الأنبا ديمتريوس يكتب: البابا كيرلس.. البطريرك الناسك

كتب: ماريان سعيد

الأنبا ديمتريوس يكتب: البابا كيرلس.. البطريرك الناسك

الأنبا ديمتريوس يكتب: البابا كيرلس.. البطريرك الناسك

 عندما خلا الكرسى البطريركى بنياحة البابا يوساب الثانى دبّرت العناية الإلهية اختيار الراهب القمص مينا المتوحد ليعتلى السدة المرقسية، فرأى الناس بطريركاً ناسكاً أعاد للكنيسة مجد القرون الأولى، وعرف شعب الكنيسة الصلوات الطقسية اليومية ابتداء من مزامير الغروب وتسبحة ورفع بخور عشية؛ ومزامير وتسبحة نصف الليل؛ وتسبحة ورفع بخور باكر والقداس الإلهى برئاسة البابا البطريرك.

كانت حياة قداسته عبارة عن صلاة.. فكان يحول أحاديثه إلى مزامير، وطلبات روحية، وعندما تتعرض الكنيسة لأى مشكلة فلم يكن لها حل آخر عنده سوى الصلاة، وكانت له الصداقة والعشرة القوية مع القديسين فعندما كانت تقدّم له مشكلات الشعب فتراه يحوّل المشاكل إلى المذبح.. مشكلة إلى مذبح أمنا العذراء؛ ومشكلة أخرى لمذبح مارمرقس، ومشكلة أخرى لمذبح مارمينا.. فتأتى الاستجابة السريعة، وتم الشعب ماذا يفعل وقت الضيقة وارتبطت الكنيسة على الأرض بكنيسة السماء. كما تبارك عهده بظهور أمنا العذراء فى كنيستها بالزيتون له.

البابا كيرلس والتعمير الكنسي

اهتم قداسته بتعمير الكنائس والأديرة كافة؛ ولاسيما دير الأنبا صموئيل المعترف الذى تبارك بإشراف قداسته قبل سيامته بطريركاً، وإنشاء وتعمير دير الشهيد مارمينا بصحراء مريوط؛ وقد أسس قداسته مدرسة التلمذة الرهباتية فكان أول تلميذ لقداسته (الشماس الخاص للبابا) هو المتنيح نيافة الحبر الجليل الأنبا مينا آفا مينا أسقف ورئيس دير مارمينا العجائبى بصحراء مريوط، ثم القمص رافائيل آفا ميناء ثم المتنيح الراهب متباس البراموسى.. فأحب الشباب الحياة الرهبانية وانتعشت الرهبنة فى مصر مرة أخرى.

مواهبه الروحية

أعطاه الله موهبة الشفافية الروحية، وإخراج الشياطين، وشفاء الأمراض فى حياته وبعد نياحته فما زال الله يعمل المعجزات بشفاعته حتى الآن وبوجوده فى أدق تفاصيل حياة أولاده.

البابا كيرلس الأب الحنون

كان قداسته أباً حنوناً باذلاً (قكنا نواه) محاطاً بالشعب يومياً فى البطرخانة. متباسطاً مع الأطفال معلماً للشبان مديراً ومرشداً ومباركاً للجميع. مهتماً بكل أحد فكانت له الشخصية الجاذبة للنفوس من فرط اتضاعه ومحبته وأبوته الحانية، فأعاد أبناء الكنيسة مرة أخرى إلى أحضانها، وكانت السماء تستجيب طلباته عن الشعب والكنيسة.

وأشكر الله فقد تمتعت منذ طفولتى ببركة وأبوة قداسته وكنت أحضر معه أنا وإخوتى لاسيما تاسونى أنجيل باسيلى (زوجة المتنيح القديس أبونا بيشوى كامل) الصلوات والتسبحة يومياً خلال وجوده بالإسكندرية، كما كنت أذهب إليه فى دير الشهيد العظيم مارمينا.

وعند مباركة قداسته لمدرسة المرقسية الإعدادية بالإسكندرية المملوكة لبطريركية الأقباط الأرثوذكس - وأنا فى الصف الأول الإعدادى تشرفت بالترحيب بقداسته بكلمة باللغة القبطية وقد شجعنى قداسته إذ كان محباً للغة القبطية، والصلاة بها.

رأيت فى قداسته غيرته الشديدة على الكنيسة والتزامه بتعاليمها وطقوسها، فترك أثراً وإرثاً عظيماً فى الحياة الروحية بالقدوة وليس بالكلام.

وأشكر الله أنى أخذت بركة توديعه وإلقاء النظرة الأخيرة بعد نياحته، كما عاينت استقبال جسد قداسته بعد عام من نياحته وذلك عند نقله من القاهرة لدير مارمينا بالإسكندرية كوصيته التى نفذها مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث وعاينت بعض الظواهر الروحية المصاحبة لهذ النقل.

فحقاً من يهرب من الكرامة تتبعه وترشد الناس إليه، فها هو البابا كيرلس الذى كان منهجه الاتضاع وإنكار الذات مردداً قوله: (كنت أود أن أعيش غريباً وأموت غريباً ولكن لتكن مشيئة الله) أصبح أباً لجميع الأقباط ليس فى مصر فقط وإنما فى العالم كله. واعترف المجمع المقدس لكنيستنا القبطية برئاسة قداسة البابا المعظم الأنبا تواضروس الثانى بقداسته فى 20 يونيو 2013.

بركة البابا كيرلس السادس تشملنا جميعاً بشفاعات أمنا العذراء القديسة مريم وطلبات كاروزنا الحبيب القديس مارمرقس الإنجيلى وبصلوات أبينا البابا المعظم الأنبا تواضروس الثانى آمين.

* مطران ملوى وأنصنا والأشمونين

ورئيس دير آفا فينى ودير البتول بملوى


مواضيع متعلقة