«أبوالحجاج».. سكن «الأقصر» نفاذاً لرؤيا منامية ودُفن بها على أطلال «معبد فرعوني» لرمسيس الثاني

كتب: سعيد حجازى

«أبوالحجاج».. سكن «الأقصر» نفاذاً لرؤيا منامية ودُفن بها على أطلال «معبد فرعوني» لرمسيس الثاني

«أبوالحجاج».. سكن «الأقصر» نفاذاً لرؤيا منامية ودُفن بها على أطلال «معبد فرعوني» لرمسيس الثاني

يصفه سادة الصوفية بأنه شيخ زمانه، قطب التصوف والولى الزاهد سيدى أبوالحجاج الأقصرى، صاحب المعارف المأثورة والمكاشفات المذكورة والمعارف الربانية، الزاهد الورع.

يرجع نسبه إلى الإمام الحسين بن على، فهو أبوالحجاج يوسف بن عبدالرحيم بن عَزى بن إسماعيل بن عبدالنصير بن محمد بن هاشم بن أحمد بن محمد بن محمد عز العرب بن صالح بن حسين بن جعفر بن محمد بن حسين بن محمد بن جعفر بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن على زين العابدين بن الحسين بن على بن أبى طالب الأقصرى القرشى الشاذلى.

«البصيلى»: له كلام عالٍ فى طريق أهل التصوف.. ومناقبه وكراماته مشهودة

يقول د. أحمد البصيلى، مدرس العقائد والأديان بالأزهر الشريف والباحث فى شئون التصوف، إن سيدى أبوالحجاج كان شيخَ الزمان، صاحب اللطائف السندسية، والأنوار، والتَّجلّيات، كان مشرفاً للديوان، ثم تجرَّدَ وصحبَ الأستاذ عبدالرازق الجازولى، وله كلامٌ عالٍ فى طريق القوم، ومناقبُه وكراماته مشهودة، وكان يقول «من رأيتموه يطلب الطريقَ فدلُّوه علينا، فإن كان صادقاً فعلينا وصولُه، وإن كان غافلاً طردناه وأبعدناه؛ لئلا يتلف علينا المُريدين، فإنه ما يصلُ إلى المحبوب من هو بغيره محجوب»، وله كراماتٌ، قد صنّف فيها بعضهم ما يشفى الغليلَ ويُبرئ العليل.

وأوضح أن سبب تسميته بالأقصرى هو مكوثه بالأقصر، حيث أقام واستقر بالأقصر حتى وفاته فى رجب سنة 642 هجرياً فى عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب عن عمر تخطى التسعين عاماً، ودُفن فى ضريح داخل مسجد سُمى باسمه بُنى فوق أطلال معبد الأقصر، وضريحه تُحطُّ عن زائريه الأوزار، وتشدُّ إليه الرحال من عموم الأقطار. وحسب «البصيلى»، فقد خلّفَ الإمام الأقصرى تلامذة أخياراً، وكان لأبى الحجاج مجلس علم يقصده الناس من كل مكان، وقد ترك تراثاً علمياً، من أشهره منظومته الشعرية فى علم التوحيد، التى تقع فى 99 باباً وتتكون من 1333 بيتاً من الشعر.

وُلد الإمام الأقصرى فى أوائل القرن السادس الهجرى ببغداد فى عهد الخليفة العباسى المقتفى لأمر الله، لأسرة كريمة ميسورة الحال، عُرفت بالتقوى والصلاح، وكان والده صاحب منصب كبير فى الدولة العباسية. حفظ القرآن الكريم فى سن الصغر، وكان يحاول جاهداً البحث المتكرّر عن الثقافة الدينية، ووصل فيها إلى مرتبة عالية. وعمل الإمام فى غزل الصوف والحياكة فى بغداد، عقب وفاة والده، ومع ذلك ظل يتردّد على حلقات الوعظ والدروس التى كان يعقدها شيوخ التصوف، حيث امتلك سعة فى العلم، فأصبح واعظاً دينياً فى بغداد، وكان يمتاز بقوة التأثير على مستمعيه، حتى جذب الكثير من المريدين والأحباب.

خلّفَ الإمام الأقصرى تلامذة أخياراً.. وكان له مجلس علم يقصده الناس من كل مكان

وظل الإمام فى العراق حتى بلغ الـ40 عاماً، بعد أن تعلم ودرس الفقه والتصوف، ففكر فى الرحيل إلى أماكن أخرى ليتعرّف على مدارس الفكر الإسلامى المختلفة، خاصة أن وجه الحياة قد تغير بالعراق فى الفترة من 575 إلى 622 هجرياً، حيث تعرضت البلاد لفتنة طائفية، فتوجه أبوالحجاج إلى المغرب، ولبث هناك قرابة عامين وأشهر قليلة، وهناك تأثر به الكثير من الدارسين للعلوم الدينية، ثم غادر المغرب إلى الجزيرة العربية، واستقر هناك لنحو 10 أشهر فى المدينة المنورة.

اتجه «أبوالحجاج»، بصحبة أولاده والمرافقين له من المدينة المنورة إلى مصر ودخلها عن طريق شرق الدلتا، ونزل بالمنصورة، ثم سافر إلى محافظة الإسكندرية، ولم يستقر كثيراً، ثم رأى فى منامه أن يذهب إلى منطقة اسمها الأقصر، فسافر إلى هناك واستقر فيها، ليؤدى دوره فى الدعوة من أجل رسالة التوحيد والجهاد من أجل الحق والفضيلة.

وأشرف «أبوالحجاج» على الديوان فى عهد أبى الفتح عماد الدين عثمان ابن الناصر صلاح الدين الأيوبى، ثم ترك العمل الرسمى وتفرّغ للعلم والزهد والعبادة، وسافر إلى الإسكندرية، فالتقى أعلام الصوفية فيها، خاصة أتباع الطريقتين الشاذلية والرفاعية، وتتلمذ على يد الشيخ عبدالرازق الجازولى، وأصبح أقرب تلاميذه ومريديه.

وضريحه مقام بين أعمدة وجدران الجزء العلوى لمدخل معبد الأقصر الأثرى، الذى شيّده الملك الفرعونى رمسيس الثانى.


مواضيع متعلقة