طاحونة القمص مينا البراموسي.. «قِبلة المحبين» في زهراء مصر القديمة

كتب:  منى السعيد

طاحونة القمص مينا البراموسي.. «قِبلة المحبين» في زهراء مصر القديمة

طاحونة القمص مينا البراموسي.. «قِبلة المحبين» في زهراء مصر القديمة

52 عاماً مرت على نياحة البابا كيرلس السادس البطرك رقم 116 فى تاريخ بطاركة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، الذى رحل عنا فى التاسع من مارس عام 1971، لكن الآلاف يقومون بزيارة الطاحونة التى تقع فى منطقة زهراء مصر القديمة، سنوياً من المسلمين والمسيحيين بحثاً عن البركة، وللتحدث إلى رجل الصلاة، بتنظيم من شباب وشابات الكنيسة الذين يقومون بإدخال الزائرين أفواجاً.

وقال أسامة نادى، المتحدث الإعلامى باسم الطاحونة لـ«الوطن»: تبدأ قصة الطاحونة قبل السكن بها بنحو 3 سنوات، ففى عام 1933 طرق حسن فؤاد الذى كان يتقلد منصب مدير الآثار العربية ومعه مدير كلية اللاهوت بنيويورك باب قلاية القمص مينا فى دير البراموس، وتحدث معه عن الرهبنة المصرية وطقوسها وأسرارها، وتحدث عنها الراهب بطلاقة ومعرفة، جعلت مدير كلية اللاهوت مبهوراً برهبان مصر، وردد «حسن» جملته للقمص مينا «لقد رفعت رأس رهبان مصر».

بعدها قرر رئيس دير العذراء البراموس أن يوفد القمص مينا البراموسى للخدمة فى كنائس مصر القديمة، وخلال هذه الفترة قام رئيس الدير بطرد 7 من الرهبان لم يتم توضيح سبب طردهم، فقابلهم القمص مينا وحاول أن يهدئهم، وتحدث مع البابا يؤانس التاسع عشر عن مشكلتهم وتم حلها، وخلال زيارته لمنطقة جبل المقطم وقتها وكانت صحراء ومنطقة جبلية متعرجة، يسكنها اللصوص وقطاع الطرق، وبعيدة عن الأماكن السكنية، لفت نظره طواحين الهواء، التى كانت مصدر الطاقة وصنعها الفرنسيون خلال الفترة بين 1797 إلى 1801، وكان عددها أكثر من 50 طاحونة، وهى موجودة بلا فائدة.

ولأن القمص مينا البرموسى كان يبحث عن التوحد أى يعيش حياته الرهبانية وحيداً بعيداً عن البشر فقد أعجبه المكان وقرر الاستقرار فيه، فذهب إلى «حسن» وطلب منه أن يستأجر الطاحونة، وهو الأمر الذى قوبل بالموافقة الفورية، حتى إن العقد تم تحريره لفترة طويلة، ودفع «حسن» قيمة الإيجار من ماله الخاص، وكان يقدر بـ6 قروش شهرياً، وطلب من مفتش آثار المنطقة أن يزوره فى الجبل وأن يقضى احتياجاته، فشكره القمص مينا وتوجه إلى مكان سكنه الجديد.

الطاحونة عبارة عن بناء جيرى دائرى الشكل، قام القمص مينا بتجهيز الدور الأرضى ليكون مكان معيشته، فكان به دكة ليكتب وينام عليها -لا تزال موجودة حتى الآن- وزلعة يشرب منها الماء، أما الدور الثانى فقد حوّله لمذبح كنيسة يتسع لـ10 أشخاص كحد أقصى، وكان يصلى بها القداس الإلهى يومياً، فكان يستيقظ فى الثانية صباحاً ليبدأ صلاة نصف الليل، ثم التسبحة، ثم يخبز القربان ويرفع بخور باكر ثم يبدأ القداس الذى ينتهى فى الثامنة صباحاً.

وأضاف المتحدث الرسمى للطاحونة أنه فى هذه الفترة كان القمص مينا البراموسى مرتبطاً بالقديس مار مينا العجائبى فكان يأتى له الكثيرون من كل حدب وصوب طلباً للبركة والصلاة من أجلهم، ما جعل بعض اللصوص يشعرون بالخوف من جذب المزيد من الأنظار إلى منطقتهم، فذهبوا إلى الطاحونة وقاموا بمحاولة ضرب القديس على رأسه وأغمى عليه وعندما استيقظ كانت حالته الصحية أفضل فقد توقف نزيف رأسه.

قصة أخرى عن الطاحونة هى أن أحد الأشخاص ذهب للقمص مينا البراموسى فى الصباح الباكر، فوجد ذئباً يخرج من الطاحونة فشعر بالرعب وعندما حاول الاطمئنان على الراهب أخبره أنه بخير وأن الذئب صديق له يبقى معه أحياناً، وأن صداقته مع هذا الحيوان بدأت عندما كان يجلس فى الصحراء لنسخ بعض الكتب اللاهوتية والمخطوطات للرهبان، وكان بجانبه فنجان من القهوة، وعندما جاء هذا الذئب قام بلحس القهوة فأعجبته، فأصبح القمص مينا يصنع له فنجاناً من القهوة يومياً وأصبحا أصدقاء منذ ذلك الحين.

 عاش متوحدا بها 6 سنوات.. ودفع ثمن إيجارها رجل مسلم من جيبه الخاص

ومع بداية أربعينات القرن الماضى وبدء الحرب العالمية الثانية وبعد مرور 6 سنوات على وجود القمص مينا البراموسى فى الطاحونة طلبت السلطات منه أن يقوم بإخلاء المكان خوفاً من حدوث غارات جوية، ليغادرها فى 28 أكتوبر 1941، ويعود لخدمته فى كنائس مصر القديمة، وليؤسس كنيسة مارمينا العجائبى بزهراء مصر القديمة التى يشرف عليها دير القديس مارمينا حتى الآن، وظل بها حتى اختياره بطريركاً.

وبعد وفاة البابا كيرلس، وفى عام 1986 بدأ هدم طواحين الهواء الموجودة فى المقطم، فسارع دير مارمينا بشراء الطاحونة والأرض المحيطة بها، وتمت توسعة المنطقة لتتضمن عدة مبانٍ وكنيسة داخلها وقلالى للرهبان، تستوعب زوار البابا كيرلس فى عيد نياحته سنوياً، ويشرف على خدمتها رهبان من دير مارمينا فقط دون وجود كهنة، وتقدم خدمة طبية من خلال مستشفى خيرى وحضانة.

زارها البابا تواضروس الثاني فى 2015 لنيل البركة بعد الاعتراف به قديساً في جلسة المجمع المقدس للكنيسة القبطية

وزار الطاحونة البابا تواضروس الثانى البطرك 118 فى تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى 2015، لنيل بركة البابا كيرلس بعد أن تم الاعتراف به قديساً فى جلسة المجمع المقدس للكنيسة القبطية فى 20 يونيو 2013.


مواضيع متعلقة