنافس بين الأسر، «بقى فيه تنافس بين الأسر لإثبات قيمتهم فى المجتمع من خلال ما يمتلكونه وده ظهر فى كل الأوساط، خاصة القرى والأرياف».

أصبح أثاث العروس يُنقل بشكل استعراضى، وأصبح هذا الأمر جزءاً من تعزيز مكانة العروس وأسرتها وسط المحيطين بهم، «بقى الحديث بين الناس بيتوقف على المادة والمظهر، فكلما ارتقى المجتمع فكرياً أصبح التباهى مش حاجة أساسية على الإطلاق».. حسب الدكتورة هالة حماد.

وللحد من انتشار ظاهرة المبالغة فى تكاليف الزواج، لفتت استشارى العلاقات الأسرية، إلى أنه لا بد من نشر الوعى بين الناس خاصة مخاطبة الأسر، من خلال المنصات الإعلامية والتليفزيونية بشكل خاص، والتركيز على مناقشة تلك الظاهرة وتقديم الحلول الجذرية لها عبر الأعمال الدرامية المعروضة، وكذلك برامج «التوك شو»، والمؤسسات الدينية ما بين المساجد والكنائس، حتى تتم مواكبة التطور.

وواصلت «هالة» حديثها، بأن مناقشة تلك الأزمة والحديث عنها بشكل صريح سيحد بمرور الوقت من شيوعها، خاصة مع التركيز على مخاطبة الفئات المختلفة بضرورة شراء الأشياء اللازمة فقط لإتمام الزواج، والابتعاد عن فكرة المزايدة فى أعداد كل ما يخص جهاز العروس، «مش عيب إن فنانة مثلاً تطلع تحكى إنها اتجوزت بإمكانات بسيطة، لا بد إن الناس تبعد عن فكرة الأعداد فى الجهاز، زى على سبيل المثال العروسة فى الأرياف لازم تتجوز بغسالتين، وما شابه»، ويجب التركيز على شراء المستلزمات البسيطة فقط خاصة من قطع الأثاث، وغيرها من بنود جهاز العروس الأخرى.

وأكدت استشارى الطب النفسى أنه لا بد من العمل على تحويل نقطة التفاخر بالماديات إلى التفاخر بالأخلاقيات والعلم والتفوق الرياضى، وغيرها، وهو ما نحتاج إليه حتى فى الأحاديث اليومية الحياتية، حتى ينتشر الوعى بين الأسر، «ده لازم نفضل نقوله لحد ما المجتمع يتغير».

«فرويز»: منصات التواصل تلعب دوراً شائكاً في تغيير نظرة الأسرة إلى تكاليف الزواج والمغالاة بها

وهو ما علّق عليه أيضاً، الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسى، لافتاً إلى أنه إلى جانب الرغبة فى التباهى بين الأسر، إلا أن لظهور منصات التواصل الاجتماعى دوراً شائكاً أيضاً فى تغيير نظرة الأسر إلى قيمة تكاليف الزواج والمغالاة بها، خاصة الفتيات والشباب، «أصبح كل الناس عايزين يقلدوا اللى بيشوفوه على السوشيال ميديا، غير تقليد الآخرين خاصة الأقارب والرغبة فى إن كل شخص عايز يكون هو الأفضل من المحيطين بيه من أفراد عائلته».

وبدوره لفت استشارى الطب النفسى، إلى أن المبالغة فى شراء كل ما يخص جهاز العروس، أمر لا داعى أو قيمة له، حيث إن أصل الزواج هو السكن والمودة والرحمة، والرحمة تعنى شراء العروسين ما يتناسب مع مستوياتهما وإمكاناتهما المادية فقط، وعدم إلقاء الأعباء على عاتق الطرف الآخر، وعدم النظر إلى حياة الآخرين والتقليد الأعمى فقط للمحيطين، مع التركيز على كيفية تسهيل الأمور على شريك الحياة لإتمام الزواج بشكل متحضر.

 

 


مواضيع متعلقة